دموع الأكراد على كركوك والخوف على أربيل بقلم: أسعد البصري

  • 10/18/2017
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الصراع على كركوك حطم التحالف الشيعي الكردي. الكردي يشعر بأنه مغتصب اليوم. شعورهم بالانكسار سيجعلهم يساعدون سنة العراق فقد جمعهم سوء المصير في النهاية.العرب أسعد البصري [نُشر في 2017/10/18، العدد: 10785، ص(8)] وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري قال قبل يومين إن الجبهة الداخلية قوية ومتماسكة، ونصح بعدم المراهنة على انشقاقات كردية. وقال رغم كل الضغوط الدولية والداخلية فإن الاستفتاء قد حصل وشعب كردستان قال رأيه. يقول زيباري إن الأكراد يريدون الاستقلال والابتعاد عن حكومة طائفية متغولة على باقي المكونات. بعد هذا الكلام مباشرة وعشية استعادة كركوك من قبل القوات المسلحة العراقية قالت النائبة الكردية آلاء الطالباني لقناة كردستان “إن بيشمركة الاتحاد الوطني كانوا دائما في مقدمة المدافعين عن أبناء كركوك وحمايتهم من الإرهاب والدواعش وأعطينا الآلاف من الشهداء والجرحى في سبيل ذلك، لكننا لن نضحي بقطرة دم واحدة لأجل الحفاظ على آبار نفط مسروقة ذهبت أموالها إلى جيوب أحزاب وأشخاص وسنبقى حماة كركوك بكل مكوناتها”. وتضيف في مناسبة أخرى إن “قاسم سليماني كان موقفه موقف النصح، وهي نفس النصيحة التي نصحنا بها رئيس الوزراء العراقي والإخوة في الحشد الشعبي”. ومن جهته قال المحلل الأمني والسياسي هشام الهاشمي إن التطورات الأخيرة في مدينة كركوك حدثت نتيجة تنسيق بين بافل الطالباني نجل زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الراحل من جهة، والجنرال الإيراني قاسم سليماني من جهة أخرى. في بيان صادر عن “التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة” برئاسة برهم صالح قال “إن هذا الوضع الحالي المتأزم في كركوك، لا تتحمله قوات البيشمركة البطلة التي هزمت الدواعش، وإنما هو نتيجة للمجازفات السياسية والخطوات اللاواقعية التي لم تأخذ في حسبانها مصالح الشعب. وهو نتاج لمحاولات الفاسدين لتغطية النهب والسلب باسم كركوك والقومية الكردية”. من الواضح أن الجبهة الكردية الداخلية ليست كما ذكر هوشيار زيباري، بل يبدو الأمر كما لو أنهم مجموعة قراصنة يتقاتلون على كنز. الخارجية التركية ذكرت بعد استعادة الموصل “نحذر حكومة إقليم أكراد العراق بعدم ارتكاب أخطاء جديدة مشابهة للأخطاء الفادحة التي فعلتها في الآونة الأخيرة. تركيا ستكون إلى جانب الحكومة العراقية في الخطوات التي ستتخذها من أجل تأسيس دعائم السلام والاستقرار الدائمين في البلد”. حيدر العبادي يعين راكان سعيد الجبوري محافظا على كركوك بعد تحريرها بصفة مؤقتة بدلا من المحافظ المقال نجم الدين كريم، وفي بيان صادر عن القنصلية الأميركية في كردستان تؤكد فيه أميركا “إننا نؤيد الإدارة المشتركة السلمية من قبل الحكومتين المركزية والإقليمية بما يتفق مع الدستور العراقي في جميع المناطق المتنازع عليها”. يبدو النصر السياسي الذي حققه سليماني في كركوك مدينا بالدرجة الأساس لحزب الطالباني الذي يسيطر على السليمانية وكركوك. لقد كان البارزاني يكدس قواته بكركوك لمواجهة الحكومة الاتحادية، بينما كان حزب الطالباني يكدس قواته لتسليم كركوك للحشد الشعبي والجيش العراقي وتحرير كركوك من الاحتلال البارزاني الذي في نظرهم يريد سرقة نفط كركوك. لأول مرة رأيت فيها قاسم سليماني راكعا هي عند مشاهدة قبر جلال الطالباني. فتخيل عظمة الخدمات التي قدمها الطالباني في حياته للمشروع القومي الإيراني. أولاد الطالباني هم أولاد سليماني، وبناته هم بنات سليماني. إن البيت واحد بينما وحده مسعود البارزاني يسمع هذا المساء قهقهات رب الأكراد في الجبال ضاحكا على شعبه التائه. يبدو البارزاني وكأنه الكردي الانفصالي الوحيد في هذا العالم، فحتى حزب العمال التركي الإرهابي تبرأ من طموحه بالاستقلال. كأنه وحده يحلمُ بكردستان بينما الباقون كلهم وطنيون عراقيون. هذا القائد الكردي يمر بوقت عصيب ونحن نقدر للسعودية مباركتها للحكومة العراقية لنجاحها في الحفاظ على وحدة وسيادة العراق، لكن من الضروري حماية البارزاني وعدم السماح بكسره نهائيا فهو مركز توازن مع حزب الطالباني المتحالف مع الحرس الثوري الإيراني. ومن مصدر موثوق فإن سليماني أبلغ البارزاني بأن ينسحب إلى المنطقة الزرقاء التي كان متواجدا فيها قبل عام 2003، وإلا فمصيره مجهول. لهذا نتمنى أن تمد المملكة يدها القوية وتحافظ على البارزاني داخل اللعبة السياسية العراقية. رسالة وصلتني تقول “أستاذ أسعد موضوع البكاء عند الأكراد شيء ملفت للانتباه، فكم مر على السُّنّة من أحداث صعبة مع هذا لم نر مثل هذه المواقف والدموع، مشاعرهم تغلي إنها دموع الأكراد على كركوك”. شيخ كردي قال “نشعر هذا المساء بما شعر به العرب عام 1967، ليل حزين هبط على أربيل الجميلة”. الأكراد الآن يتجرعون المر ويشعرون بالعار فأعلامهم منكسة وبنادقهم محنية، فتياتهم يمشين بعيون مكسورة والخيانة في داخلهن. شعب أفاق على سليماني وحزب الطالباني في فراش واحد. هناك حالة فزع وصدمة لدى الأكراد لعلمهم بأن القضية لن تتوقف عند كركوك. الأحد الماضي قالت هيئة إنقاذ الطفولة إن نحو 400 ألف طفل لا يزالون مشردين بعد معركة الموصل في العراق بعد عام من بدء الهجوم لاستعادة السيطرة عليها من يد تنظيم الدولة الإسلامية. على البارزاني أن يتوقع نصف مليون طفل كردي مشرد. يحاولون وضع ما جرى بكركوك في إطار وطني ولكنه ليس كذلك. شاعر عراقي يقول هل نفرح لانتصار الدولة؟ ولكن ما هو مظهر وجود الدولة؟ هل هو القانون والنظام والمطاعم ورجال الأمن والشرطة بملابسهم الزاهية الجميلة؟ هل هو دخان المعامل وأسراب التلاميذ؟ هل هو الحدائق والملاعب؟ لا مظهر للدولة العراقية سوى الميليشيات والرايات الحسينية وطقوسها والسراق والقتلة الذين يختفون وراءها. إنه “الوباء الحسيني” المحمول بدبابات أبرامز الأميركية. لا يستحق الشعب الكردي البكاء على كركوك هذا المساء. ستظهرهم حكومة جنكيزخان كخونة للوطن وانفصاليين، وسيتعاملون معهم باحتقار في بغداد. سيكون السروال الكردي رمزا للخونة الجبناء. لقد جربناهم ونعرف عقوباتهم النفسية للشعوب المهزومة. هذا غير الإجرام في مدينة كركوك وليالي الخناجر التي ستقام. سيتم كل شيء بالظلام ويتكتمون عليه. بعض عرب كركوك يرقصون على دموع البارزانيين وإذلالهم على يد الحشد الشعبي رغم أن الذي كان يعتدي عليهم ويهجرهم ويذبحهم هم أكراد الطالباني ولا ذنب للبارزانيين في هذا المخطط الإجرامي. جماعة الطالباني مثل الميليشيات تحت أمر سليماني لتهجير وإبادة السنة عربا وتركمانا. لو كانت كركوك بيد البارزاني وليس حزب الطالباني لعاش السنة بكرامة مثل عرب أربيل. مسعود البارزاني ابن المُلا مصطفى لم يظلم السنة، بل دافع عنهم بأصعب الظروف. صحيح ليس من مصلحتنا كسنة عرب أن ينفصل الأكراد ونصبح أقلية سنية في البلاد ونخسر ثلث الثروة العراقية ونُحاصَر بين دولة شيعية وكردية، لكن الصراع على كركوك حطم التحالف الشيعي الكردي. الكردي يشعر بأنه مغتصب اليوم. شعورهم بالانكسار سيجعلهم يساعدون سنة العراق فقد جمعهم “سوء المصير” في النهاية. الأكراد ليسوا مهزومين فقط، بل هم في نظر الدولة خونة للعراق، انفصاليون وعصاة، كركرات أطفالهم خيانة، أنفاسهم خيانة، حتى غناء فتياتهم في الوديان خيانة. على الشعب الكردي الصمود والاحتفاظ بقوته وثقته بنفسه وإلا سيحدث له الانهيار. المسألة الكردية واستعادة كركوك وتعقيدات المشروع الإيراني أشياء لا يمكن تفكيكها بمقال واحد، خصوصا أن الحكومة بدأت بالترويج لدعم البارزاني لداعش وإطلاق إرهابيين للسيطرة على قضاء الدبس شمال غرب محافظة كركوك. مؤامرات يقودها سليماني تمهيدا لدك مدينة أربيل بحجة أنها معقل جديد من معاقل داعش وتشريد شعبها، كما فعلوا في الموصل. كاتب عراقيأسعد البصري

مشاركة :