شبح "التقاعد المبكّر" يُقلق موظفي السلطة الفلسطينية بغزة

  • 11/7/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

غزة/ نور أبو عيشة/ الأناضول- أثار إحالة الآلاف من الموظفين الحكوميين التابعين للأجهزة الأمنية، في قطاع غزة، إلى "التقاعد المبكر"، بداية الشهر الجاري، تطبيقا لقرار اتخذته الحكومة مؤخرا، استياءً واسعا في صفوف الموظفين. ولم يصدر عن الحكومة الفلسطينية أو حركة "فتح" التي ينتمي غالبية المحالين للتقاعد لها، توضيحات بشأن القرار، فيما لم يتسن لوكالة الأناضول الحصول على رد، غير أنه من المرجح اتخاذه لأسباب مالية. وفوجئ الآلاف من الموظفين، الخميس الماضي، بقرار إحالتهم للتقاعد المبكر، رغم عدم وصولهم لسنّ التقاعد بعد. ونقلت صحف فلسطينية محلية عن مصادر داخل هيئة التقاعد الفلسطينية، قولها إن قرار التقاعد الأخير، طال 7280 موظفاً عسكرياً، 5280 من غزة، بينما سيتقاعد 2000 عسكري في الضفة الغربية، موضحة أنهم سيحصلون على نسبة 70% من الراتب الأساسي. وهذه الدفعة الثانية التي يتم إحالتها للتقاعد، حيث قررت الحكومة، خلال جلستها في مدينة رام الله بالضفة الغربية في4 يوليو/ تموز الماضي، إحالة 6 آلاف و145 موظفًا من إلى التقاعد المبكر . ووفق نقابة الموظفين بغزة، فإن عدد الموظفين العسكريين (يتبعون للأجهزة الأمنية)، الذين أحالتهم السلطة الفلسطينية للتقاعد، قد بلغ حتّى اللحظة حوالي 14 ألف موظّف. وانتقد عارف أبو جراد، نقيب موظفي السلطة الفلسطينية بغزة، القرار بشدة. وقال أبو جراد، لوكالة "الأناضول":" الحكومة ترتكب جريمة بحق موظفيها في القطاعين العسكري والمدني بغزة". وتابع:" نعتبر قانون التقاعد الأخير جريمة ترتكب بحق موظفي غزة، الموظفين الذين التزموا بقرار الشرعية الفلسطينية، الذي طالبنا بالاستنكاف عن ممارسة أعمالنا عقب أحداث الانقسام". وكانت الحكومة الفلسطينية، قد طلبت من موظفيها في قطاع غزة، بالتوقف عن العمل، عقب سيطرة حركة حماس على القطاع في يوليو/تموز 2007، لكنها بقيت تدفع رواتبهم الشهرية. واتهم أبو جراد السلطة الفلسطينية بـ"التفريط بحقوق موظفيها بغزة، وعدم الحفاظ عليها". ويتابع مستكملاً:" كما أنه لا يوجد معايير يتم على أساسها إحالة الموظفين للتقاعد، فنجد المتقاعدين من أصحاب الرتب العليا، أو حتى من الجيل الشاب ذو الثلاثين عاماً، الأمر غير مفهوم إطلاقاً". ويقول إن آثار هذا القرار ستكون "كارثية" على قطاع غزة، وعلى العائلات التي يُعيلها أولئك المتقاعدين. وأضاف:" سيُحال المتقاعدون إلى سوق البطالة الجديد، خاصة وأن قطاع غزة يفتقر لأدنى مقومات الحياة الأساسية". ويتخوف الآلاف من الموظفين الذين تمت إحالتهم للتقاعد من عدم قدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم تجاه عوائلهم، أو التزاماتهم المالية خاصة وأن "المئات منهم يسددون قروضا بنكية، بحسب أبو جراد. ويضيف:" ستسوء أوضاع المتقاعدين الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، ولن يتمكن الكثير منهم من إرسال أبنائهم للجامعات أو المدارس". ويرجح مازن العجلة، الخبير الاقتصادي، أن يصل أعداد المتقاعدين من العسكريين في قطاع غزة إلى نحو 18 ألف موظف، وذلك حتّى بداية إبريل/ نيسان القادم (تاريخ انتهاء العمل بقرار قانون التقاعد المبكّر). وأوضح الخبير في الشأن الاقتصادي أن قرار تقاعد الموظفين في القطاع العسكري له بُعد مالي، وليس سياسي. وقال العجلة لوكالة الأناضول:" قبل نحو عامين، تم الاتفاق بين السلطة الفلسطينية والمؤسسات الدولية والمانحين والاتحاد الأوروبي على ضرورة تقاعد عدد من الموظفين الأمنيين لمعالجة العجز في فاتورة الرواتب". ولفت إلى أن السلطة الفلسطينية وافقت على قرار "التقاعد المبكّر"، سابقاً، إلا أن تنفيذه تم تأجيله بسبب ظروف الانقسام. ووصف العجلة الموظفين العسكريين في قطاع غزة بـ"الحلقة الأضعف"، حيث وقع اختيار الحكومة عليهم لترشيد نفقاتها. وأكّد العجلة أن إقالة الموظفين الأمنيين بغزة للتقاعد له نتائج سلبية على القطاع