أربعة منتخبات عربية إلى العرس العالمي بعد عبور مصر والسعودية والمغرب وتونس. ولأول مرة في التاريخ، نجحت أربعة منتخبات عربية في التواجد ببطولة كأس العالم، ولم تشهد بطولة كأس العالم منذ انطلاقها في العام 1930 تواجد أربعة منتخبات عربية حيث كان أقصى عدد للمنتخبات العربية المشاركة في المونديال ثلاثة وكان ذلك في نسختي 1986 و1998.العرب مراد بالحاج عمارة [نُشر في 2017/11/19، العدد: 10817، ص(22)]نبيل معلول مدرب عربي وحيد في معركة المونديال تونس - تشهد كرة القدم العربية في الفترة الحالية طفرة كبيرة على مستوى المنتخبات، وذلك بتأهل مصر وتونس والمغرب والسعودية إلى العرس العالمي الذي سيقام في روسيا 2018. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تتأهل فيها أربعة منتخبات عربية إلى المونديال الكروي، وكاد العدد يصبح خمسة باقتراب سوريا من تحقيق حلمها بالوصول إلى المونديال إلا أنها خسرت مباراة التأهل أمام أستراليا. وأمام هذا الإنجاز الرباعي باتت الجماهير العربية على موعد مع إنجاز غير مسبوق. وسجل المنتخب المصري بداية المشاركة العربية في المونديال حيث كان أول فريق عربي يشارك في كأس العالم وذلك في نسخة 1934 ولكن المنتخبات العربية غابت عن المونديال 36 عاما وتحديدا حتى نسخة 1970 التي تأهل لها المنتخب المغربي. ومثل المنتخب التونسي العرب في نسخة 1978 ثم صعد منتخبا الجزائر والكويت لمونديال 1982 قبل أن تصعد ثلاثة منتخبات لنسخة 1986 وهي العراق والجزائر والمغرب. وتأهل منتخبا مصر والإمارات إلى مونديال 1990 ثم المغرب والسعودية في نسخة 1994 كما صعدت المغرب والسعودية أيضا لنسخة 1998 جنبا إلى جنب مع منتخب تونس. ومثل منتخبا السعودية وتونس العرب في المونديال في نسختي 2002 و2006 بينما كان المنتخب الجزائري هو الممثل الوحيد للعرب في نسختي 2010 و2014. الراية العربية كان المنتخب السعودي هو أول من حمل راية العرب في روسيا خلال شهر سبتمبر بعدما احتل المركز الثاني في المجموعة الثانية بفوزه على اليابان صاحب الصدارة في المباراة الختامية بهدف نظيف. وكان هذا الانتصار بمثابة الإعلان الرسمي لعودة “الأخضر” السعودي للمونديال للمرة الخامسة في تاريخه بعد غياب عشر سنوات منذ المشاركة الأخيرة في مونديال 2006 بألمانيا. ولحق به بعد ذلك المنتخب المصري الذي انتظر نحو ثلاثة عقود من أجل التواجد ضمن أباطرة اللعبة منذ مونديال 1990 بإيطاليا، وذلك بعدما ضمن احتلال صدارة المجموعة الخامسة منذ الجولة قبل النهاية للتصفيات التي أقيمت في شهر أكتوبر المنقضي. وأكمل منتخبا تونس والمغرب عقد المتأهلين العرب في المونديال بعد اقتنصاهما بطاقتي العبور في المجموعتين الأولى والثالثة على الترتيب. واكتفى “نسور قرطاج” بتعادل سلبي، ولكنه بطعم الفوز، أمام ضيفهم الليبي ليعلنوا عن تحليقهم في سماء المونديال للمرة الخامسة والأولى منذ 2006 في ألمانيا.