تحت الرعاية الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، افتتح معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية فعاليات المؤتمر التأسيسي للتحالف العالمي للأراضي الجافة، صباح أمس، بفندق شيراتون الدوحة، حضر الافتتاح عدد من أصحاب السعادة الوزراء، وممثلي الدول الأعضاء والخبراء والمختصين، ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى الدولة وضيوف البلاد، وبمشاركة خمس منظمات دولية وإقليمية.وشارك في المؤتمر التأسيسي وفود من 18 دولة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء ووسط وشرق القارة الآسيوية، وأميركا الجنوبية إلى جانب خمس من المنظمات الدولية، كما تم توقيع المعاهدة التأسيسية للمنظمة الدولية الجديدة التي سيكون مقرها في الدوحة، وبدأت أعمال المؤتمر بكلمات افتتاحية أعقبها لقاء ممثلي الدول الأعضاء بالمنظمة، ومن مؤتمر صحافي لعدد من ممثلي التحالف. في افتتاحية المؤتمر ألقى معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية كلمةً أكد فيها أن الأمن الغذائي يحتل الصدارة في سياسات الدول وفي برامج المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالتنمية، وأضاف معاليه أن «من أصل سبعة عشر هدفاً للتنمية المستدامة تبنتها الأمم المتحدة سنة 2015 هناك عشرة أهداف على الأقل ذات صلة بالأمن الغذائي يتطلع العالم إلى تحقيقها بحلول العام 2030، وأنه على الرغم من هذا الوعي الدولي المتزايد، والذي تجسد من بين أمور أخرى في أهداف الألفية للتنمية وأهداف التنمية المستدامة، لا يزال هناك مئات الملايين من الناس يعانون ويعيشون أوضاعاً مأساوية بسبب انعدام الأمن الغذائي والعجز في مواجهة الكوارث الطبيعية «. وأشار معاليه إلى أن الخبراء يتوقعون في هذا المجال ارتفاعاً في وتيرة الكوارث الطبيعية المؤدية إلى الجفاف والتصحر، وانخفاضاً في جودة وتوافر المياه في المناطق القاحلة، بالإضافة إلى تدهور مستمر في جودة الأراضي الزراعية والمؤدية إلى انخفاض الإنتاج الغذائي. وأكد معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ضرورة النظر إلى معالجة تدهور الأراضي والجفاف والتصحر، باعتبارها أموراً ذات أولوية في إطار العديد من التحديات العالمية. وأشار معاليه في هذا السياق إلى أن هذه الأوضاع تزداد تعقيداً بالنسبة لأكثر من خمسين دولة تصنفها الأمم المتحدة دولاً ذات أراضٍ جافة، يعيش فيها أكثر من ثلث سكان العالم، وفي ظروف تتسم بشح الموارد المائية، وتدهور المساحات الصالحة للزراعة، وانتشار الفقر والمجاعة، وأن هذه الأمور تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وإلى الهجرة والتشرد وفقدان الأمل في الأوطان، وتجعل الدول الفقيرة تدخل في دوامة الاعتماد على المساعدات الإنسانية والمعونات. كما لفت معاليه إلى أن هذه التحديات المشتركة تفرض البحث عن حلول مشتركة ومستدامة، تضمن للجميع، وفي كل الأوقات، الحصول على الغذاء الكافي والضروري من أجل حياة طبيعية وصحية، وأكد معاليه أن دولة قطر تولي أهمية قصوى لتحقيق الحماية البيئية وتنويع مصادر الغذاء كخيار استراتيجي ضمن رؤية قطر الوطنية 2030 واستراتيجيتها الوطنية، وشدد معاليه على أن مكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف يمكن أن يساهم في مواجهة العديد من التحديات العالمية، لافتاً إلى صعوبة التكيف مع تغير المناخ أو التخفيف من آثاره، دون اللجوء إلى الإدارة المستدامة للأراضي. وأضاف معاليه: «انسجاماً مع التزام دولة قطر كشريك فاعل في المجتمع الدولي، جاءت مبادرة سيدي حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، حفظه الله، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة (68) في شهر سبتمبر 2014، بشأن (إنشاء تحالف عالمي للأراضي الجافة). وأشار معالي رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية إلى أن صاحب السمو، حفظه الله، قد وجه بالتنسيق والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية لجعل هذا التحالف منظمة دولية مختصة في ضمان الأمن الغذائي، لأكثر من ثلاثة مليارات شخص يعيشون في الأراضي الجافة المنتشرة في أكثر من خمسين دولة حول العالم. وتابع معاليه «إن قناعتنا كبيرة بالضرورة الملحة لإنشاء وإنجاح هذا التحالف، ومن هذا المنطلق يسرني أن أعلن قيام دولة قطر بالتكفل بالميزانية التشغيلية للتحالف خلال السنتين القادمتين، وتكاليف احتضان المقر الرئيسي للمنظمة في الدوحة»، كما دعا معاليه المجتمع الدولي -دوله ومؤسساته- لدعم هذا التحالف والمساهمة في صندوقه الائتماني لضمان استمراريته وضمان قدرته على العطاء لما فيه الخير لجميع البشر. وزير البلدية: تطوير نظم الزراعة والري باستخدام تقنيات حديثة قال سعادة السيد محمد بن عبدالله الرميحي وزير البلدية والبيئة إن التحالف أُطلق بمبادرة كريمة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى؛ أمام الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (24 سبتمبر 2013)، بهدف تأسيس تحالف عالمي من الدول التي تواجه تحديات الجفاف، وانعدام الأمن الغذائي، والنقص في المياه، والآثار البيئية والاقتصادية السلبية للتغير المناخي. وأضاف سعادته أن التحالف العالمي الوليد يوفر الأرضية المناسبة للتبادل المعرفي والمعلومات والتنسيق لمواجهة هذه التحديات، وكذلك التعاون في تطوير نظم الزراعة والري، وتوفير الأمن الغذائي للإنسان، وزيادة الموارد المائية اللازمة لزيادة الرقعة الزراعية في الدول والمناطق التي تعاني من شح المياه والزراعة، والبحث عن مصادر مائية جوفية، أو استخدام تقنيات الاستمطار الحديثة، وتقنيات تحلية المياه، أو غير ذلك من تقنيات متطورة؛ لزيادة مصادر المياه. وأشار سعادته إلى ما تعانيه دول الأراضي الجافة من النقص في موارد المياه والمنتجات الزراعية والمحاصيل، وما ينجم عنه من إلحاق ضرر بليغ على صعيد تحقيق الأمن الغذائي، وانتشار الفقر والمجاعة في كثير من أقاليم ومناطق العالم، بما في ذلك منطقة دول الخليج العربية؛ التي عانت في السابق من آثار الجفاف. وأوضح سعادته أن المجاعة والفقر يقودان إلى أزمات إنسانية حقيقية؛ وفناء للزرع والحيوانات، ما يهدد بفناء البشر في كثير من مناطق العالم، كما شهد العالم ما نجم عنها من اضطرابات داخل الدول، ونزاعات دولية إقليمية. وقال سعادة وزير البلدية والبيئة إن دولة قطر قد بادرت بالدعوة لإقامة هذا التحالف الذي يساعد الدول على التنسيق والتعاون وحشد قواها لإيجاد الحلول ووضع الخطط، لمواجهة هذا التحدي الكبير الذي يواجه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء. وأضاف أن التحالف يوفر لهذه الدول الحصول على التكنولوجيا المتطورة، وتوفير المياه، وزيادة الرقعة الخضراء، وتوفير الغذاء بأساليب تقنية مبتكرة وتمويل مبتكر. وتابع سعادته قائلاً: إن تأسيس التحالف والاتفاقية التي ستوقع اليوم في الدوحة لإعلان انطلاقته الرسمية وبحضور دولي معتبر يضم 18 دولة و5 منظمات دولية، ستعلن عن انضمام التحالف الجديد إلى مجموعة المنظمات المعترف بها دولياً، مما يوفر له الحصول على المساعدات من قبل الأمم المتحدة والمنظمات المالية الدولية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وغير ذلك من المنظمات الدولية المعنية. واختتم سعادته بالقول إن استضافة الدوحة لهذا المؤتمر التأسيسي اليوم قد جرى التخطيط له وبتأنٍ منذ فترة، وانعقاده في الدوحة اليوم يدلل -مرة أخرى- على مدى التقدير والاحترام الذي تحظى به دولة قطر على الصعيد العالمي، ويؤكد على أن الحصار المفروض على دولة قطر عملية فاشلة؛ لم تمنع الدول من الحضور والمشاركة في هذا الحدث المهم والعالمي، وذلك برغم الضغوط التي مورست على عدد من الدول المشاركة. وأشار إلى أن دولة قطر ستكون المقر لهذه المنظمة الوليدة بموافقة 18 دولة عضواً. الدفع: تحولات بالنظام الغذائي العالمي خلال العقود المقبلة ذكر سعادة السفير بدر بن عمر الدفع المدير التنفيذي في المؤتمر التأسيسي للتحالف العالمي للأراضي الجافة: أنه «منذ قيام البشرية، ظل البحث عن الأمن الغذائي الهاجس الأول للإنسان، باعتباره أساس استمرار الحياة وتعمير الأرض، وقد أخبرنا القرآن الكريم في سورة (يوسف)، والكتاب المقدس