مخاتلة (الرئيس هادي... سيد المفاجآت)

  • 2/23/2015
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

ذكاؤه كامن. حضوره خفي. ليس له كاريزما القيادة وإن أظهرت خطواته الأخيرة براعة في التفلت والتفوق على خصومه في الاستدراج والمراوغة، حتى إنه أدخلهم في فخ قاتل وخرج سالماً منتصراً. براعة مفاجئة لم تكن من ملامح الرئيس هادي الظاهرة، فهو رجل الظل حتى وهو رئيس، وكان الحلقة الأضعف حين سلّم اليمن إلى الحوثي وخنع لكل طلباته الفاحشة، واعتبر الانقلاب حراكاً شعبياً، لذلك تلقى كل اللعنات والتهم، بدءاً من الضعف وانتهاء بالخيانة. لكنه فجأة تغير كأن روحاً جديدة تلبسته، فأوقع باستقالته خصومه في فخ ذكي لم يستطيعوا الخلاص منه، ثم زادهم قتراً حين تحرر من قيدهم وسجنهم، فوصل عدن معيداً الزمن إلى ما قبل الـ21 من أيلول (سبتمبر)، بعد أن أدرك اليمنيون أن الحوثي لا يمثلهم ولا ينقل مطالبهم، بل يريد أن يرهنهم ويسلمهم إلى حوزة أخرى خارج أرضهم وبعيداً عن منهجهم. هادي هو الرئيس الشرعي دولياً، وحيثما انتقل فهو مقر الدولة ومركز الشرعية، ففقد الحوثي كل أدواته ولم يعد له سوى الخضوع للحوار الوطني والمبادرة الخليجية التي اعتمدها الرئيس الناجي، أو التعنت وتحوله إلى مجموعة متمردة يقاتلها الشعب اليمني وإن استمر في سيطرته على صنعاء. دموع كثيرة ذرفت منذ سقوط صنعاء الأول، واحتفلت أصوات في طهران بانضمام العاصمة العربية إليهم، وتعرض مجلس التعاون إلى انتقادات بسبب تراخيه وتهاونه ومساندته اتفاق السلم والشراكة، لكن الواضح الآن أن مجلس التعاون كان يقرأ المشهد جيداً، ولم يكن خصماً للحوثي إن أراد الدخول طرفاً في الحياة السياسية بموافقة الدولة الشرعية، إلا أن الحوثي لم يرض بذلك، ودفعته نشوته الساذجة وموالاة حزب المؤتمر - الطرف القوي يمنياً - إلى التمدد السريع نتيجة سيطرته على الرئاسة، ويقينه بأنه قادر على إرغامها على التوقيع على كل ما يريد. استيقظ الحوثي فإذا ورقته الرابحة تسربت من بين يديه واستقرت في عدن لتكون عاصمة موقتة للحكومة، ثم خرج الرئيس في اليوم ذاته ليعلن أن اليمن استرد صورته قبل الـ21 من سبتمبر، وأن الحوار مستمر وفق مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، فمسح كل إنجازات الحوثي باستثناء الدماء التي أزهقها والممتلكات التي دمرها والاقتصاد الذي أرهقه. الإرباك الذي أحدثه الرئيس هادي لم يكن في نجاته من الاحتجاز، بل في توقيع اتفاق السلم والشراكة الذي كشف عن وجه الحوثي وأسقط أقنعته وأثبت تبدلاته وتقيته ومخادعته، ولولا هذه الخطوة لما كانت نجاة الرئيس من الإقامة الجبرية عودة للروح اليمنية ومشهداً احتفالياً جمع المختلفين وشرّع بوابة أمل بتجاوز اليمن أزمته وخلاصه منها، في حال الاستفادة من الأخطاء السابقة وفهم أن ما حدث كان تخريباً مقصوداً يدخل اليمن في حروب أهلية ومآزق اقتصادية وعذاب مستديم. كان السؤال: إلى أين سيمضي الحوثي ومتى سيتوقف؟ السؤال: ماذا بإمكان الحوثي أن يفعل وإلى أي مدى سيتراجع وكم ستبلغ خسائره؟ شكراً لكل من دعم الحوثي وشجع تمدده، فقد أسدى إلى اليمن خدمة جليلة أيقظته من الغفوة وأعادت احتشاد صفوفه.

مشاركة :