كيف بدأت صفقة K-DOW؟ وكيف انتهت؟!

  • 11/16/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 2002 اختارت شركة صناعة الكيماويات البترولية (PIC) التابعة لمؤسسة البترول الكويتية KPC شركة داو كيميكال CHEMICAL DOW شريكا استراتيجيا لمشاريعها الاستثمارية إثر استحواذ «داو» على شركة «يونيون كاربايد» الشريك الاصلي لمشروع ايكويت عام 2001. توسعت بعدها المشاركات في مشاريع الاوليفينات والستايرين وحققت هذه المشاريع نجاحات وأرباحا كبيرة ولا تزال. في عام 2004 زادت PIC رأسمالها من 400 الى 600 مليون دينار كويتي لتنفيذ خططها الاستراتيجية والتشارك في مشاريع خارجية مع «داو» بقيمة 700 مليون دولار في مصانع شركة «ام إي غلوبال» في كندا وشركة «إكوابوليمرز» في اوروبا لتصنيع البولي إستر والايثلين جلايكول. القفزة الكبرى بدأت في ديسمبر عام 2007 عندما اعلنت PIC وDOW عن مذكرة تفاهم تمهد لشراكة ضخمة جدا اكبر من امكانات PIC المتواضعة، اذ بلغت قيمة الشراكة 19 مليار دولار اميركي وافقت فيها داو على بيع نصف ملكيتها في بعض مصانعها المنتشرة حول العالم مقابل 9.5 مليارات دولار اميركي!! هذه الصفقة كانت بمنزلة اعلان ولادة شركة K-DOW. شكلت عملية تمويل الصفقة تحدياً مربكاً لكل من KPC وPIC التي طلبت رفع رأسمالها مرة أخرى خلال فترة زمنية قصيرة. وتبقى كيفية التمويل سؤالاً مشروعاً، فهل كانت KPC ستلجأ الى بيع بعض اصولها؟ رفع راسمال الشركة؟ ام للاقتراض الدولي؟ وكلها آليات تحمل في طياتها نسبة من المخاطر المالية المتفاوتة!! استعانت PIC ببعض البيوت الاستشارية لتقييم الصفقة فنياً ومالياً وقانونياً ولكن للاسف تكررت الاستعانة بأحد المستشارين ممن سبق له اعداد دراسة جدوى اقتصادية لإكوابوليمرز افتقرت للدقة المهنية، وادعت تحقيق عائد يصل الى %18، إلا ان الشركة فشلت في تحقيق ذلك العائد وتكبدت خسائر فادحة تقارب 350 مليون دولار! أما كان من الحصافة الادارية محاسبة من تسبب في الخسارة قبل التفكير مرة ثانية في التوسع مع داو بشكل أضخم؟! إلا ان اجراءات المشاركة سارت بهدوء ولم يولِ أحد اهمية لخسارة المال العام!! كما أن وصف الاجراءات بأنها صحيحة وسليمة لا يعني تباعا انها فرصة استثمارية ناجحة. كانت لدى DOW خطط لمشاريع استحواذ وشراكة في سنة 2007 منها الاستحواذ على شركة «رووم أند هاس»، انشاء مجمع للبتروكيماويات في السعودية مع شركة ارامكو باسم صدارة، انشاء مجمع آخر في ليبيا – راس لانوف مع شركة البترول الليبية، تميز كلا المشروعين في تشييد مصانع جديدة ونقل التكنولوجيا الى السعودية وليبيا وتوفير فرص عمل للمواطنين!! بينما شراكة K-DOW عبارة عن شراء مصانع موجودة خارج الكويت قائمة منذ زمن وبعضها قديم، فأين دور تنمية البلد هنا؟ الاعلان عن توفير 5 الاف فرصة عمل كلام لا ينسجم مع واقع حال تلك المصانع التي يعمل فيها الالاف، فكيف ستوفر الصفقة فرص عمل للكويتيين في تشيلي والارجنتين كمثال!! بينما تعجز شركات المؤسسة عن توفير نفس العدد وتوجه الكويتيين للعمل مع شركات المقاولين الخاصة!! كما ان وجود شراكات اخرى لشركة داو في منطقة الشرق الاوسط سيؤثر في المركز التنافسي للشركة الجديدة. على الرغم من علم شركة PIC باهداف شركة DOW وتحولها الاستراتيجي للتخارج من الصناعات الاساسية للبلاستيك والكيماويات الى صناعات متقدمة في المواد المتخصصة، فإن PIC آثرت الدخول بشراكة تمثل الصناعات الاساسية النصيب الاكبر (بولي بروبلين، بولي ايثلين، استايرين) والصناعات المتقدمة النصيب الاصغر (بولي كاربونيت، الايثلين امينز) وضم مصانع اكوابوليمرز ذات الاداء المتدني الى الصفقة. في شهر يوليو 2008 دخلت داو في عملية استحواذ كبيرة على شركة رووم أند هاس بقيمة 18 مليار دولار وهي شركة تنتج المواد المتخصصة، وقد اعدت خطة لتمويل الصفقة مع مجموعة بنوك بقيادة سيتي غروب، ميرل لينش، مورغان ستانلي لتوفير 13 مليار دولار، إضافة الى 3 مليارات من هيثاوي بيرك شاير ومليار من هيئة الاستثمار الكويتية KIA. لكن الازمة الاقتصادية العالمية كان لها تأثير كبير. فقد افلس بنك ميرل لينش وليمان برذرز وضخ الائتمان الفدرالي 40 ملياراً في بنك سيتي غروب في شهر سبتمبر اي قبل موافقة المجلس الاعلى للبترول بنحو شهرين. واصبحت داو تعتمد على صفقة الكويت في الحصول على 9 مليارات كاش لاتمام عملية الاستحواذ على رووم، وهنا نرى ان الوضع التفاوضي كان لمصلحة الكويت اكثر. والسؤال: هل تمت اعادة تقييم الصفقة بمصانعها بشروط افضل بعد الانهيار الاقتصادي؟! علما بان داو سجلت خسائر بلغت 1.6 مليار دولار في الربع الاخير 2008. بعد الاعلان عن الصفقة اجاب رئيس شركة داو اندرو ليفيرس في لقاء مع شبكة CNBC عن سؤال للمذيع ان قيمة الصفقة تعادل قيمة نصف اصول الشركة في حين ما تم عرضه يمثل ربع اصول الشركة! وعلق المذيع مندهشاً هل هم مغفلون؟! هذه المقابلة صدمت الشارع الكويتي ليس لأن المذيع قال «مغفلون» بل الصدمة جاءت من قيمة الصفقة مقابل القيمة السوقية للشركة كلها!! بمعنى ان الصفقة فرصة استثمارية جيدة لداو وغير جيدة للكويت. وبعد الغاء الصفقة اضطرت داو الى بيع مصانع عدة لأنها لم تجد شريكاً لتمويل صفقة رووم اند هاس واغلاقها في يناير 2009. الغيت صفقة كي – داو في نهاية ديسمبر 2008 ولجأت داو الى هيئة التحكيم الدولية ICC في فبراير 2009 واصدرت حكما أولياً في مايو 2012 وحكماً نهائياً في مارس 2013 اقرت فيه اجمالي قيمة التعويض 2.479 مليار دولار أميركي. وقد مثل الكويت مكتب Ashurst ومثل داو مكتب Shearman & Sterling الذي صرح أن قيمة التعويض كانت الأعلى في تاريخ التحكيم الإنكليزي!! كما بدأت صفقة كي – داو مثيرة للدهشة والجدل انتهت كذلك أكثر بإعطاء خطاب تطمين في مايو 2013 لشركة داو كيميكال لضمان عدم التعرض لمشاريعها في الكويت! تحفظ عليه المستشار العام للمؤسسة. بعد خطاب التطمين أعلنت داو في اكتوبر 2014 تخارجها من ام اي غلوبال وعُيّن ممثلها رئيساً على ايكويت مؤخراً؟! • المصادر: American Lawyer، Delaware Court، Law 360، ملاحظات ديوان المحاسبة، التقارير السنوية لشركة داو، دراسات هارفارد. عبدالحميد العوضي خبير متخصص في تكرير وتسويق النفط

مشاركة :