المثقف الحقيقي يعلم في قرارة نفسه بأن الله تعالى لا يقبل دينا سوى الإسلام لقوله تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آل عمران: 85. فنحن نرفض الوثنية المسيحية، والغنوصية ESONG، وهو تيار فكري معقد ويعني المعرفة. وهو خليط من ديانات قبطية قديمة وفلسفات باطنية، جمع بين رؤى أحبار اليهود وكهنة الهنادك والفرس، وترتكز على أن الخلاص يكون بمعرفة الأسرار الخفية! وسرت هذه الأفكار اليوم في معظم أوروبا وأميركا وبلاد فارس ومعظم بلاد الهند وبعض أنحاء بلاد أفريقيا، فنحن نرفض رفضاً تاماً هذه الأفكار والعقائد التي تبنتها سائر الأحزاب المسيحية في أوروبا وأميركا، وذلك لمخالفتها للذي طالبنا به ربنا - تبارك وتعالى - الذي خلقنا من العدم وأنعم علينا بآلائه ونعمائه وأعطانا نعمة العقل والبيان. والمسلم الحقيقي يعلم تماماً أنه إذا داهن في ذلك أقل مداهنة، فإنه على يقين من عذاب الله الذي لا يُغني عنه في دفعه ثناء صديق أو إعجاب محب أو مودة جار، لأن الله تعالى يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ * وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} سورة القلم 7-9. إذاً المداهنة والقول إن الجميع مؤمنون فيها، خيانة لأمانة الدين والعقل الصحيح، لأن هذا الدين جاء ليعلم العقل أولاً، يعلمه حُسن التفكير وحسن الاستنباط وحُسن النظر في قوادم الأمور وخواتمها. هذه المطالبة واضحة في الآيات الصريحة كقوله:{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} الأنبياء: 10. وقوله {أَفلا يَتَدَبَّرُونَ} محمد: 4. وقوله {أَفَلا يُبْصِرُونَ} السجدة: ٢. والنبي صلى الله عليه وسلم كان في بداية الوحي يخلو بنفسه بغار حراء يبيت الليالي ذوات العدد، كل ذلك تمهيداً وإرهاصاً لما سيلقى إليه من قول ثقيل، قال تعالى {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا} المزمل: 4. حقاً إنه ثقيل وإنها أمانة تنوء بحملها السموات والأرض والجبال وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً. وبعد أن خاطب الإسلام عقل الإنسان ووجده مستعداً للقبول، جاءته الأوامر الإلهية بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. المثقف الحقيقي يعلم أن العولمة اليوم يراد منها صياغة العالم الإسلامي ثقافياً وفق المعايير الغربية، فما تراه أميركا حقاً فهو الحق الذي يجب اتباعه، وما تراه باطلاً فهو الباطل الذي يجب محوه، وبذلك تكون الغلبة على عقولنا ومجتمعاتنا وحياتنا وعلى شبابنا وثقافتنا، وبهذه الغلبة يتم انهيار الكيان العظيم الذي بناه أباؤنا في قرون متطاولة ومحوا به فساد الحياة البشرية في نواحيها الإنسانية والأدبية والأخلاقية والعلمية والفكرية وردوها إلى الطريق المستقيم. فاسألوا مكتبة الكونغرس الاميركي عن المخطوطات الإسلامية. واسألوا أقدم مكتبات أوروبا، المكتبة الوطنية الفرنسية والمكتبة الملكية الفرنسية عن مخطوطات بلاد المغرب في أنواع العلوم المختلفة، ومكتبة لندن التي أنشئت العام 1425، وفي النمسا مكتبة «أدمور»، ومكتبة «ميتن» في ألمانيا، حيث هذه المكتبات تابعة للأديرة الكنسية، وهي شاهدة على ثقافة العرب والمسلمين. فهذه الأدلة هي من باب قوله تعالى {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا} يوسف 6 على سبق حضارة الشرق الغرب فأين مثقفونا؟ أكثر المثقفين اليوم في حقيقة أمرهم مزامير مزعجة مختلطة الأصوات في المجالس، أو هم كشجر الحنظل المزروع على قوارع الطريق! أو أحلاس كهوف المقاهي، سواء في أزقة الحواري الضيقة في مصر والعراق أو شوارع باريس وبريطانيا! هذا الركام الفكري اليوم أفلس مادياً ومعنوياً وقال إننا نعيش أزمة نص! dr.aljeeran2017@gmail.com
مشاركة :