أعرب مختصون وصناعيون عن ارتياحهم لصدور قرار مجلس الوزراء بإعطاء مهلة لوزارة التجارة بفصل التجارة عن الصناعة في ظل الإعلان عن “الإستراتيجية الوطنية للصناعة” التي من المنتظر أن تكون في عام 2020 م، مشيرين إلى أن هذا الإجراء من شأنه تعزيز القطاع الصناعي خاصة أن الصناعة تمثل الهدف الإستراتيجي للتنمية في المملكة خلال السنوات القادمة إضافة إلى توجه الدولة لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط. وأكد فضل البوعينين الخبير الاقتصادي والمحلل المالي، أن الانفصال في غاية الأهمية والسبب الرئيس أنه سيكون هناك تركيز أكبر على الصناعات، على أساس أن الصناعة تمثل الهدف الإستراتيجي للتنمية في المملكة، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف دون حشد الجهود الرسمية وتكوين وزارة مستقلة تعنى في الشؤون الصناعية على وجه الخصوص، ولذلك أنا مع أن تكون لدينا وزارة مستقلة للصناعة لتحقيق الأهداف التنموية. وأضاف: مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي تعتبر مساهمة محدودة، و80 % من الصناعات غير النفطية في المملكة تتركز في صناعة البتروكيماويات، في حين أن هناك قطاعات في الصناعات لم تطرق بعد والنقطة الأكثر أهمية أن 92 % من الميزانية يأتي من إيرادات النفط، و8 % يأتي من القطاعات الأخرى بما فيها الصناعة، وهذا أمر يجعل المملكة في مخاطر كبرى في حال تغير اسعار النفط أو حجم الانتاج، والمعالجة تأتي من القطاع الصناعي وهو الخيار الاستراتيجي للمملكة في تحقيق هدفها الرئيس وهو تنويع مصادر الدخل، وإذا كنا نعتقد أن الصناعة هي الخيار الاستراتيجي فكيف لا نعمل على دعم الصناعة من جميع الجوانب وخاصة الجانب التنظيمي المرتبط بالحكومة وهذا يجعلنا اكثر اصرارا لكي يكون لدينا وزارة مستقلة للصناعة لزيادة الناتج الاجمالي المحلي وخلق مزيد من فرص العمل والفرص الاستثمارية واخيرا دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القطاع الصناعي التي في الغالب تتشكل منها الاقتصادات العالمية”. وعن دور الغرف التجارية الصناعية، قال: إن الغرف التجارية الصناعية، تعنى بالقطاع التجاري اكثر مما تعنى بالقطاع الصناعي واضافة الى ذلك ان دور الغرف فيما يتعلق بدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة الصناعية دور منعدم تماما وهذا الدور يشكل مشكلة حقيقية في خلق التنمية الصناعية في البلد، واضرب لك مثالا على هذا، الآن اكبر منطقة صناعية في المملكة هي الجبيل الصناعية يمثل انتاجها غير النفطي (بتركيماويات) ما نسبته 80 % من الانتاج غير النفطي في المملكة، والحكومة لديها استراتيجية جديدة مرتبطة بخلق قطاع صناعات تعدينية في رأس الخير، والنقطة الاهم أن مدينة الجبيل الصناعية ليس لديها غرفة تجارية صناعية مستقلة والموجود هو فرع لغرفة الشرقية وهذا أمر لا يعقل، والاستثمارات في الجبيل تبلغ ما حجمه 530 مليار ريال، ألا تستحق هذه المدينة غرفة تجارية صناعية مستقلة، وللأسف دور الفرع في الجبيل هو تصديق الأوراق فقط . من جهته أكد الدكتور زين العابدين بري الخبير الاقتصادي وعضو مجلس الشورى السابق، ان فصل وزارة التجارة عن الصناعة هو امر ايجابي جدا، وقال: نحن طالبنا في مجلس الشورى سابقا بفصل الصناعة، والصناعة اليوم مركزة على صناعة البتروكيماويات