ملائكة على الرصيف.. بأي ذنب قُتلت؟

  • 11/1/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل ظاهرة التخلي عن الأطفال حديثي الولادة ورميهم، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، جريمة بشعة بحق الطفولة؛ حيث يوجد الكثير من الأمهات يقمن برمي أطفالهن الرضع دون أية رحمة أو شفقة، وتتركه أمه وحيداً يواجه مصيره المجهول، فإما يتم العثور عليه قبل فوات الأوان ليعيش في دار الأيتام ملقباً بـ"لقيط" أو يلفظ أنفاسه الأخيرة وهو لا ذنب له بالخطأ الذي ارتكبه والداه، ولسان حاله يردد قوله تعالى: "بأي ذنب قتلت" (سورة التكوير). وتقبل بعض العائلات على التخلص من الأطفال حديثي الولادة لعدة أسباب؛ أبرزها الوضع المادي، وانفصال الوالدين، أو الحمل خارج إطار الزواج، وهذه الحالات باتت منتشرة وبكثرة في بغداد والمحافظات حتى أصبحت اليوم ظاهرة لا يستغرب منها المواطنون، ولا تثير في نفوسهم سوى الشفقة على هذا الصغير الذي لا يعلم ما يُخفي له المستقبل. في كل أسبوع تقريباً يتم العثور على طفل حديث الولادة مرمي على قارعة الطريق أو قرب مكبٍ للنفايات، تنهش الحيوانات والقوارض أطرافَه، كما حصل مع الطفلة بتول، التي لم يتجاوز عمرها الـ48 ساعة عندما وُجدت مرمية على أطراف أرض زراعية بالقرب من أحد شوارع محافظة ديالى شرقي العراق، والتي أطلق عليها نشطاء المواقع الاجتماعية لقب "الطفلة المعجزة" لبقائها على قيد الحياة بعد الساعات الطويلة التي قضتها في العراء مع وجود الحيوانات والقوارض التي التهمت جزءاً من شفتيها وأطرافها. تقول آلاء محمود ممرضة في أحد المستشفيات العراقية: إن ظاهرة الأطفال مجهولي النسب، تتزايد يوماً تلو الآخر، وتعود بعض حالات رمي الأطفال إلى انفصال الوالدين أو موت أحدهم أو التفكك الأسري، إضافة إلى حوادث الاغتصاب، والحمل خارج إطار الزواج. وتضيف آلاء أنه لا توجد إحصائيات دقيقة أو أرقام حقيقية تحدد أعداد الأطفال "كريمي النسب" في العراق. كما يرى باحثون اجتماعيون أن موجة النزوح والتهجير التي طالت جزءاً كبيراً من محافظات العراق، وفي ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية القاسية التي يعيشها النازحون في مخيمات دفعت البعض منهم للتخلص من أطفالهم لتخفيف الضغوطات العائلية. وفي عام 2014، سعت هيئة رعاية الطفولة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقيّة، إلى إطلاق تسمية "كريم النسب" على الطفل "اللّقيط"؛ لتصبح تسمية رسمية معتمدة في دوائر الدولة، في محاولة لتخفيف الشعور بفقدان الأم والأب. وتشجع أحكام المادة السادس عشرة من نظام دور الحضانة رقم 12 لسنة 1965 العراقي، على تبني اللقطاء ودمجهم في المجتمع، ويسمح لدور الحضانة بموجب القانون باستقبال كريمي النسب المسجلين في دوائر الشرطة والمستشفيات والمحاكم والمؤسسات الخيرية، بعد التأكد من هوية المودع وعنوانه الكامل. يتعرض المئات من الأطفال كريمي النسب للاستغلال الجنسي والخطف من قبل عصابات للمتاجرة بالأعضاء البشرية، وأيضاً يتم استغلالهم من قبل المجاميع المختصة بالتسول، فأصبحنا نرى المئات من الأطفال يتجولون في الشوارع يستجدون أو يبيعون المناديل الورقية لجني بعض المال، ويتم توزيعهم على الشوارع والأسواق لبيع المناديل والأكياس البلاستيكية والزهور، وبحسب أقوال المختصين أن أغلبهم من مجهولي النسب وغير مسجلين في قوائم الحالة المدنية. قد تختلف الأماكن وتتعدد الأسباب، لكن الجريمة واحدة: رمي الرضع في حاويات القمامة، بداية القصة تكون هاتف وغزل ولقاء في مكان بعيد عن الأنظار ونهايتها طفل بلا ذنب، وقع ضحية حب فاشل، والذئب قد هرب بعدما أشبع غريزته تاركاً الفريسة للعار والخطيئة... أو ربما قصة اغتصاب لم يكن للضحية ذنب بما حصل فأقبل الأهل على رمي الرضيع، وربما قتلوا الأم بلا شفقة أو رحمة كي لا يمس كلام الناس شرفهم، وأخيرًا على الحكومات والمسؤولين اتخاذ إجراءات رادعة لمثل تلك الممارسات التي تهدد الأمن المجتمعي في الصميم، والحد من أماكن الولادات والإجهاض غير المرخصة، فهي عامل أساسي يسهل الولادات غير الشرعية ويتسبب بظاهرة رمي الأطفال كريمي النسب. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

مشاركة :