الأمني إذ أنهم يشكّلون ثروة معرفية ولديهم تراكم للخبرات. وقال:" أولئك الموظفين غالبيتهم من خريجي أكاديميات عسكرية وأمنية كبيرة سواء في دول عربية أو أخرى أجنبية، لديهم خبرات وإمكانيات هائلة ستُحرم منها الحكومة". وذكر العجلة أن المساعدات المالية الدولية لميزانية السلطة تراجعت من مليار و800 مليون عام 2008، إلى نصف مليار في عام 2016. وأضاف مستكملاً:" من ثم لا يوجد إيرادات جديدة، الحل الوحيد الذي أوجدته الحكومة لنفسها يكمن في تقليص فاتورة الرواتب". وبيّن العجلة أن تقاعد آلاف الموظفين سيؤثر على أوضاع عائلاتهم الاجتماعية والاقتصادية، ويفاقم من المعاناة الإنسانية. ومن جانب آخر، يعتقد العجلة أن لقرار "التقاعد المبكّر"، جانب إيجابي، يتمثل في "فتح المجال لتوظيف العاطلين عن العمل ". وقال:" في الفترة المقبلة غالبا ما تحتاج السلطة لكوادر جديدة، وهذا التقاعد يفتح الباب أمام العاطلين عن العمل، وتجنيد جيل شاب وتدريبهم وتأهيلهم". وأضاف:" إن السلطة تسعى لإنشاء أجهزة شابة من الجيل الجديد تابعة لها بشكل كامل". وكان حسين الشيخ، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قد قال في 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقّع قرارا لفتح باب التجنيد في قطاع غزة، لإعادة بناء الأجهزة الأمنية. وينفي العجلة، أن يؤثر إحالة آلاف من الموظفين العسكريين بغزة للتقاعد المُبكّر، على السيولة وفي السوق المحلي. وقال:" السلطة هي المسؤولة عن غزة، هي استلمت المعابر والوزارات، وهي التي ستنفق المصاريف التشغيلية على مؤسساتها". ويختلف المحلل السياسي طلال عوكل، مع العجلة، حيث يرى أن للقرار أبعادا سياسية. وقال لوكالة الأناضول:" أنا غير مقتنع أن الأمر له علاقة بالدول المانحة وترشيد النفقات، وإلا فالقرار كان من المفترض أن يطبق في غزة والضفة الغربية أيضاً". وتابع:" كما أن موضوع ترشيد النفقات واسع، وهناك أبواب كثيرة تحتاج السلطة لترشيد نفقاتها فيها". وأوضح عوكل أن غياب "التفسير الرسمي من السلطة حول قانون التقاعد المبكّر، يثير الجدل حوله". وأكّد عوكل أن تلك الإجراءات ستفاقم من الأوضاع الإنسانية والاقتصادية للموظفين بغزة. وقال:" عندما تم الخصم من رواتب الموظفين، انعكس ذلك بشكل سلبي جداً على حركة السوق الداخلي، وأحدث إرباكاً شديداً للموظفين، خاصة من الأشخاص المقترضين من البنوك أو من جهات أخرى". ويستبعد عوكل أن تساهم القيمة المتبقية من رواتب الموظفين المتقاعدين بغزة في تسيير حياتهم بشكل طبيعي. وذكر أن مواصلة إحالة الموظفين للتقاعد قد يؤثر على شعبية حركة "فتح" في قطاع غزة، لافتاً أن نتائج ذلك ستكون سلبية خاصة إذا ما جرى انتخابات رئاسية؛ في إطار تطبيق المصالحة الفلسطينية. ومن جانبه، قال هاني حبيب، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إنه لا يوجد أسباب "منطقية أو قانونية" تدفع بالحكومة لإحالة آلاف من موظفيها بغزة للتقاعد. ويقول في حديثه لوكالة "الأناضول":" إن تلك القرارات تأخذ طابعاً ثأرياً وعقابياً لقطاع غزة، وليس لها أي تفسير". ويعتقد حبيب أن إحالة الحكومة الفلسطينية للآلاف من موظفيها للتقاعد بغزة قد يؤجج الرأي العام ضدّها، وضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس. فيما يرجح أن تتسبب تلك القرارات بتدني مستوى شعبية حركة "فتح"، خاصة وأن معظم المنتسبين لأجهزتها الأمنية، وتم إحالتهم للتقاعد، هم من أبناءها، وفق حبيب. ويتوقع حبيب أن تستمر الحكومة بتحويل أعداد جديدة من موظفيها بغزة للتقاعد، مشيراً إلى أن "الحكومة تبرر ذلك بعدم انتهاء ملفات تمكينها بالقطاع حتّى اللحظة". وتسلمت الحكومة بداية الشهر الجاري، إدارة معابر قطاع غزة، من حركة حماس، حسبما ينص اتفاق المصالحة الذي وقعته مع حركة فتح في 12 أكتوبر/تشرين أول الماضي، في القاهرة. وينص الاتفاق على أن تتسلم الحكومة كامل المسؤوليات عن قطاع غزة في موع أقصاه بداية ديسمبر/كانون أول القادم. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :