غابت الشمس عن بلاد الأسد العجوز الخارج للتو من نصرٍ كبير ونستون تشيرتشل ، وبزغت على بلاد العم سام الذي دخل الحرب أخيراً وضحك كثيراً ، وإذ به يجد نفسه في أفضل حال : نصر ، اقتصاد قوي وسط عالمٍ مدين ، وساحة خلت له وحده جعلته يمد يد العون بمشروع مارشال للقارة العجوز ، وبدستور وضعه الجنرال «ماك آرثار» لحضارة اليابان السحيقة. لكن الولايات المتحدة لم تعتمد على الظروف وحسب ، ففيما كانت دول عربية تتسابق على شراء أجهزة التعذيب وعلى استقطاب خبرائها الألمان والسوڤييت ، دأبت أمريكا على استقطاب العلماء الألمان في عملية سرية أُزيح عنها الستار مؤخراً سميت آنذاك : «operation paper clip» ، أعطي فيها العلماء المنشقون عن النظام النازي هويات جديدة وتم توزيعهم في معامل مختلفة في عدة ولايات ، ويكفي أن يبحث المرء في محركات البحث عن هؤلاء العلماء مثل «تيسلا» فيجد أن مكان الميلاد في بلده الأم ومكان الوفاة في أحضان أميركا. هكذا كان الاستثمار في العقول المهاجرة والباحثة عن الحرية ، جنباً الى جنب مع تلك الأيدي الماهرة والأسر المنتجة التي سافرت بحراً على ظهر السفن التجارية في رحلة شاقة تمتد بضعة أسابيع ، حتى إذا لاحت شعلة الحرية من التمثال المهدى من فرنسا .. صرخ أحد المسافرين بلكنة ركيكة : «أميريكا..أميريكا!» تطورت وسائل السفر وظلت هذه البلاد خير مستقطب للعمالة الماهرة والعقول ، تخرج جامعة iit في بومباي في الهند آلاف الخريجين بعد فرزهم من بين عشرات الآلاف من المتقدمين باختبارات في منتهى الصعوبة ليطفئوا ظمأ «وادي السيلكون» وغيره من الشركات الضخمة حول العالم. وعندما تهاجر المعادن الثمينة ،لايبقى عادةً الا الزبد. للحديث بقية..
مشاركة :