تابعت مثل غيري الموقف المشرف الذي ظهر فيه رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي، الذي عقد أخيراً في جمهورية روسيا الاتحادية، حين تحدث في أقل من دقيقة ضد الوفد الاسرائيلي موجهاً له الكلام الذي يستحقه، وقال إنه المحتل وقاتل الأطفال وطرده من المؤتمر، فتبع ذلك تصفيق مدوٍ من قبل وفود معظم دول العالم. وفي تغريدة للدكتور صالح النعامي قال فيها إن صحيفة «معاريف» الاسرائيلية تعد تقريرا حول أنشطة رئيس مجلس الأمة الكويتي «المعادية للسامية» فقط لمجرد ان انتقد إجرامهم. لا أعرف مرزوق الغانم بصفة شخصية الا ان ما قام به هو شيء طبيعي قد تسمعه لدى كل كويتي على اختلاف التوجهات الايديولوجية، لان الكويت موقفها واضح تجاه القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي ما زالت قضية إسلامية اضافة الى كونها قضية عربية وفلسطينية. لقد انصدم الشارع الاسرائيلي من الرد الكويتي القوي وبشكل مباشر في محفل دولي، فكانت ردة الفعل سياسيا وإعلاميا مباشرة في العديد من الدول، وكذلك في مؤسسات الكيان الإسرائيلي فراحوا يبحثون عن آلية للرد على جرأة وشجاعة مرزوق الغانم، فما كان منهم إلا ان قاموا بالبدء بالتهم المعلبة لديهم وهي معاداة السامية كما فعلوا مع الفيلسوف والمفكر الفرنسي روجيه جارودي، الفيلسوف الذي ولد العام 1913 وتوفي في 2012. إن الصفعة التي وجهها مرزوق الغانم للكيان الإسرائيلي، ليست الصفعة الأولى من المسلمين والعرب او من غيرهم من الأجانب الذين يمتلكون الضمير ليحكموا بالعدل، لذا تجد بعض المسؤولين الإسرائيليين يتجنبون السفر الى بعض العواصم، لأنهم يعلمون ان القضاء في تلك الدول يتيح المجال لتوقيفهم ومحاسبتهم. وإني لأعجب من بعض العرب الذين عبروا عن عدم رضاهم عما قام به ابن الكويت البار مرزوق الغانم، الذي وصلته رسالة تأييد سامية من قبل أمير الكويت حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، ومعه الجماهير الإسلامية والعربية والفلسطينية المتفاعلة مع تفاصيل القضية الفلسطينية من قتل وتعذيب ومعاملة غير إنسانية يتعاملون معها بشكل يومي. وإني لأعجب من بعض وسائل الاعلام وبعض القنوات العالمية التي تمتلك سمعة طيبة والتي قامت بعدم التطرق للخبر وتداعياته، كما أعجب ممن حاول النيل من الغانم من انه يبحث عن التكسب السياسي، كما أعجب من بعض التافهين الذين ظهروا على بعض القنوات الفضائية مقللين من صفعة الغانم للوفد الاسرائيلي، مؤكدين ان ذلك لا يخدم القضية الفلسطينية، وقاموا بتشبيه سمج بأن العرب ظاهرة صوتية، وهو عنوان كتاب للمفكر السعودي عبدالله القصيم. ويعتقد البعض ان ما قام به مرزوق الغانم انما هو أمر غير طبيعي فقط لانه من أسرة ثرية وكأن الأغنياء بعيدون كل البعد عن هموم الأمة، فهل ينطبق هذا الكلام على الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد كان رجلا غنيا ولا أريد ان أستعرض مواقفه لنصرة الإسلام في تجهيز الجيوش وفي شراء عين ليشرب منها المسلمون وعتق العبيد وغيرها من الأعمال التي قام بها يرحمه الله. وهذا يذكرني بمقولة إن الفقراء فقط هم المبدعون في الشعر والقصة والرواية وهذا كلام غير صحيح، فالشاعر أحمد شوقي هو رجل ثري، وقد حصل على لقب أمير الشعراء، والروائي تولستوي كان ثريا وكتب روايات خلدته رغم انه توفي العام 1910، ولعل روايته «الحرب والسلم»، هي اكثر الروايات انتشارا عالميا، ولدينا الشاعر خالد الفيصل والشاعر بدر بن عبدالمحسن وتلك الأسماء للذكر وليس للحصر. إن القضية الفلسطينية ما زالت تنبض بقوة في قلوبنا ككويتيين، رغم موقف منظمة التحرير الفلسطينية وبعض الفصائل الفلسطينية السيئ من الاحتلال العراقي الغاشم، الا ان الكويت تسامت على جراحها فلم تقف يوما في دعم الشعب الفلسطيني او القضية الفلسطينية سواء عبر المواقف الرسمية او عبر مؤسسات المجتمع المدني او عبر المسرح والأدب والفن التشكيلي. لقد تأسست منظمة التحرير في الكويت، التي قدمت لها الدعم المادي والمعنوي بصورة كبيرة، وهذا العطاء من دون منة من أحد، وقدموا الدعم للشعب الفلسطيني على مدى نصف قرن، وكذلك بقية الدول والشعوب العربية التي لم تتوقف عن تقديم الدعم للشعب الفلسطيني الذي ما زال يناضل من أجل حقوقه. وفي الختام لا يسعني إلا ان أقدم دعمي الشديد لما قام به مرزوق الغانم كما أنني أتوقع ان تشن حرب إعلامية كبيرة عليه، من قبل وسائل إعلام عربية وغير عربية وأطالب بتكثيف الحماية عليه وليحفظه الله.
مشاركة :