في سفر التكوين (الإصحاح 41) كيف كان التفكيرُ في الأمن الغذائي الشغلَ الشاغلَ للناس قبل آلاف السنين، وكيف وضعوا في تلك الفترة ما يمكن وصفه بأول خطة لتخزين وترشيد استهلاك الغذاء». وتابع: «لقد مرت على هذه القصة عشرات القرون، ولا يزال الأمن الغذائي التحدي الأكبر للإنسانية، إننا في عصر يزداد فيه عددُ سكان العالم بحوالي 200 ألف شخص يومياً، ويشهد تغيرات مناخية متلاحقة، وقد اختفى نصف الغابات التي كانت موجودة على كوكبنا، وتضاءلت موارد المياه الجوفية بسرعة مذهلة، وسوف يزداد الضغط تحت تأثير حاجة العالم لزيادة إنتاجه الزراعي الحالي بنسبة 70 %، حتى يضمن إطعام أكثر من تسعة بلايين شخص بحلول العام 2050». وأوضح أن التوقعات تشير إلى أن العالم سيعرف في العقود الثلاثة المقبلة مزيداً من التحول في نظامه الغذائي، من التركيز على الحبوب والمحاصيل إلى استهلاك كبير للحوم والخضراوات والفواكه، وإن هذه التحديات أكثر حدة وخطورة في الدول ذات الأراضي الجافة، وأغلبها دول نامية ومحدودة الوسائل، ومعرضة أكثر من غيرها لمخاطر الجوع وانتشار الأوبئة، وإن إنشاء التحالف العالمي للأراضي الجافة، هو استجابة لحاجة دولنا إلى تطوير ﻣﺒﺎدﺭات ﺗﻀﺎﻣﻨﻴﺔ ﺗﺘﻼءﻡ ﻣﻊ أولوياتها، وتضع آﻟﻴﺎت ﻟﻠﺘﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻤبتكر ﻟﺑﺮﺍمجها ﻭﻣﺸﺎﺭيعها، وتعمم الاستفادة من ﺍﻻﺑﺘكارات التكنولوجية وﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ والتطبيقات ﺍﻟﻤﺜﻠﻰ لتعزيز أمنها الغذائي. وتابع: «اسمحوا لي في هذا المقام وباسمكم جميعاً أن أتقدم بجزيل الشكر ووافر الامتنان إلى حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر حفظه الله على رؤيته الثاقبة في الدعوة لإنشاء هذا التحالف، وعلى رعاية ومتابعة سموه لهذا المشروع، وموضحاً: أن صاحب السمو وجَّه بالحرص على توسيع نطاق التنسيق والتشاور مع جميع الأطراف المعنية والمهتمة بالأمن الغذائي من دول ومنظمات دولية وإقليمية ومراكز أبحاث رائدة، كما وجه سموه -حفظه الله- بأن يكون التحالف مكملاً لجهود المنظمات الدولية ذات الصلة بالأمن الغذائي، وليس منافساً لها أو مكرراً لما تقوم به». وفي نهاية كلمته سعادة السفير «الدفع» بالشكر والتقدير إلى معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على الدعم المالي والمؤسسي الذي قدمته حكومة دولة قطر، ووعدت بتعزيزه في المستقبل. توقيع المعاهدة التأسيسية عقب الجلسة الافتتاحية، شهد معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني -رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية- مراسم توقيع رؤساء وفود الدول المشاركة في المؤتمر على المعاهدة التأسيسية للتحالف العالمي للأراضي الجافة، وجاء توقيع الدول الأعضاء بهدف مواجهة مخاطر تغير المناخ في العالم والنمو السكاني والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية. ويجدر بالذكر أن التحالف العالمي للأراضي الجافة مبادرة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى -حفظه الله- لتأسيس منظمة دولية في مواجهة النتائج المترتبة على انعدام الأمن الغذائي، والآثار البيئية والاقتصادية السلبية للتغير المناخي. الحساوي: التحالف قادر على المواجهة نوه المهندس فيصل الحساوي، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بدولة الكويت الشقيقة، بمبادرة دولة قطر بإنشاء التحالف العالمي للأراضي الجافة وعقد مؤتمره التأسيسي بالدوحة مساء أمس، وقال في تصريحات صحافية: «إن من شأن التحالف وبتعاون جميع أعضائه وإدراكهم لمخاطر نقص الغذاء والتغيرات المناخية، مواجهة التحديات ذات الصلة وتحقيق أهدافه التي أنشئ من أجلها، لا سيما من ناحية الاستثمار الزراعي والأمن الغذائي، ودولة الكويت ظلت باستمرار سباقة في دعمها لكل المنظمات والمبادرات التي تسهم في مواجهة هذه التحديات وتوفير الغذاء والأمن الغذائي باعتبارها تحديات مشتركة». وأشار الحساوي إلى أن المجلس التنفيذي للتحالف سيعقد اجتماعاً خلال شهر فبراير المقبل لهذه الغاية، يتضمن المواضيع المالية والتعيينات.;
مشاركة :