أصبح موضوع اندماج «بيت التمويل» و«الأهلي المتحد» قضية رأي عام. وتبادل المواطنون رسائل في وسائل التواصل الاجتماعي عن مخاوف امتداد أيدي المتنفذين الى الأصول الموجودة في «بيت التمويل الكويتي». ويتخوّف بعض السياسيين من تأثير الاندماج في المال العام وصغار المساهمين. وتم التشكيك في مهنية الدراسات المكتوبة والمختصة بالموضوع. ويود المواطنون معرفة تأثير صفقة الاندماج في مسار صناعة الاقتصاد الاسلامي في الكويت.● مَن يستحوذ على مَن؟ لا يوجد شك في ان القدرة المالية لــ «بيت التمويل» اكبر من «الاهلي المتحد». والاحتمال الاكبر هو ان يقوم «بيت التمويل» بتنفيذ الاستحواذ عن طريق الشراء النقدي. وقد يتكلف بين مليار ونصف المليار وملياري دينار كويتي. والقيمة السوقية للبنك الاهلي المتحد حسب اغلاق السوق البحرينية في ٥ أكتوبر هي مليار و600 مليون دينار كويتي. وقيمة «بيت التمويل الكويتي» هي ثلاثة مليارات ونصف المليار دينار كويتي في نفس التاريخ. ولو حصل اندماج بالأسهم حسب القيمة السوقية فسيحصل مساهمو «بيت التمويل» على %70 ومساهمو «الاهلي المتحد» يحصلون على الباقي. وفي هذه الحالة ستنخفض نسبة شركة التمدين من %8 في البنك الاهلي المتحد الى %2.4 في الكيان المشترك. واذا تم الاندماج بطريقة شراء الاسهم، فلن يحصل مساهمو التمدين الا على المبلغ النقدي، وهو 180 مليون دينار. ولن تتغير نسب ملكية المساهمين في «بيت التمويل». لذلك، ليس هناك شك في ان مساهمي «بيت التمويل» ستكون لهم الأغلبية بعد الاندماج. ويقوم رئيس مجلس الادارة المنتخب حمد المرزوق بجلب كوادر من خارج «بيت التمويل» لتطوير عمل البنك. وعمل المرزوق سابقاً كرئيس مجلس ادارة الاهلي المتحد. لذلك ليس من المستغرب استقطاب كوادر «المتحد». وسيستمر المرزوق بنفس الالية سواء باستحواذ او من دونه. ومع الاستحواذ، يستطيع البنك الوصول الى الأهداف المالية واختيار الكفاءات بشكل أسرع. وهو من صميم عمل وصلاحيات الادارة المنتخبة. ولا يوجد اي سبب للحفاظ على وظائف الموظفين السابقين الا اذا اتفقت مع مصلحة المساهمين. ويقوم كثير من الشركات بالتخلي عن خدمات موظفين بشكل دوري للمحافظة على طاقم مناسب للعمليات حسب اوضاع السوق. وقد تتم الاستعانة بموظفين كويتيين او اجانب من «الاهلي المتحد» الذين أثبتوا جدارة عالية في عملهم السابق.● ما التغيير في استراتيجية «بيت التمويل»؟ ــــ هناك تغيير واضح في استراتيجية بين التمويل في الفترة السابقة. وهو الانتقال من العمل الاستثماري التوسعي السابق الى العمل المصرفي الحالي. وهو ما يخالف الاستراتيجية التي وضعها مؤسسو البنك. ولا شك في أن هناك تغييراً كبيراً. ونلفت نظر القارئ الى حجم المخصصات التي تكبّدها «بيت التمويل» بعد انهيار البورصة، وخلال السنوات الست بين ٢٠٠٨ و٢٠١٤ وتقدر بمليار و٤١٤ مليون دينار كويتي. وفي المقابل، تكبّد البنك الوطني ٥٠١ مليون دينار للفترة نفسها. لذلك خلال ٦ سنوات خسر «بيت التمويل» نصف حقوق المساهمين تحت الادارة السابقة، مما أدى الى زوال تلك الادارة. ولو كان التزم بيت التمويل بالعمل المصرفي مثل باقي البنوك وتكبّد نفس خسائر البنك الوطني، لكانت قيمته السوقية ضعف القيمة الحالية. واكبر الخاسرين في تلك المرحلة هو المال العام. وهم المساهمون المتمثلون في الأمانة العامة للأوقاف وشؤون القصر والهيئة العامة للاستثمار. وحجم الخسائر الكبير والمخصصات هي دليل على ضعف استراتيجية بيت التمويل السابقة والحاجة لتغييرها. وهو ما تعمل عليه الادارة الجديدة.● ما أهمية حجم الأصول؟ ــــ هناك نمو واضح في أصول بيت التمويل وانخفاض في أصول البنك الاهلي المتحد. ولا يعتبر نمو الأصول معيار نجاح البنك وتفوقه، لأن العديد من الشركات المتعثرة كان لديها أصول كبيرة. وتضخّمت بشكل سريع. ومنها دار الاستثمار وغلوبل وأعيان. ولم تتحول احجام الأصول الكبيرة الى أرباح للمساهمين. بل ان بعض المساهمين لن يتسلم أي شيء في المستقبل. والمعيار المهم لقياس كفاءة البنوك او الشركات هو النمو في القيمة الدفترية او العائد على حقوق المساهمين. وهو الرقم الاساسي الذي يتفوق فيه الأهلي المتحد على بيت التمويل. كما تفوق في زيادة حقوق المساهمين خلال السنوات الخمس السابقة. وحقق «بيت التمويل» عائداً على حقوق المساهمين يصل الى %8 سنوياً. في حين حقق الأهلي المتحد %12 لنفس الفترة. وهي ارقام لا تقبل الجدل. وتصب تلك العوائد في مصلحة المساهمين بشكل مباشر. وانعكست على اسعار الاسهم لنفس الفترة.