حمَّل تقرير أرسل إلى مجلس الأمن أمس (الخميس) الحكومة السورية المسؤولية عن هجوم كيماوي على بلدة خان شيخون الواقعة تحت سيطرة المعارضة والذي أودى بحياة العشرات في نيسان (أبريل) الماضي، لكن الحكومة السورية رفضت التقرير. يأتي ذلك تزامناً مع إعلان بدء جولة جديدة من مفاوضات السلام الهادفة لإنهاء النزاع السوري في جنيف اعتباراً من 28 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل وتأكيد وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قرب انتهاء عهد أسرة الأسد في سورية. وذكر التقرير الذي أعدته آلية التحقيق المشتركة التي شكلتها الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أن «الجمهورية العربية السورية مسؤولة عن إطلاق غاز السارين على خان شيخون في الرابع من نيسان 2017». ونتيجة للهجوم نفذت الولايات المتحدة ضربة صاروخية على قاعدة جوية سورية قالت واشنطن إنها استخدمت في شن الهجوم بالغاز السام. ونقلت «وكالة الأنباء السورية» الرسمية عن مسؤول في وزارة الخارجية السورية قوله اليوم، إن «سورية ترفض شكلاً ومضموناً ما جاء في تقرير لجنة التحقيق المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية والذي تم إعلانه أمس». وقال المسؤول إن التقرير «جاء تنفيذاً لتعليمات الإدارة الأميركية والدول الغربية لممارسة مزيد من الضغوط السياسية والتهديدات العدوانية لسيادة سورية». وأضاف المسؤول في بيان أن «دمشق تدين اعتماد آلية التحقيق المشتركة على أقوال المجرمين الذين ارتكبوا هذا العمل اللاأخلاقي في خان شيخون وشهود مشبوهين قدمهم الإرهابيون لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية ولآلية التحقيق المشتركة إضافة لما قاموا بتسميته المصادر المفتوحة ما يعكس هزلية هذا التحقيق الذي افتقد الحد الأدنى من المصداقية والشفافية». وتابع المسؤول أن سورية تعيد التأكيد على أنها التزمت باتفاق «حظر الأسلحة الكيماوية نصاً وروحاً وأنها لم يعد لديها أي مواد كيماوية سامة محظورة بموجب الاتفاق وأنها تعتبر استخدام الأسلحة الكيماوية «عملا لا أخلاقياً ومداناً في أي مكان وفي أي زمن وتحت أية ظروف». وقالت مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي في بيان: «مرة أخرى نرى تأكيداً مستقلاً لاستخدام نظام الأسد الأسلحة الكيماوية». وأضافت «يجب أن يبعث مجلس الأمن برسالة قوية مفادها أنه لا تهاون مع استخدام أي طرف للأسلحة الكيماوية ويجب أن يقدم دعمه الكامل للمحققين المحايدين». وحمل التقرير تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) المسؤولية عن استخدام غاز الخردل في بلدة أم حوش في 15 و16 أيلول (سبتمبر) العام 2016. وكان مجلس الأمن أنشأ آلية التحقيق المشتركة بالإجماع في العام 2015 وجدد تفويضها لعام آخر في 2016. وينتهي تفويضها في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر). واستخدمت روسيا حق النقض (فيتو) الثلثاء ضد مقترح لتمديد التفويض. ومن جهته، قال مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا هذا الأسبوع إن موسكو ستدرس إعادة النظر في تمديد التفويض بعد مناقشة تقرير اليوم. وقال التقرير «استمرار استخدام الأسلحة الكيماوية بما في ذلك من جانب أطراف غير حكومية مثير للقلق بشدة». وأضاف «إذا لم يتوقف هذا الاستخدام الآن على رغم الحظر الذي يفرضه المجتمع الدولي فإن غياب العواقب سيشجع الآخرين على القيام بذلك». وتوصلت آلية العمل المشتركة بالفعل إلى أن القوات الحكومية السورية مسؤولة عن ثلاث هجمات بغاز الكلور في الأعوام 2014 و2015. ووافقت سورية على تدمير أسلحتها الكيماوية في العام 2013 بموجب اتفاق أبرم بوساطة روسيا والولايات المتحدة. ونفت الحكومة السورية مراراً استخدام الأسلحة الكيماوية خلال الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من ستة أعوام. من جهة ثانية، قال تيلرسون للصحافيين في جنيف آخر محطة من جولة له استمرت أسبوعاً: «تريد الولايات المتحدة سورية كاملة وموحدة لا دور لبشار الأسد في حكمها»، موضحاً أن «عهد أسرة الأسد يقترب من نهايته. القضية الوحيدة هي كيفية تحقيق ذلك». وتابع: «السبب الوحيد في نجاح قوات الأسد في تحويل دفة الحرب المستمرة منذ أكثر من ست سنوات هو الدعم الجوي الذي تلقته من روسيا، مؤكداً أنه لا ينبغي أن ينسب الفضل إلى إيران في هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لأن طهران مجرد «متطفل». وفي لندن، اتهم وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون روسيا بمحاولة التستر على استخدام حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لغاز السارين، وقال إن سلوك موسكو يقوض الإجماع الدولي ضد الأسلحة الكيماوية. وفي تعليق على نشر التقرير دعا جونسون المجتمع الدولي إلى محاسبة حكومة الأسد. وشن أيضاً هجوما حاداً على روسيا التي ساعدت في التوسط لاتفاق أبرم في العام 2013 ووافق الأسد بمقتضاه على تدمير مخزون سورية من الأسلحة الكيماوية. من جهتها، ذكرت وزارة خارجية فرنسا إن انعدام المحاسبة أمر «غير مقبول»، وقالت الناطقة باسم الوزارة أنييس روماتيت اسبانيو إن تقرير خبراء منظمة «حظر الأسلحة الكيماوية» هو «تأكيد للانتهاكات الخطيرة للنظام السوري». وأضافت إن «الافلات من العقاب غير مقبول. فرنسا تواصل العمل مع شركائها في نيويورك ولاهاي من أجل الخروج بخلاصات عملية من التقرير وتحديد الطريقة الأمثل لمعاقبة المسؤولين عن هذه الهجمات ومكافحة انتشار الأسلحة الكيماوية».
مشاركة :