الجماهير تأمل في أن يكون مونديال الصيف المقبل شاهدا على إنجاز عربي جديد يتجاوز عقدة الدور الـ16 التي لازمت الفرق التي بلغت هذا الدور من قبل أما “أسود الأطلس” فاقتنصوا بطاقة التأهل عن المجموعة الثالثة من براثن منتخب كوت ديفوار بعدما تغلبوا عليه أمام جماهيره بهدفين نظيفين. وقاد هذا الانتصار المنتخب المغربي للظهور مجددا في البطولة الأقوى على مستوى المنتخبات بعد انتظار دام عشرين عاما منذ المشاركة الأخيرة في مونديال 1998 بفرنسا، وهي المرة الخامسة في تاريخه أيضا. وكان أكبر عدد من المنتخبات العربية المشاركة في المونديال، ثلاثة في نسختي 1986 بالمكسيك و1998 في فرنسا، وكان المنتخب المغربي هو القاسم المشترك فيهما إلى جانب منتخب العراق في الأولى، والسعودية وتونس في الثانية. ولم يتمكن أيّ منتخب عربي من بلوغ الدور الـ16 في المونديال باستثناء ثلاثة منتخبات فقط هي المغرب والسعودية والجزائر على الترتيب. واستطاع فريق “أسود الأطلس” أن يقدم بطولة رائعة في المكسيك عندما حقق المفاجأة واحتل المركز الأول في مجموعته، بأربع نقاط، والتي كانت تضم إنكلترا وبولندا والبرتغال. وفي الدور الـ16 خرج المنتخب العربي مرفوع الرأس بعدما كان ندا قويا لمنتخب ألمانيا الغربية حينها وخسر بهدف نظيف، قبل أن يواصل المنتخب الألماني مشواره في البطولة ويخسر النهائي لحساب الأرجنتين في المباراة التاريخية بنتيجة (3-2). واستمر تألق العرب في المونديال وكان الدور هذه المرة على السعودية التي فاجأت الجميع بأداء مبهر في مونديال 1994 بالولايات المتحدة الأميركية واحتلت وصافة المجموعة بفارق الأهداف خلف هولندا، في مجموعة حديدية ضمت بلجيكا والمغرب. بينما رسم منتخب الجزائر المشهد الختامي لهذا الحضور العربي المشرف في نسخة 2014 بالبرازيل. ومثلما كانت روسيا بمثابة الفأل الحسن للجماهير العربية بعد أن احتضنت العدد الأكبر من منتخباتها في تاريخ المونديال، تأمل هذه الجماهير في أن يكون مونديال الصيف المقبل شاهدا على إنجاز عربي جديد بتجاوز عقدة الدور الـ16 التي لازمت الفرق التي بلغت هذا الدور من قبل. تخطيط واستراتيجية بالتأكيد أن وصول أربعة منتخبات عربية للمونديال لم يكن وليد الصدفة بل هو وليد تخطيط واستراتيجية على المدى القريب والبعيد. ولا شك أن من بين الأسباب الحقيقية لهذا الظهور العربي الكبير في المحفل العالمي هو دون شك تراجع مستوى عدد من المنتخبات في أفريقيا بشكل خاص على غرار كوت ديفوار والكاميرون اللذين يعتبر تراجع أنديتهما وعدم تجانس لاعبيهما المحترفين سببا في الخروج من سباق التأهل للمونديال. كذلك يعود هذا الإنجاز العربي إلى المستوى القوي للبطولات المحلية (الدوري والكأس) في السعودية ومصر وتونس والمغرب، إضافة إلى قوة البطولات المحلية في هذه البلدان. ويكمن اعتبار أن معظم لاعبي المنتخبات المتأهلة من الأندية المحلية التي تخوض منافسات قارية وتعتبر الأقوى مثل الأهلي المصري والوداد البيضاوي والترجي والنجم الساحلي التونسيين، إضافة إلى عودة الأندية السعودية لمستواها القوي في السنوات الأخيرة.