قصة "جميلة".. ليست كذلك | غسان حامد عمر

  • 9/7/2014
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

l الجمعة ١ ذي الحجة: «جميلة يا روح أبوها» هكذا ولدت جميلة، ويوم عقيقتها لبس والدها مشلحاً أبيض وبدا في غاية الفرح والابتهاج. السبت ٢ محرم: جميلة تدخل السنة الأولى في المدرسة الخاصة، بعض التكاليف المادية الإضافية لن تقف عائقاً أمام حسن تعليمها. الأحد ٣ صفر: سافرت الأسرة إلى القارة العجوز أوروبا.. فوالداها يريدانها وإخوتها أن يشاهدا حضارةً جديدة بمتاحفها و تاريخها التليد. الاثنين ٤ ربيع الأول: جميلة تدخل الثانوية وقد أصبحت أطول من والدها إذ تسير بجانبه، لا يصدق والدها الذي غزا الشيب فوديه أنها كبرت بهذه السرعة. الثلاثاء ٥ ربيع الثاني: حفل أسري تقيمه الأسرة في مطعمٍ فخم بمناسبة تخرجها من الثانوية، ووالدها يقدم لها عقداً من لؤلؤ ويُقبِّل رأسها، لأنه قرأ في السيرة كيف كان المصطفى يحترم فاطمة الزهراء ويجلسها على حصيرته. الأربعاء ٦ رجب: عم جميلة جاء بعريس لها، موظف أسرته تريد ستره وتزويجه لعله «يعقل» ولا أحد يعرف هذه المعلومة. الخميس ٧ شعبان: بعد ضغوط أسرية ومجتمعية يقبل أهل جميلة بالعريس. الجمعة ٨ رمضان: عقد قران جميلة في المسجد الحرام والمأذون يقرأ «ميثاقاً غليظاً» ويد العريس في يد والد جميلة التي تقف خلف إحدى الاسطوانات بكل فرح تنظر إلى مستقبل باهر. السبت ٩ شوال: العيد عيدان، فرح جميلة في قاعة مهيبة ورائحة العود تفوح وسط حديث السيدات وصور العريسين منذ طفولتهما على الشاشات التي تملأ المكان. الأحد ١٠ ذي القعدة: في شجار سخيف قام زوج جميلة بضربها وركلها ورميها على الحائط، ثم سافر إلى بلدٍ آخر مع أصدقائه، وطلب منها أن لا يراها حين عودته. الاثنين ١١ ذي الحجة: بعد سنوات من المحاكم والتردد على المحامين طُلّقت جميلة بلا نفقة، مثلها مثل كثيرات عادت لبيت والدها المتقاعد المكسور لتقتلها عيون وألسنة المجتمع. لتبدأ مأساة جديدة لعلاج جروح ليست جروحها الخارجية وحسب.. بل جروح داخلية قد لا تندمل. * كلمة أخيرة: إن الوالد الذي سلّمك أغلى شيء لديه لتُكمل ما بدأه.. لا لا تهدمه. أوقفوا هذا النزيف.

مشاركة :