طمس ذاكرة الشعر الجزائري بقلم: أزراج عمر

  • 11/10/2017
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وزارة الثقافة الجزائرية التي يفترض أنها الوصية على كنوز الثقافة الوطنية لم تفعل شيئا ذا بال في مجال وضع وتنفيذ مخطط استكتاب مؤرخي الأدب حول التراث الشعري الجزائري.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/11/10، العدد: 10808، ص(15)] يعاني الشعر الجزائري القديم والمعاصر معا من انعدام مؤرخي الأدب الذين يؤرخون لنشأته وتطوراته ولشعرائه في المشرق العربي. ربما يستطيع الراصد المحايد القول إن بعض مؤرخي الأدب والثقافة الشعبية الفرنسيين قد خدموا الشعر الجزائري من حيث التأريخ له ولشعرائه أكثر من المؤرخين العرب. إن هؤلاء الفرنسيين قد كتبوا كتبا وقدموها للقارئ الفرنسي وهي تتراوح بين التأريخ للشعر الجزائري وتقديمه وبين تخصيص ترجمات له إلى اللغة الفرنسية وإصدارها في أنطولوجيات تغطي الشعر المكتوب من طرف الشعراء الجزائريين القدامى والمعاصرين باللغة الأمازيغية أو الفرنسية أو العربية. يمكن ذكر بعض الأمثلة القليلة فقط التي تظهر الجهود المبذولة من قبل هؤلاء لحفظ ذاكرة الشعر الجزائري ومنهم أدولف هانوتو الذي أنجز مجلدا من جزأين حول ثقافة منطقة القبائل (الأمازيغ)، وأنطولوجيا الشعر الشعبي القبائلي (الأمازيغي)، وهنري باسي الذي أرَخ للأدب البربري الأمازيغي، والدارس والمترجم والأستاذ سابقا بجامعة السوربون جان ديجو الذي أصدر الكتب معتبرة باللغة الفرنسية حول الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية وبالعربية، وأنطولوجيا قيَمة اختيارا وترجمة فنية راقية تضم مختارات للشعراء الشبان الجزائريين لفترة ما بعد الاستقلال. إن هذه الأمثلة هي غيض من فيض ولا نجد لها نظيرا في المنطقة العربية التي تدير بظهرها للثقافة الجزائرية القديمة أو المعاصرة. ففي مصر، مثلا، لا نجد أي كتاب موسوعي شامل لناقد مصري يؤرخ فيه لتطورات الأدب الجزائري، بما في ذلك الشعر في لغاته الثلاث وعبر الحقب التاريخية القديمة والحديثة والمعاصرة، ولا شك أن الأمر هو نفسه في سوريا والأردن وهلم جرَا، حيث لا يسمعون بالشعر الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية أو المكتوب باللغة الأمازيغية علما أن هذا الشعر يرقى إلى مصاف العالمية بامتياز. ومما يؤسف له أن وزارة الثقافة الجزائرية التي يفترض أنها الوصية على كنوز الثقافة الوطنية لم تفعل شيئا ذا بال في مجال وضع وتنفيذ مخطط استكتاب مؤرخي الأدب حول التراث الشعري الجزائري الممتد على مدى قرون من الزمان، كما أن وزارة التعليم العالي ومؤسساتها الفرعية لا توجد بها مصالح متخصصة في إنجاز الموسوعات والأنطولوجيات المكرسة للشعر الجزائري عبر مختلف الحقب الزمنية وبكل اللغات المعمول بها في الجزائر، وذلك بهدف التعريف به لدى طلابنا وطالباتنا وخارج الفضاء الجزائري في أن واحد. لا شك أن التأريخ للأدب بشكل عام وللشعر بشكل خاص مهمة ثقافية مهمة وهي تدخل أساسا في إطار تشجيع عمليات لمَ شمل العناصر المشكلة للهوية الثقافية والحضارية للوطن، ولكن هذا التوجه الأدبي مطموس ما عدا بعض الشذرات القليلة جدا وهي في صورتها الحالية لا تغطي الإنتاج الشعري الجزائري بلغاته الثلاث وعبر مختلف الحقب التاريخية. كاتب جزائريأزراج عمر

مشاركة :