● ما المناطق الجغرافية المختلفة؟ ــــ للبنك الاهلي المتحد أفرع في مصر وليبيا والعراق. وهي عمليات تسبب خسائر طفيفة. لكن المعيار الاساسي هو الربح الاجمالي والعائد الصافي على حقوق المساهمين وهو ما تم ذكره في الفقرة السابقة. وقد يتعرض البنك لخسائر في دولة معينة، ويعوضها بأرباح في دولة اخرى. لذلك؛ لا يجب النظر الى دولة محددة فقط وإغفال باقي الدول. والمثال هنا هو فوز فريق بهدفين مقابلة هدف. وتوجيه النقاش على الهدف الوحيد كخسارة كبيرة وإغفال النتيجة النهائية، وهي الفوز بالمباراة. لكن البنك الاهلي المتحد له وجود مميز في لندن. وهو يعتبر من البنوك الثلاثة الكويتية التي لديها فرع في لندن. وهو ما عجز عنه «بيت التمويل» حتى لحظة كتابة هذا المقال. ويعتبر عمل البنك الاهلي المتحد في لندن من الميزات الجاذبة لــ «بيت التمويل». ويعتبر ذلك إضافة قيّمة لعملياته.● ما التأثير في المنافسة المحلية؟ ــــ لا شك في أن البنوك المحلية تستمر بالمنافسة مع انخفاض حجم الأموال وقيم الأصول في الاقتصادي الكويتي مؤخراً، بسبب انخفاض سعر النفط. وعليه تتجه البنوك الى الاستثمار بالخارج والتركيز على الانشطة غير المصرفية. ومع تشبّع السوق المحلية اضطر البنك الوطني الى شراء بنك بوبيان للتوسع في النشاط الاسلامي. ولم تسبب الصفقة أي اثر سلبي في المنافسة المحلية. لذلك، لا يوجد سبب مقنع لوجود اثر سلبي لاندماج «بيت التمويل» و«الأهلي المتحد» على المنافسة المحلية. وبالعكس، فان اندماج البنكين يزيد فرص التعليم بينهما لتطوير الخدمات. لكن الهدف الاكبر للاندماج هو خلق كيان خليجي لمنافسة البنوك الإقليمية، مثل بنك الراجحي وهو اكبر بنك إسلامي في العالم. ويعتبر بنك الراجحي أيضاً اكثر ربحية من جميع البنوك المحلية من حيث العائد على حقوق المساهمين الذي يصل الى %16 سنوياً.● ما اختصاصات البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار؟ ــــ ويهيمن وزير المالية على قرارات البنك المركزي بصفته وتبعية البنك المركزي له. ويرأس الوزير أيضاً مجلس ادارة الهيئة العامة للاستثمار. الا ان القرارات المطلوبة من كل مؤسسة مختلفة. حيث سيركز مسؤولو الهيئة العامة للاستثمار على اثر الاندماج في مصلحة المساهمين. والسؤال هو: هل ستزيد ربحية المساهمين بعد الاندماج؟ اذا كان الجواب «نعم»، فسيرفعون توصية بقبول الاندماج. لكن محافظ البنك المركزي سيحاول الإجابة عن سؤال مختلف، وهو: هل ستزيد الخطورة على أموال المودعين؟ واذا كان الجواب «لا»، فسيقرر الموافقة على الاندماج. وليس من صلاحيات المحافظ الحكم على مستوى الربحية او عدالة التقييمات. عليه فقط التركيز على المخاطر. وتعتبر الصفقة المشابهة هي شراء البنك الوطني لبنك بوبيان والتي تمت الموافقة عليها. ولا شك في ان زيادة حجم البنك ورأسماله وأصوله ستزيد من قدرته على تحمل الصدمات المالية. لذلك، لا يوجد ما يمنع إتمام الصفقة من حيث المخاطر المصرفية.● ما المعيار الرئيسي لتقييم الصفقة؟ ــــ يعتبر السعر الذي سيتم تقديمه لشراء اسهم البنك الاهلي المتحد هو المعيار الاساسي لعدالة الصفقة من عدمها. لذلك، على ادارة «بيت التمويل» تقديم شرح كاف وعرض سعر مناسب. وتتداول اسهم اغلب البنوك عند اسعار تحسب كمضاعف للقيمة الدفترية. وتتداول اسهم البنوك الاسلامية بين 3x القيمة الدفترية في حالة بنك بوبيان و1x ضعف القيمة الدفترية في حالة البنك الدولي. والمعدل بين تلك البنوك هو 1.6x الى 1.7x أضعاف. ويتداول بيت التمويل عند 2x القيمة الدفترية. لذلك، نستطيع الافتراض بان السعر المقدم سيتراوح بين 1.7x و2x ضعف القيمة الدفترية. واي سعر يدفعه بيت التمويل بين الأرقام السابقة سيفيد بيت التمويل بسبب تقييمه المرتفع في السوق. ومع ارتفاع سعر الشراء تقل فرصة نجاح الصفقة. لذلك، على جميع الاطراف النظر بعين المصلحة العامة ومصلحة المساهمين عند تحديد السعر العادل. عيد ناصر الشهري
مشاركة :