ضرورة إيجاد سياسة كروية في العالم العربي هذا فضلا عن أن تألق ووصول أندية البلدان الأربعة للأدوار الأخيرة في المنافسات القارية يدل على قوة المنافسة التي تعود بالفائدة على منتخباتها وعلى خبرة اللاعبين القادرين على اللعب ندا لند أمام أفضل الفرق والمنتخبات. كذلك لا بد من التذكير بالدور الأساسي والكبير والمتميز للاعبين المحترفين الذين وظّفوا خبراتهم في البطولات الأوروبية ورفعوا من مستوياتهم، في إشارة إلى المصري محمد صلاح لاعب ليفربول الإنكليزي والمغربي المهدي بن عطية لاعب يوفنتوس الإيطالي والتونسي أيمن عبدالنور لاعب مرسيليا الفرنسي، والعديد من اللاعبين الآخرين. لم تعد كرة القدم الحديثة تصنف المنتخبات إلى قوية وأخرى ضعيفة بل المقياس الأول أصبح خبرة اللاعبين ومدى اندماجهم داخل منتخباتهم الوطنية، حيث يكون التفاعل أكثر بين اللاعبين الذين يخوضون عددا أكبر من المباريات مع بعضهم البعض داخل أنديتهم. هذا فضلا عن أن عودة منتخبي المغرب (غاب عن آخر أربع نسخ) ومصر (غابت عن آخر ست نسخ) للمونديال بعد غياب طويل يعود إلى التركيز والتعلم من الأخطاء السابقة. لقد باتت المنتخبات العربية مطالبة بتأكيد جدارة تأهلها لكأس العالم والحفاظ على هذا التقليد ورفع مستوى الطموحات بتجاوز فكرة المشاركة من أجل المشاركة فقط واللعب دون عقد للوصول إلى أدوار متقدمة احتذاء بمنتخبات أميركا الجنوبية والوسطى التي تلعب كرة عصرية وتقدم مستويات كبيرة في مشاركاتها من مونديال إلى آخر. لقد تضافرت أسباب عدة لتجعل المنتخبات العربية تتألق في التصفيات وتتمكن من اقتطاع أربع تذاكر إلى مونديال روسيا. فمن بين هذه العوامل هو تطبيق الأندية المحلية نظام الاحتراف الخارجي للاعبين. فقد ساهم احتراف اللاعبين العرب في الدوريات الأوروبية المختلفة بشكل كبير في إكساب اللاعبين المزيد من الخبرة وهو ما عاد بالنفع على المنتخبات. ومن المتوقع أن تظهر المنتخبات العربية بمستوى متميز في بطولة كأس العالم. إن عطاء المنتخبات العربية الأربعة وخاصة منتخب المغرب كان غزيرا ومشرفا للغاية، فمنتخب أسود الأطلس حقق رقما عالميا مشرفا فهو الوحيد في القارات الخمس الذي لم يتلق مرماه أيّ هدف في التصفيات، كما أنه لم يخسر أيّ مباراة في التصفيات الأفريقية، وهو ما أهله ليعود لأبرز حدث كروي في العالم بعد غياب عشرين عاما، ولا شك أن الأرقام تدل على أن هناك تخطيطا جيدا، ودون تدبير محكم وإمكانيات مادية لا يمكن تحقيق الأهداف. وبالنسبة إلى المنتخب التونسي فقد حجز مكانا له في روسيا رغم تراجع مستوى الأندية، وهذا يدل على أن الإطار الفني والاتحاد المحلي للّعبة كانا يعملان بقوة على إعادة اعتبار كرة القدم التونسية لا سيما بعد الإخفاق القاري لجميع الفرق. لقد حان الوقت الآن لضرورة إيجاد سياسة كروية في العالم العربي خاصة ببعث المشاريع التي تهم البنى التحتية والدعم المالي وتكوين الأطر والاهتمام بالفئات الصغرى، في إطار سياسة رياضية شاملة. ورغم أن السياسة الكروية بمفهومها الشامل غير موجودة في العالم العربي فإن هناك نجاحات لبعض الاتحادات العربية التي تمكنت من توفير الشروط الملائمة لنجاح منتخبها الأول وتحقيق نتائج جيدة، كما هو الحال بالنسبة إلى المنتخبات العربية الأربعة المتأهلة لمونديال 2018. وإذا تأملنا في واقع الأندية في البلدان العربية المتأهلة ندرك جيدا الجهد الذي يُبذل لدعم المنتخبات الوطنية، بينما هناك تقصير كبير على مستوى دعم عمل الأندية، لذلك لا بد من إيلاء أهمية أكبر لدعم الفئات الصغرى للاعبين لأنها صمام أمان مستقبل المنتخبات.