الانقطاع الإعلامي بين البلدان المغاربية هو أحد الأسباب الأساسية التي كرّست ولا تزال تكرّس العزلة الثقافية في الفضاء المغاربي.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/10/13، العدد: 10780، ص(15)] يعدّ غياب التبادل الثقافي بين دول المنطقة المغاربية من الظواهر الخطيرة التي نعاني منها على مدى سنوات طويلة، وهو الأمر الذي حال ولا يزال يحول دون بروز حياة ثقافية مغاربية خصبة ومشتركة وفاعلة وقوية وعابرة للحدود السياسية الفولاذية. بسبب هذا الوضع غير الصحي فإننا نجد مواطنينا المغاربيين يجهلون جهلا تاما الإنتاج الثقافي الذي ينتج في بلدانهم، حيث يعدّ هذا الوضع السلبي مناقضا حتى لمضامين الاتفاقيات المبرمة بين الدول المغاربية، سواء على المستوى الثنائي أو في إطار الاتحاد المغاربي العام. وفي الحقيقة فإنّ الانقطاع الثقافي بين البلدان المغاربية يتعمّق ويستفحل باستمرار، ولا يبدو في الأفق أي تغيير في هذا المجال حتى يومنا هذا. عمليا فإن الذي يتحمّل مسؤولية تجميد التبادل والتكامل الثقافيين في الفضاء المغاربي هم المسؤولون السياسيون على الشأن الثقافي في الدول المغاربية والمثقفون المنتجون ودور النشر واتحاد الناشرين المغاربيين واتحادات الكتّاب والملحقيات الثقافية التابعة للسفارات المغاربية، وكذلك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. لا بد من الاعتراف أولا أن الانقطاع الإعلامي بين البلدان المغاربية هو أحد الأسباب الأساسية التي كرّست ولا تزال تكرّس العزلة الثقافية في الفضاء المغاربي، ويتمثّل هذا في عدم توزيع المطبوعات الثقافية والصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والشهرية التي تصدر في كل قطر مغاربي، وذلك جرّاء تبعية المنابر الإعلامية لوصاية الحكومات والأنظمة السياسية. ويلاحظ أيضا أن اتحادات الكتّاب في البلدان المغاربية، قد فشلت في تجاوز سلبيات مخلّفات المنطق السياسي القطري، علما أنه لا توجد في الواقع قوانين مفروضة بالقوة من طرف الأنظمة السياسية المغاربية تمنع هذه الاتحادات من العمل الثقافي والأدبي والفكري المشترك، أو تمنعها من إنشاء التنظيمات الثقافية الموحدة مثل اتحاد عام للكتّاب والأدباء المغاربيين. لا شك أن تشرذم اتحادات الكتّاب والجمعيات الثقافية المغاربية هو أحد العوامل التي تعطل التواصل والحوار الثقافي الأدبي والفكري في المنطقة المغاربية وتحرم بالتالي مواطني ومواطنات هذه المنطقة من التفاعل الخصب مع الإنتاج المغاربي الثقافي بكل تنوعاته. من الملاحظ هو أن دور النشر التابعة للقطاع الخاص في الفضاء المغاربي لا تملك حتى الآن استراتيجية واضحة بموجبها يمكن توصيل الإنتاج الأدبي والفكري والفني إلى المواطنين المغاربيين قصد التعريف به لديهم ومن أجل خلق تقاليد التفاعل الثقافي المغاربي المستمر في حياتهم اليومية. هناك عامل آخر لا يقل سلبية عن العوامل المذكورة آنفا وهو انعدام التكامل في منظومة التعليم في المنطقة المغاربية، وقد أدى هذا ولا يزال يؤدي إلى استبعاد تدريس الإنتاج الثقافي المغاربي لطلابنا في التعليم الابتدائي والتكميلي والثانوي. كاتب جزائريأزراج عمر
مشاركة :