اعتداء التلاميذ على أساتذتهم ظاهرة تثير قلقا في المغرب بقلم: محمد بن امحمد العلوي

  • 11/15/2017
  • 00:00
  • 22
  • 0
  • 0
news-picture

اعتداء التلاميذ على أساتذتهم ظاهرة تثير قلقا في المغربأثارت حوادث اعتداء تلامذة على أساتذتهم في المغرب جدلا واسعا خلال الأيام القليلة الماضية. وأوقفت السلطات الأمنية المغربية تلميذين بتهمة الاعتداء الجسدي على أساتذة في حادثتين منفصلتين. كما أكدت وزارة التربية والتعليم العالي المغربية أنها ستشدد إجراءات التصدي للظاهرة بهدف حماية المسؤولين الإداريين والتربويين.العرب محمد بن امحمد العلوي [نُشر في 2017/11/15، العدد: 10813، ص(4)]التربية على احترام المعلم تبدأ من هنا الرباط - تفاقمت حوادث اعتداء التلامذة على المدرسين داخل المؤسسات التعليمية في المغرب خلال الأيام القليلة الماضية. واستنكرت أوساط مغربية مختلفة وعلى نطاق واسع هذه الظاهرة التي أثارت جدلا كبيرا في المملكة. وفي وقت سابق ضرب تلميذ أستاذه داخل الفصل بمدينة ورزازات جنوب المغرب، بالإضافة إلى اعتداء آخر على مدرس بثانوية ابن بطوطة التأهيلية في منطقة اليوسفية بالرباط. وأكدت وزارة التربية والتعليم العالي في المغرب، في مذكرة أرسلتها لمسؤولي فروعها المحلية ومديري المؤسسات التعليمية، على ضرورة مواصلة “الجهود المبذولة من أجل التصدي الحازم لكل مظاهر العنف بالوسط المدرسي”. وأضافت أن الظاهرة تتعارض مع قيم المؤسسة التعليمية وتنعكس سلبا على المناخ التربوي داخلها، مشيرة إلى أن “العنف ضد التلاميذ أو ضد المسؤولين الإداريين والتربويين سلوك سلبي ومنبوذ بكل المقاييس التربوية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية”. ووصف جواد مبروكي الطبيب النفسي المغربي لـ”العرب”، تعنيف الأستاذين بورزازات والرباط بـ”الأمر الخطير”. وتابع “التلميذ عندما يقفز من مقعده ليضرب أستاذه فهو يعتدي على أحد مقدسات المجتمع باعتبار قيمة المدرسة والمدرس”. وقال مبروكي إن “ما حدث بالمؤسستين التعليميتين مسألة خطيرة تبرز مدى تفكك الارتباط بين المدرسة والمجتمع والعائلة”. وأوضح “عندما تنتقد العائلة باستمرار الأستاذ والمدرسة أمام أبنائها، يتبنى الأطفال تلك المواقف ويصبح المدرس بالنسبة إليهم عدوا يمكن أن يستخدموا العنف ضده”.متابعون للشأن المغربي يؤكدون أن اعتداء التلاميذ على الأساتذة في المغرب تهدد المنظومة الأخلاقية والتربوية وورد في مذكرة وزارة التربية والتعليم العالي “بات من الضروري الرفع من مستوى فعالية التدابير المتخذة ميدانيا للتصدي لجميع حالات العنف المدرسي، بما يلزم من حزم وسرعة ونجاعة”. وأجمعت الأوساط التعليمية في المغرب على أن الاعتداء المتواصل على المعلمين والأساتذة يضرب في العمق هيبة المدرس والمؤسسة التربوية. وأكدت الأوساط أن الأمر يتطلب تدخلا عاجلا لإعادة الاعتبار للمدرسة واحترام الأساتذة. وطالب البعض بتطبيق النصوص التشريعية لمعاقبة التلميذ الذي يعتدي على أستاذه. وأكدت وزارة التربية والتعليم العالي أن “الاعتداء على الأساتذة والمعلمين والمسّ من كرامتهم مسألة لا تهاون ولا تسامح فيها وهو فعل مرفوض”، مشيرة إلى أنه “فعل يتجاوز الاعتداء على شخص هؤلاء ليمسّ المؤسسة التعليمية والمنظومة التربوية برمّتها”. كما شددت على أن المدرسة ستتصدى لممارسة العنف داخلها من خلال اعتماد الحزم في التعامل مع كل سلوك لا يتناسب مع قيمها، إذ أن من بين المهام الأساسية لإدارة المدرسة توفير الحماية لكوادرها الإدارية والتربوية من الاعتداءات المادية واللفظية. وتم اعتقال التلميذ الذي اعتدى على أستاذه، بعد يوم من الحادثة. وقالت المديرية العامة للأمن الوطني، في بيان صادر عنها، إن أبحاث مصالح الأمن جاءت بناء على معطيات تضمنها مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تمكّن رجال الأمن في وقت وجيز من تحديد هوية التلميذ الذي اعتدى على أستاذه. وبعد أربعة أيام من الحادثة، تم الاعتداء بالضرب على أستاذ بثانوية في حي النهضة من منطقة اليوسفية بالرباط من طرف تلميذه. وقرر مجلس الأساتذة بالثانوية المذكورة فصل التلميذ. وأعلنت المديرية العامة للأمن الوطني أن الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية الثالثة بولاية أمن الرباط فتحت بحثا، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مع التلميذ بثانوية ابن بطوطة بتهمة الاعتداء الجسدي على أستاذه. وأكد مبروكي أن “غياب التربية على القيم الإنسانية وعلى الحس بالانتماء وكثرة الأحكام المسبقة تنتج انحرافات في سلوك المراهقين داخل مدارسهم”، مضيفا أن النتيجة تكون تعنيف الأستاذ أمام تلامذته “الذين لا يهتمون ويكتفون فقط بتصوير ما يحدث”. وقال مبروكي “عدم تدخل هؤلاء التلاميذ لردع زميلهم على الاعتداء على الأستاذ أمر خطير”. وشدد على أهمية إيجاد صيغ ملائمة لانقاد هذا الجيل من تبعات شعورهم باللامبالاة، متابعا “هذا أمر لا يجب السكوت عنه”. وأكدت وزارة التربية والتعليم العالي المغربية على ضرورة اعتماد البعد التشاركي في التصدي لحالات العنف من خلال إشراك مختلف الأطراف المعنية والفاعلة، من تلاميذ ومسؤولين تربويين وإداريين وجمعيات أولياء أمور التلاميذ ومكونات المجتمع المدني وسلطات أمنية وغيرها. وقالت الوزارة إن “التصدي لحالات اعتداء التلاميذ ضد أساتذتهم واجب مشترك يتطلب تضافر جهود الجميع”، بالنظر لتعدد مسببات هذه السلوكيات وتنوع مستويات التدخل الممكنة من أجل مكافحتها.

مشاركة :