وصول أربعة منتخبات عربية للمونديال لم يكن وليد الصدفة بل هو وليد تخطيط واستراتيجية على المدى القريب والبعيد عامل المدرب الأجنبي هنالك عامل إضافي ساهم بقدر كبير في تألق المنتخبات العربية هو وجود المدرب الأجنبي مثل الهولندي فان مارفيك الذي قاد المنتخب السعودي لمونديال روسيا. لكن الاتحاد السعودي سلم مقاليد السلطة الفنية لمدرب أجنبي آخر هو الأرجنتيني إدغار باوزا فهل سينجح هذا الأخير في مهمته؟ من ناحية أخرى استطاع الأرجنتيني هيكتور كوبر أن يقود المنتخب المصري للتأهل إلى مونديال روسيا بعد غياب دام 28 عاما. وبالرغم من الكم الكبير من الانتقادات التي تلقاها إلا أنه استطاع أنه ينجح في مهمته الأولى، وهي التأهل بالفراعنة إلى كأس العالم، بعد أن تأهل إلى المباراة النهائية في بطولة أمم أفريقيا 2017 بالغابون وخسر اللقب أمام الكامروني. وعلى عكس كل التوقعات جاءت مسيرة كوبر مع المنتخب المصري أكثر من ناجحة على صعيد الإنجازات والنتائج فالرجل الذي درّب في أيامه الخوالي فرقا شهيرة مثل لانوس الأرجنتيني وفالنسيا الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي وحصل مع مايوركا وفالنسيا على كأس السوبر الإسباني وعلى لقب أفضل مدرب في أوروبا عام 2000، نجح في إعادة الفراعنة إلى سكة الانتصارات. ويبقى في النهاية تساؤل هام وهو هل سيتمكن هيكتور كوبر من الرد على كل منتقديه بعد أن تخلص من ضغوط. مدرب أجنبي آخر سيذهب مع منتخب عربي إلى روسيا هو هيرفي رينارد الذي كسب تحدي التأهل لكأس العالم لأول مرة في مسيرته، بعد أن قاد أسود الأطلس لمعانقة العرس العالمي لخامس مرة في تاريخ كرة القدم المغربية، ودوّن اسمه كثاني مدرب فرنسي، ورابع مدرب أجنبي يحجز بطاقة التأهل مع المنتخب المغربي. ويعتبر الفرنسي رينارد رابع مدرب أجنبي يتأهل مع أسود الأطلس إلى نهائيات كأس العالم بعد اليوغوسلافي بلوغوغا فيدينيك سنة 1970 بالمكسيك، والبرازيلي المهدي خوسي فاريا سنة 1986 بالمكسيك، والفرنسي هنري ميشيل سنة 1998 بفرنسا، علما أن المدرب المحلي عبدالله بليندة هو الربان المغربي الوحيد الذي قاد المنتخب المغربي إلى مونديال أميركا سنة 1994. وسيتواجد مدرب عربي في هذا المونديال وهو نبيل معلول المدير الفني للمنتخب التونسي. وتولى معلول المسؤولية الفنية للمنتخب التونسي في العام 2013 ولكن لم يستمر معه لأسباب فنية، قبل أن يعلن الاتحاد التونسي عن تعيينه مديرا فنيا لنسور قرطاج بدلا من البولندي هنري كاسبرجاك. وقاد نبيل معلول منتخب بلاده للتأهل إلى مونديال روسيا بعد غياب دام 12 عاما عن العرس العالمي. إضافة إلى الإنجاز العربي الذي دفع بأربعة منتخبات إلى نهائيات موسكو وقع الاختيار على ستة حكام عرب ليكونوا ضمن الحكام الذين سيديرون مباريات مونديال روسيا 2018. والحكام الذين وقع عليهم الاختيار هم المصري جهاد جريشة والسعودي فهد المرداسي والجزائري مهدي شارف والبحريني نواف شكرالله والقطري عبدالرحمن الجاسم. صحافي تونسي
مشاركة :