الدستور الكويتي وعلاقة الحاكم بالمحكوم جاء في المذكرة التفسيرية: «لقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون بروح الأسرة تربط بينهم كافة، حكاماً ومحكومين ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الاصالة العربية ما اخلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من اوضاع مبتدعة ومراسم شكلية باعدت بين الحاكم والمحكوم». فالدستور حدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فهي علاقة تكامل وتشاور ومراقبة وتسديد، فالمجلس يملك صلاحية رد ما يقرره الأمير، كما أن الأمير يملك صلاحية حل المجلس. فالإدارة مشتركة بين الحاكم والمحكوم والمسؤولية مشتركة كذلك، فالشورى وتبادل وجهات النظر هو ما دأبت عليه الكويت حتى قبل أن يكتب الدستور، فمنذ وجد أهل الكويت على هذه الأرض الطيبة التي امتدت إلى ما يزيد على 300 سنة والعلاقة بين الحاكم والمحكوم في ترابط مستمر في السراء والضراء ولله الحمد. وجاءت المادة 54 من الدستور التي تنأى بالأمير عن أي مساءلة سياسية، وجعلت ذاته لا تمس مادة 54، كما ابعدت عنه مسببات التبعة، وذلك بالنص على ان رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه مادة 55، وهم المسؤولون عن الحكم امامه مادة 58، وأمام مجلس الأمة مادة 101 و102 وحسناً فعل الدستور بهذه المواد ليبقى مسند الإمارة أباً للجميع وبعيداً عن أي شحناء سياسية أو غيرها. قال أنس بن مالك، رضي الله عنه، نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا لا تسبوا أمراءكم. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إن من المحرمات ما لو نهى عنه حصل ما هو أشد تحريماً منه لم ينه عنه ولم يبحه أيضاً، ولهذا لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن ما يحصل بذلك من فعل المحرمات وترك الواجبات أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب» أ.هـ وقال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - حين سئل عن المظاهرات إذا أذن بها الحاكم؟ فقال: «المظاهرات كلها شر سواء أذن الحاكم فيها أو لم يأذن وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعاية وإلا لو رجعت إلى ما في قلبه لكان يكرهها أشد الكراهية، لكن يتظاهر بأنه كما يقولون ديموقراطي وأنه فتح باب الحريات للناس وهذا ليس من طريق السلف». كما جاءت مواد الدستور للنائب بحق توجيه سؤال للوزير وحق تشكيل لجنة تحقيق وحق استجواب الوزير فيما هو داخل من اختصاص عمله إذا ما تبين استغلاله لمنصبه لمصالحه الخاصة وحق طرح الثقة فيه إذا ما تجاوز القانون أو كانت الشبهات تحوم حوله وهذا كله لا يتعارض مع الإسلام طالما أنه تم في حدود الأدب وحسن اختيار الألفاظ وعدم التشهير بالأخطاء والتنابز بالألقاب وتلمس العثرات لإظهارها وخاصة إذا كانت غير مقصودة مع سلامة النية بحيث يكون هدف الناقد الإصلاح وليس حب الظهور أو ليقال إن فلان متكلم جريء أو لأهواء ومصالح ومقاصد سيئة. ومع ان دساتير دول ثورات الربيع العربي حددت الحقوق والواجبات بين الحاكم والمحكوم، إلاّ أننا فوجئنا بهذه الاستباحه والفوضى بحجة الاصلاح والتغيير... ولم يحصل إصلاح وحصل الاسوأ؟ dr.aljeeran2017@gmail.com
مشاركة :