مخاتلة-(نزار-قباني-سيد-«الدواعش»)

  • 9/10/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الحب ليس جريمة، الجريمة أن تبني هرماً من الحلمات، ألا تكتفي بإحالة النساء إلى قمقم الجواري بل إلى مجرد حلمات يتشكل منها هرم. كل الذين أحبوا نزار قباني سفاحون، لأنهم ارتضوا منه استباحة كل النساء من أجل نشوة ذكورية توهجت لتغدو عشقاً، وكأن المرأة مجرد منتج للحلمة مثل ما تكون البقرة مصدراً للحليب. مساعد الرشيدي نصب سيف العشق، مع أن مهمة السيف قطع الأعناق، فساوى بين الحب والموت، وأحال العشق صورةَ قاتل متسلسل لا تكتمل نشوته إلا حين يتسرب الدم ليرسم قلباً وهمياً. المفارقة أن مساعد النبطي البدوي أرقى درجة حضارية من نزار الدمشقي المدني، لأنه اعتبر الحب سطوة من دون أن يصل إلى حد الجريمة. منذ أن تعلمنا الحب وهو قائم على صورة كيوبيد يوجه سهماً إلى قلب فتتساقط منه قطرات دم. أحببنا كيوبيد كما أحب سوانا القتل، فكلاهما يهرق الدم وإن اختلفت الغاية. كان ديك الجن الحمصي مجرماً حين اتخذ جمجمة عشيقته كأس شراب، لكنه لم يبلغ مدى نزار قباني، ولم يستل سيف مساعد الرشيدي الذي خلط بين الفروسية والعشق فجعل السيف سلاحهما مع أن الحرب تقتضي إخضاع الآخر، بينما الحب لا يقبل بسوى خنوع الذات. يقولون إن الجواري جناية، وهي تاريخنا وروح أجدادنا وممارستنا اليوم وإن كانت بلا عقد أو توثيق. هي استرجاع دولي لحنين السطوة على النساء وابتذالهن، فلا يختلف «داعش» في بيعه النساء عن تجارة الجنس ورقيقه وإنْ تقَنَّعَ الأخير ببرقع القانونية والمدنية مع استنساخ الفعل. الحب لم يكن يوماً سيفاً بيد العاشق بل سره أنه يلين للعاشقة. بناء الحلمات لا يصنع حباً إنما يستعيد نشوة التتار الجنسية، ويعلن النقمة على المرأة والاستهانة، علماً أن معظم عشاق نزار من النساء اللاتي يردن «الانغماس» ويحلمن بـ«الاستشهاد» وهن يقدمن صدورهن قرابين. ربما قصد مساعد الرشيدي سيفاً غير ظاهر لكنه يبرهن أن العشق سطوة سلطة وميدان حرب لا مفر من إشهار الأسلحة فيه. العرب لم يحبوا يوماً مثل إدوارد الثامن الذي ترك عرشاً من أجل سيدة أحاطه حبها وغرامها، فاستكان إلى عشها واجداً فيه المقر والمستقر. العرب أرباب ثقافة الجواري، فإن ضاق بهم العشق وسعتهم خيارات التعدد والطلاق. في الوقت الذي ذرف فيه العرب الدموع تعبيراً عن اللوعة والاشتياق للحبيبة الغائبة استنكروا على جميل حبه لبثينة، وولع قيس بليلى، معتبرين أن عمر بن أبي ربيعة هو نموذج العاشق العربي لأنه غاص في بحر النساء فلم يقتصر على سمكة بعينها، كأنه قرش يلتهم ما يطفئ جوعه وإن كان شوكاً أو سماً. أبدع العرب في وصف النساء دون المرأة، وحددوا ملامح اشتهائهم لهن، وهو الإرث الممتد اليوم، فهي «لهطة قشطة» و «مزة» و«جلي» وغيرها. وحينما تضخمت مؤخرات السيارات سيطرت عليها أسماء النساء، ففي اليمن يسمون عربات تويوتا «ليلى علوي» حتى عام 2005 حين استلبت مونيكا لوينسكي الصدارة، وحين تريد شراء سيارة لاندكروزر في اليمن فحدد هل تريد ليلى علوي أم مونيكا! العرب سادة العشاق، لم يعشقوا يوماً إنما يشتهون النساء جملة، لذلك لا تهمهم الملامح والصفات الشخصية بل الشكل والاستدارة وطريقة انطواء اللباس، ما يجعل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكثر أنصار المرأة، لأنها تشترط غياب التفاصيل الظاهرة، وتحيل الأمر على الجوهر وإن كان لا مفر من النظرة، فالمبرقعات كن أصل العشق والرغبة، ومحمد عبده بذلك خبير.

مشاركة :