«كيف تقرأ الرواية» في مؤسسة بحر الثقافة

  • 11/2/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أبوظبي: نجاة الفارس نظمت مؤسسة بحر الثقافة في مقرها في أبوظبي، أمس الأول محاضرة بعنوان «كيف تقرأ الرواية ؟» للناقدة زينة الشامي عضوة في المؤسسة وأستاذة الأدب العربي، وكان محور كلامها كيف نجعل من قراءة الرواية متعة لا إسقاطاً لمناهج وقهراً للنص. وقدمت الأمسية الروائية آن الصافي.أوضحت الشامي أن قراءة الرواية هي في الحقيقة قراءات، فمنها القراءة الأكاديمية المتخصصة، والتي قد تهتمّ بالرواية من حيث إنها لغة ونصّ محكم النسيج، فتفتّت معجمها وتفكّك تراكيبها وتقف عند تفاصيل الكلم، من ذلك ما تروّج له المدارس الأسلوبية التي ترى النص الروائي بناء لغوياً ومنتجاً كلامياً بالأساس، ومن القراءات الأكاديمية قراءة تعنى بالمضمون دون أن تقف مطولاً عند لغته فتتناول الرواية من حيث هي عرض لقضايا ومشكلات، وهنا تتنوع المدارس وتختلف فالمدرسة الاجتماعية ترى في الرواية تصويراً لمجتمع ما، وتبني قراءتها للنص كما لو كان مجتمعاً حياً أمامها فتهتمّ بتفاصيل المكان والزمان والشخوص فيها على اعتبار أنها صدى له.وتطرقت المحاضرة إلى أركان الإبداع الأدبي الثلاثة، وهي أولا مبدع ينشئ نصه ويلقيه بين أيدي أناس مجهولين في سياقات ثقافية واجتماعية واقتصادية ونفسية متفاوتة، وقد يضع لنفسه أهدافاً معينة وتصوراً لرسالة معينة يوجهها من باب أنّ الإبداع هو رسالة، مثل (المنفلوطي/‏الأخلاق)، (جرجي زيدان/‏التاريخ)، (غادة السمان/‏المرأة)، (أليف شافاق /‏الأقليات)/ وقد لا يضع أهدافاً دقيقة فيتجرد من ضيق الالتزام بقضايا غير قضايا الفن وشواغل الذات المبدعة.والركن الثاني نصّ واحد يوضع بين جمهور متعدد، والرواية إن شئنا تعريفها قلنا هي كائن لغوي يقص حكاية لها شخصياتها وأزمنتها وأمكنتها (أي لها سياقاتها الثقافية والاجتماعية والنفسية) وحبكتها، وقد تكون الحكاية فيها مجرد فخ لذيذ لتوريط القارئ حتى يتابع القراءة، والرواية هي صوت الفرد المكتوم الذي يدعونا إلى أن نجد مكاننا في العالم على رأي توماس بافيل، ويهمنا التركيز على اللغة بما هي رموز وعلامات تتراوح بين الشفافية والتكثيف، وبين التصريح والإيحاء.أما الركن الثالث فهو القارئ الذي لا يراد منه مبدئيا إلاّ القراءة أي الإنصات إلى النص، ومعلوم أنه لا يوجد قارئ واحد وهذا أمر بديهي مرتبط بتعدد مستهلكي الأدب وتفاوتهم سناً وثقافة وتجربة في الحياة، وتعدد انتماءاتهم الاقتصادية والاجتماعية ومشاربهم الفكرية وتركيبتهم النفسية وذائقتهم الجمالية إلخ.وذكرت أن من القراءات ما تروّج له المدرسة النفسية التي تحاول أن تشرّح الرواية تشريحاً سيكولوجياً، فتنبري لتحليل شخوصها كما لو كانت حالات نفسية، وقد ترى في عقدة الرواية عقداً نفسية، وفي المتخيّل إشارة إلى المكبوت عند الكاتب أو عند شخوصه أو عند المجتمع الذي أنتجت فيه، ثمّ القراءة التاريخية للنص الروائيّ التي تتعاطى معه كوثيقة تاريخية وشهادة على العصر، أو ترى فيه «سيرة ذاتيّة متنكرة» كما يقول هيلس ميلر، وبعيداً عن القراءة الأكاديمية تطالعنا القراءة البريئة كما يحلو لبعض النقاد تسميتها، وهي القراءة العادية للقارئ الباحث عن المتعة أو ما يسميه «بارت» الشغف أو اللذة، وهي تلك التي يسعى فيها القارئ إلى الاكتشاف والمعرفة وعيش تجربة جمالية ممتعة.وأضافت الشامي أن القراءة كما يقول «ميلر» كما الحب ليست فعلاً سلبياً على الإطلاق، إذ إنها تتطلب مجهوداً جسدياً ونفسياً وعاطفياً ومادياً، نحتاج فيها إلى براءة الطفل واندهاشه الأول، كما تلزمنا أدوات الراشد وحنكته وخبرته، والقراءة عملية مدهشة، موضحة أن جوته يصنف القراء إلى ثلاثة، من يستمتعون بالرواية دون تقييمها، ومن يقيمون أو يقومون الرواية دون أن يستمتعوا بها، والصنف الثالث، من يقيمون الرواية ويستمتعون بها في نفس الوقت، وهذا الصنف هو الذي يعيد إنتاج الرواية بشكل جديد، وحتى نكون من هذا الصنف الأخير، لا بد لنا من اكتساب بعض المعارف والأدوات الملائمة لكل نصّ حتى نضمن قراءة استكشافية نتعرف فيها إلى محيط النص، ونقرأ فيها الرواية قراءة داخلية ثم قراءة خارجية.وذكرت أن المحيط النصي هو ما تكشفه لنا الملامسة الأولى للكتاب مثل العنوان ومدلولاته، صورة الغلاف ودلالة الألوان فيها مثلاً، الصفحة الأخيرة من الغلاف، الإهداء، التصدير.. وغير ذلك، موضحة أن القراءة الداخلية للرواية هي دراسة الإطارين الزماني والمكاني، تحليل الشخصيات، تتبع الحبكة بما فيها العقدة والحل وغيرهما، ومناقشة القضايا المطروحة في الرواية، كما علينا أن نبدي اهتماماً حقيقياً بلغة الرواية، فهي التي تحيلنا إلى تصورات الروائي وإلى العالم الذي أنتجه والذي يريد تصويره، فلا مناص إذاً من استنطاق هذه اللغة من حيث الحقول الدلالية والصور البيانية المتواترة ونوعية الجمل والتراكيب، وهل كانت لغة فضفاضة أم مكثفة؟ وإلى أي حد ناسبت موضوع الرواية ؟ ثم دراسة السرد وأشكاله ودرجاته والحوار وأنواعه وأدواره.

مشاركة :