الحكومة التونسية تصارع تآكل حزامها السياسي والحزبي بقلم: الجمعي قاسمي

  • 2/5/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الحكومة التونسية تصارع تآكل حزامها السياسي والحزبيناقش المجلس الوطني لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي خلال نهاية الأسبوع مسألة بقائه في حكومة الوحدة الوطنية من عدمه. ويرى متابعون للمشهد السياسي التونسي أن الحزب يعيش مناخا متوترا إذ أكد الأمين العام للمسار ووزير الزراعة سمير بالطيب أن حزبه لن ينسحب من الحكومة، وفي المقابل لم يستبعد المنسق العام للحزب جنيدي عبدالجواد خيار الانسحاب. وتتزامن محاولة المسار حسم هذه المسألة مع فقدان حكومة يوسف الشاهد أحزابا كانت من بين الحزام السياسي الداعم لها.العرب الجمعي قاسمي [نُشر في 2018/02/05، العدد: 10891، ص(4)]حسم الموقف صعب تونس - لا تُخفي الحكومة التونسية الحالية برئاسة يوسف الشاهد صراعها المتواصل مع تآكل حزامها السياسي والحزبي الذي تحول إلى ما يُشبه الاستنزاف الحقيقي لجهودها حتى فقدت تدريجيا هويتها التي على أساسها تشكلت، أي حكومة “وحدة وطنية”، لتُصبح حكومة ائتلاف ثلاثة أحزاب وعدد من المستقلين. ولا يبدو أن هذا الاستنزاف الذي بدأ بانسحاب الحزب الجمهوري منها، ثم تلاه انسحاب حزب آفاق من صفوفها، سيتوقف قريبا، بالنظر إلى التطورات التي تتفاعل داخل حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي في علاقة بمسألة البقاء في الحكومة أو الانسحاب منها. وتعكس تلك التطورات مناخا سياسيا متوترا داخل هذا الحزب الذي يستمد ماضيه من الحزب الشيوعي التونسي، وعلى مستوى الحكومة باعتبار أن الأمين العام للحزب سمير بالطيب يتولى حاليا حقيبة الفلاحة في حكومة يوسف الشاهد. ورغم أن سمير بالطيب سبق له أن أعلن أن حزبه لن ينسحب من الحكومة، فإن المنسق العام للحزب جنيدي عبدالجواد لم يستبعد هذا الانسحاب، وأبقى القرار بيد المجلس الوطني للحزب الذي بدأ السبت اجتماعا ليومين لحسم هذه المسألة. وقال جنيدي عبدالجواد في تصريحات سابقة “يُمكن أن نغادر الحكومة إذا رأى المجلس المركزي أنه يجب أن نغادر”، وذلك في الوقت الذي تُشير فيه المعطيات من داخل أعمال المجلس المركزي لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي إلى تضارب المواقف وسط خلافات حادة يُنتظر أن تُحسم باللجوء إلى التصويت. ويتصارع داخل هذا الحزب جناحان الأول يتمسك بالبقاء في الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، بينما يدعو الثاني إلى الخروج منها لأنها أصبحت “رهينة لدى حركتي النهضة الإسلامية ونداء تونس”. ويتزعم الجناح الأول الأمين العام سمير بالطيب الذي لا يتوقف عن الحديث عن نجاحات الحكومة في عدة مجالات، في حين يتزعم الجناح الثاني المنسق العام للحزب جنيدي عبدالجواد الذي يرى أن إرادة الحكومة “مُكبلة من حركتي النهضة والنداء اللتين تُهيمنان على الحكومة والحكم في البلاد”. ويتمسك سمير بالطيب المدعوم من بعض القيادات الحزبية مثل هشام سكيك وسليم بن عرفة، بضرورة البقاء في الحكومة ودعم جهودها في مجالات الإصلاح والحرب على الفساد، وبالتالي مساندتها لغاية الانتهاء من الانتخابات البلدية (المحلية) المُقرر تنظيمها في السادس من مايو المُقبل.ميزان القوى داخل المجلس المركزي يميل لصالح جناح الأمين العام، ما دفع عبدالجواد إلى التلويح باستقالة جماعية وفي المقابل، يُصر جنيدي عبدالجواد ومعه بعض الوجوه التاريخية في الحزب، مثل الجيلاني بوسلامة وخالد الشاهد، على أهمية الانسحاب من الحكومة الآن، وبالتالي حسم موقف الحزب الذي بدا متأرجحا بين الحكومة والائتلاف الحزبي الجديد “الاتحاد المدني”. ويرى عبدالجواد ومن معه أن الحكومة الحالية لم تعد حكومة وحدة وطنية وإنما هي حكومة النهضة والنداء، وقد حادت عن أهدافها ولم تُفلح في تحقيق أولوياتها، وبالتالي يتعين الخروج منها. ويذهب هذا الجناح إلى أبعد من ذلك، حيث يؤكد أنه لا يعقل أن يبقى حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي في الحكومة الحالية، والحال أنه انضم إلى “الاتحاد المدني” الذي يتشكل من أحزاب معارضة للحكومة وتوجهاتها. لكن وجاهة هذا الموقف تصطدم بإصرار الأمين العام سمير بالطيب ومن معه على البقاء في الحكومة، حيث أكدت مصادر مقربة من هذا الحزب لـ”العرب”، أن ميزان القوى داخل المجلس المركزي يميل لصالح جناح الأمين العام، وهو ما دفع بجنيدي عبدالجواد إلى التلويح بـ”استقالة جماعية” من الحزب. وبحسب مصادر “العرب”، فإن هذا التلويح خلق مناخا متوترا تسبب في تأجيل عملية التصويت، إلى حين التوصل إلى تفاهمات تقي الحزب خطر الانقسام في هذه الفترة الدقيقة ارتباطا بالاستحقاق الانتخابي المُرتقب. وعلى وقع هذه التجاذبات الحادة داخل حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، تنظر الدوائر المحيطة بالحكومة بالكثير من القلق إلى تداعيات تلك التجاذبات على تماسك ما تبقى من الحزام السياسي والحزبي الداعم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد. وغذى هذا القلق المخاوف التي تصاعدت من اختلال التوازنات داخل الحكومة وانعكاساته على عملها، خاصة وأن رئيس الحكومة يوسف الشاهد سبق له أن أقر في بداية الشهر الجاري بأن الحزام السياسي المُحيط به والداعم له غير كاف. وكان الحزام السياسي لحكومة يوسف الشاهد قد بدأ عند تشكيلها بخمسة أحزاب هي حركة نداء تونس (58 نائبا) وحركة النهضة الإسلامية (69 نائبا) وحزب آفاق تونس(10 نواب) والحزب الجمهوري (نائب واحد) وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (غير مُمثل في البرلمان). غير أن هذا الحزام تآكل بسبب انسحاب الحزب الجمهوري منه في نوفمبر الماضي، ثم انسحاب حزب آفاق في بداية الشهر الماضي، ليجد يوسف الشاهد نفسه في حكومة تُسيطر عليها حركتا نداء تونس والنهضة الإسلامية.

مشاركة :