وتقريبا لا يعطى حقها، واذا حسبنا الناتج الوطني من الصناعة والناتج من التجارة، الفرق كبير في الحالتين، ووزارة واحدة او وزير واحد لا يمكن ان يؤدي مهام وزارتين مع بعض، والوزير الحالي هو مركز حاليا على التجارة و الاسواق وحماية المستهلك والمساهمات المتعثرة .. الخ، والصناعة ليست مهملة ولكنها لا تعطى نفس الاهمية والحقيقة فصلهما ايجابي جدا، والمطالبات تتمثل في تعزيز الصناعة لا اكثر، والصناعة في المملكة تحتاج الى وزير يبدأ يفكر في اقتصاديات المعرفة وادخال الصناعة ونقلها من التقليدية الى الصناعات الحديثة، التي تدخل في تصنيع التكنولوجيا محليا وتحتاج الى تفرغ كامل، والبترول لن يبقى الى الابد. واوضح الدكتور خليل عليان استاذ الاقتصاد ومستشار التطوير والجودة في جامعة الطائف أن بيانات مصلحة الإحصاءات العامة لعدد من السنوات تشير إلى أن المملكة على مدار الثلاثين سنة الماضية قد استطاعت تحقيق نسبة تنويع في الاقتصاد تعادل 12.4% وهي تمثل مساهمة القطاعات غير النفطية من صناعات تحويلية وخدمية والتي وصلت في العام 2013 لمبلغ 196 مليار ريال مقابل 1376 مليار ريال للواردات النفطية وبنسبة 87.6% وهذه النسبة تعد منخفضة وقليلة في الأعراف الاقتصادية وهي تمثل مشكلة وتحديًا يجب العمل على معالجته. وأضاف عليان يعتبر التنويع مسأله في غاية الأهمية من أجل التقليل من المخاطر المتمثلة بمخاطر التقلبات الاقتصادية وتذبذب أسعار السلع والخدمات في الأسواق العالمية وهو ما يعرف بخطر التضخم وتقلب اسعار الفائدة، مشيرا إلى أن المملكة سعت من خلال خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي بلغت حتى الآن عشر خطط خمسية آخرها للأعوام (1436-1440هـ) بالتأكيد على تحقيق التنويع الاقتصادي. وبين عليان أن هناك عدة وسائل مقترحة يمكن اتباعها لتحقيق التنوع الاقتصادي المنشود منها تطوير قطاع السياحة في المملكة بما فيه السماح للمعتمرين والحجاج بالسياحة الداخلية بشكل منظم تشرف عليها شركات سياحية ونقل معتمدة لتصل مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي 10% كحد أدنى، فرض ضريبة قيمة مضافة (VAT) على الاستهلاك الترفي بحد أدنى 10% سنويا، السماح للسعوديين من أصحاب المؤهلات بالعمل في دول العالم وخاصة في الدول الخليجية الأخرى. وأكد رجل الأعمال المعروف وعضو الغرفة التجارية الصناعية بالمنطقة الشرقية خالد العبدالكريم، ان فصل وزارة التجارة عن الصناعة من أولويات الوزارتين في التخصص، وقال “ لا شك أن التركيز والتخصص في أي موضوع هو التوجه الافضل، والتخصص تحديدا في التجارة والصناعة سيتم من خلاله توزيع الدخل وتنويع مصادره، وهو الخيار الاستراتيجي المطلوب، كما أن للصناعيين في المملكة متطلبات لتطوير الصناعة ودعمها وقد لا يكون ممكنا هذا الدعم والتطوير إلا من خلال فصل وزارة التجارة عن الصناعة، كما أن طلبات الفصل كانت موجودة منذ فترة، واستبشرنا خيرا بهذا الأمر. وأضاف العبدالكريم أن فصل الوزارتين عن بعضهما سيقوي الجهتين، أي أن وزارة التجارة ستركز أكثر على تطوير التجارة بكل تفاصيلها، وهو مجهود ليس سهلاً، وفي المقابل سيكون للصناعة- في حال وجود وزارة مستقلة لها تعنى بدعم القطاع الصناعي- مساهمة في زيادة الناتج المحلي وزيادة الصادرات وتحقيق الأهداف التنموية.
مشاركة :