العمل الدبلوماسي الذي تطلق عليه بعض الدول بالعمل النوعي يتبدد ذلك حين تدخل السفارات والقنصليات التي تصطبغ بلون الكتلة التي يمثلها الوزير من حيث القومية والطائفة التي يمثلها.العرب صباح ناهي [نُشر في 2017/11/11، العدد: 10809، ص(24)] لعلّها أحد أهم مظاهر المحاصصة في ما يسمى بالعملية السياسية في العراق، التي أنفق عليها المئات من المليارات خلال الأربعة عشر عاما الماضية ورعتها دول كبرى وعظمى ومتوسطة. وطبّل لها المئات من الكتاب والفضائيات مدفوعة الأجر، لكن حين تقترب كثيرا من متغيراتها، المتمثلة في وجهها الدبلوماسي الذي يتعامل معها العالم والجاليات المليونية العراقية في الخارج، تكتشف من حشود الموظفين المعيّنين فيها حديثا أنها أضحت نوع من العمل المحاصصي أو الفضائي على حد وصف العراقيين وهم يسخرون من التعيينات بلا عمل حقيقي، في زمن الديمقراطية. أولئك المتوظفين الجدد من أبناء أو إخوة أو أقارب أصحاب السعادة والمعالي، وهي مسميات دخيلة على آليات اشتغال الدولة العراقية، منذ تأسيسها العام 1921 بعهديها الملكي والجمهوري، حيث مد السادة الوزراء والنواب بصرهم إلى خارج المناصب والوظائف العامة في الداخل بعد أن فرغوا وتمكّنوا من مناصب الدولة في الداخل نوابا ووزراء ومدراء ومستشارين ورؤساء كتل وأحزاب ومسميات، مدّوها إلى الخارج ليتحاصصوا على السفارات والقنصليات العراقية في العالم. بل أصغر موظفي السفارات والقنصليات، وامتلأت بأقارب هؤلاء وأولئك، وجلهم غير مختصين، ولا يمت عملهم الأصلي بصلة للعمل الدبلوماسي لا من بعيد ولا من قريب، بل إن البعض من السيدات كنّ ربات بيوت، وآخريات يعملن بمهن حرة ومن دون تأهيل ولا دورات تنقلهم إلى العمل الدبلوماسي بشرط معروف في الخارجية العراقية وهو حمل شهادة البكالوريوس على أقل تقدير، وخبرة ليست أقل من خمس سنوات في الخارجية، ليرشح للعمل في الخارج. العمل الدبلوماسي الذي تطلق عليه بعض الدول بالعمل النوعي يتبدد ذلك حين تدخل السفارات والقنصليات التي تصطبغ بلون الكتلة التي يمثلها الوزير من حيث القومية والطائفة والكتلة التي يمثلها، وتعال وشوف محصلات الفوضى والتجمهر في أبواب السفارات والقنصليات بانتظار توقيع معاملة أو مراجعة على استصدار جواز، أو مسعى لزيارة العتبات المقدسة في العراق، أو عمل تجاري. وحين تتبيّن لدى مراجعة سجل أسماء الموظفين الجدد بعد ألفين وثلاثة، يتبين لك من كان وراء تعيين أولئك الموظفين ومن هم أقاربهم في البرلمان أو الوزارات، وتكتشف المحنة الدبلوماسية التي يدفع ثمنها العراقيون في الخارج والتعامل مع سفارات وقنصليات من المعارف والأقرباء دون تخصصات، أربكت العمل الدبلوماسي، وأفرزت موظفين عبءا على الدولة والناس، لتكتشف ثمار تلك العملية السياسية التي ألغت التراتبية المهنية في قطاعات كثيرة في الداخل والخارج. ولكن حين تحدث هذه الفوضى في الداخل فإنها تعالج بتركيبة الداخل الاجتماعي والقانوني، لكن في العمل الخارجي تدخل متغيّرات كثيرة في مقدمها، نوع الأداء وسمعة الدولة وكفاءة ونزاهة موظفيها. صباح ناهي
مشاركة :