«مذكرات بحار».. ليلة كويتية أصيلة

  • 10/10/2017
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

كانت رائعة تلك الأمسية التي افتتح بها مركز جابر الثقافي أعماله لهذا الموسم، لقد أحسن القائمون عليه اختيار «مذكرات بحار» ليكون هو البداية، والأجمل من ذلك أيضاً أن تترافق مع الجملة التي قالها المغفور له الأمير الشيخ جابر الأحمد «من هنا نبدأ». ليلة كويتية أصيلة عشناها معاً، ومن خلال عروض باهرة رسم فيها المخرج يعرب بورحمة 12 لوحة في غاية الجمال، أولها موال «حديث السندباد»، وصوت يصدح بعدها «يا ليل دانه دانه»، ثم يأخذك إلى عالم البحر «يا مال يا مال» ويختمها بلوحة «فرحة العودة».. أعادتنا الأمسية إلى ذاك الزمن الذي واجه فيه أهلنا أهوال البحار، وفي عرض جديد وبأدوات فنية متطورة تجعلك، وأنت تشاهد الاستعراض، تستحضر ما سمعته في ذاكرتك وما سمعته من أجدادك وآبائك عن مهنة الغوص والموت والغرق، وكيف استطاع البحار الكويتي أن يغوص ويواجه ويتحدى الصعاب ليصل إلى مبتغاه، حيث «اللؤلؤة». يجمع الكثير من النقاد على أن «مذكرات بحار» تعد من أفضل أعمال الشاعر محمد الفايز، كانت وما زالت من الأعمال الإبداعية، فالقصيدة تملك سحراً وجاذبية بحكم الموضوع الذي تتناوله والمشاهد الإنسانية التي تتخللها وتصوير أهل البحر، وهم يسعون وراء لقمة العيش، لا سيما تلك البداية من القصيدة: أركبت مثلي «البوم» و«السنبوك» و«الشوعي» الكبير.. أرفعت أشرعة أمام الريح في الليل الضرير ينتابك شعور بالزهو والفرح في إطلالة «شادي الخليج» مع كوكبة من الشباب الكويتيين، هم مكملون للإبداع، فهؤلاء أضافوا الشيء الكثير، وأعتقد أنهم يستحقون هذه الفرصة ليكونوا جزءاً من الإبداع.. هذا العملاق الذي وقف له الجمهور تحية وتقديراً أكثر من أربع مرات أثناء عرض لوحة «اللؤلؤ»، هي بمنزلة استجابة عفوية لهامة كبيرة في العتاد المسرحي والاستعراضي ندعو له بالصحة، ونهنئه بوجوده بيننا، فقد أدى عملاً خالداً، وأعاد لي ذكريات معه عندما تعرفت عليه في السبعينات قبل أن أذهب للدراسة في مصر، وكان في حينها رئيساً لجمعية الفنانين، يوم فتحوا باب التبرع للعمل الفدائي الفلسطيني، وكنت أنا في الهلال الأحمر الكويتي، ثم التقينا عددا من المرات. هذا الرجل كان صدى لأحداث الكويت الوطنية والقومية، فأغانيه توثيق حي للوجع والفرح والمناسبات الوطنية، ينقلك بصوته إلى أجواء من العز والعنفوان والمشاعر الدافئة، له تاريخ طويل من المساهمة برفع مستوى الموسيقى بكونه تولى لفترة «موجه فني عام» للتربية الموسيقية في الوزارة، وأحد مؤسِّسي جمعية الفنانين.. نذكر هنا أن أول أغنية عرفها الجمهور باسمه الجديد «شادي الخليج» كانت «لي خليل حسين» عام 1960. كان المشهد يتكلم عن نفسه بذاك الحضور من الوزراء وأهل السياسة والفن والإعلام، رأيت وجوها أعتز بها، ذاك الوجه الذي تربطني به علاقة حميمة، الأخت الفاضلة فاطمة حسين، لا سيما دورها أيام الغزو، ودور زوجها الراحل، رحمة الله عليه. إذا قلنا إنها كانت بهجة وطنية وتحفة فنية، نكون نطقنا بالحقيقة.. من الأعماق نقول للقائمين على هذا المركز أكثروا من هذه الأعمال الإبداعية وأعيدوا لنا اسم الكويت الجميل.   د. إبراهيم بهبهانيebraheem26.combabhani26@

مشاركة :