لا كل ما يريده ترامب يدركه بقلم: علي السوداني

  • 10/14/2017
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

المشهد الآن يبدو مختلفا تماما، فليس كل ما تشتهيه أميركا تدركه والريح تجري بما لا تريده سفنها ومواسم حصادها وجرائمها وفظائعها الكونية. العرب علي السوداني [نُشر في 2017/10/14، العدد: 10781، ص(24)] ما يحدث على شاشات التلفزيونات وصدور الجرائد، ليس بالضرورة هو نفسه الذي يُطبخ داخل الغرف التي لم تعد مغلقة، والطاولات التي صارت كلها مستديرة دلالة الحميمية، ويبدو أنّ روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي الذي تمّ تحطيمه على يد أميركا، قد نجحت في نصب الكثير من المشانق والفخاخ لأبناء العم سام وحان أوان ضحكتها المشتهاة. قبل نحو نصف قرن وصف الزعيم الصيني ماو تسي تونغ أميركا بأنها دولة من ورق، وقد فسّر هذا القول المبين يومها بأنه جزء من الدعاية النفسية الملهمة حيث كانت الولايات المتحدة في ذروة عظمتها وجبروتها الكوني، وكانت الحرب الباردة والساخنة بحروب الإنابة مشتعلة بين الفريقين الاشتراكي والرأسمالي، والتي انتهت في نهاية ثمانينات القرن البائد بسقوط الاتحاد السوفيتي وتوابعه بالسكتة الدماغية المباغتة. يبدو المشهد الآن مختلفا تماما، فليس كل ما تشتهيه أميركا تدركه والريح تجري بما لا تريده سفنها ومواسم حصادها وجرائمها وفظائعها الكونية، ونغمة ترامب ما قبل الكرسي البيضاوي وأيام الدعاية الانتخابية تعود بقوة وجلجلة عظمى لكن ليس من طحن ولا طحين. الدمى المتحركة لم تعد كذلك وخيوط اللعبة قد انزلقت من بين يديها، ففي اليوم الذي تفرض فيه حظرا على رعية آل عثمان إليها، ترد أنقرة في اليوم التالي بالمثل وتضيف فوقه اعتقال دبلوماسيين أميركيين يفترض أنهما تحت الحماية الدبلوماسية. تطفئ الملف مؤقتا وتشعل ملفا آخر بتلويحها الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ورسم اسم الحرس الثوري على سبورة الإرهاب، فترد طهران بعرض ضخم لصواريخها وبوابات مفاعلاتها النووية التي تكاد تخيم بباب القنبلة العملاقة الماحقة. تهبط صوب عمق المياه الدافئة اللذيذة وتلعب مع دول الخليج العربي لعبة العصا والجزرة فيرد الخليج ردا عمليا ويذهب صوب موسكو وبكين ولندن وباريس بصفقات نفط وسلاح وتجارة دسمة ما كان الأميركان يحسبونها حتى في أسوأ خيالاتهم. تنفش ريشاتها الذابلات بوجه كوريا الشمالية ورئيسها العصبي، فلا ترى سوى الأسنان النووية المرعبة فتضع ذيلها بين فخذيها وتهرب من حيث بدأت. تحاول تجميل المنظر بمجد كرة القدم فتخسر على يد بنما وهندوراس وتغيب عن بهجة الظهور بنهائيات موسكو المنعشة. تغير رشق الورق بسوريا فتخرج عليها أياد كثيرات ترفرف بورق لا شك في فوزه. تدير العين نحو أوروبا فتجدها قارة تمشي على عكّاز. أنا أرى وأنتم ترون وبيننا أيام الهبوط الأميركي الكبير. علي السوداني

مشاركة :