< لا تستغرب إن وجدت شخصاً مشهوراً بسبب ابتسامة أو رقصة أو أغنية بلا معنى، ولا تستغرب أيضاً إذا وجدت شخصاً مهجور الجمهور بسبب كتاباته الأدبية أو الشعرية، أو لحكمته، أو لأنه استخدم الوسيلة النافعة بدلاً من التافهة! للأسف لدينا فئة كبيرة في المجتمع، لا يستهان بها، تسلط الضوء في شكل قوي ولافت على بعض «مشاهير الغفلة»، وتمنحهم حجماً أكبر من حجمهم، بل إن بعضهم لا يتوقف على ذلك فحسب، بل تصل أحياناً إلى أن يقتدى بهم، وكل ذلك يعود إلى أسباب اجتماعية وأسرية وتعليمية عدة، فالجمهور الكبير لهؤلاء المشاهير تراوح أعمارهم بين 10 أعوام و20 عاماً، في نسبة تقريبية، وهذه الفئة هي أهم فئة تكون فيها مرحلتهم العمرية تحتاج إلى احتواء فكري عميق، واستكشاف مهاراتهم وتنميتها حتى تصبح ملموسة عليهم في شكل واضح مستقبلاً، فالطفل الآن أصبح ضحية لجهاز إلكتروني يتصفح به مواقع التواصل الاجتماعي ليقع في مصائد «صناعة التوافه» والمحتوى غير الهادف، فضلاً عن أن يقع في قراءة كتاب أو ممارسة نشاط رياضي أو تعليمي أو موسيقي، والمؤسف في ذلك أن أكثر الأسر لا تكترث، بل تشجعه، حتى يصل إلى سن المراهقة ليجد نفسه يلام إذا مارس تصرفاً غير منطقي تجرّعه من خلال تلك الشخصيات التافهة، بعكس لو أنه كان نمى مهارة معينة أو تجرع فائدة تُظهر بصمتها عليه في شكل واضح وفعال. ثم إن دور الجهات الخاصة والرقابية تجاه هذه الأمور يجب أن يكون فعالاً لمنع تلك التجاوزات من الانتشار غير المرغوبة، والتفكير لخلق حلول بديلة وجذابة للأطفال والمراهقين، كفتح أندية أدبية ورياضية وعلمية، ومدارس لتعليم الموسيقى وأساسياتها، إلى آخره، وغيرها كثير من الحلول التي ستجدي نفعاً عليهم وعلينا، والتي ستمطر علينا بمخرجات وإنجازات نفتخر بها بين الدول، التي أصبحت تتنافس الآن لخلق البيئة المناسبة لتلك الفئة، التي سيكون الاعتماد عليها كبيراً ومهماً مستقبلاً، كون المستقبل والغد لا ينتظران منك إلا العمل بجدية حتى يقدما لك التطور على طبق من ذهب، لتمتاز به على غيرك. ثم إن الرؤية التي نسير عليها تعتمد تماماً على مستقبل تلك الفئة، التي يجب أن نعمل بجدية تامة الآن لخلقها لهم، ولنفتخر نحن بهم وبما صنعناه لهم، ولذلك فإن علينا سبق الوقت، الذي لا يرحم، ولكي نستطيع أن نوفر بيئة جذابة وعملية واقتصادية واجتماعية ناجحة وهادفة، بعكس أننا لو استمررنا بلا رؤية أو خطة وهدف واضح وتركنا الأمور تسير في عشوائية. أخيراً، إن المراقبة والحرص التام على تقديم المحتوى الهادف أمر مهم، إذ إن لكل محتوى تبعاته الإيجابية والسلبية، وعلى أساسه تقوّم العقول، فلو سقيت شجرة ماء عذباً فستنبت ناضرة وجميلة، ولكن لو سقيتها ماء عكراً ومتسخاً فإنها ستنبت في شكل باهت وذابل، ولن تستفيد منها شيئاً، غير أنها شجرة. أتمنى أن تصل الرسالة إلى من يهمه الأمر. 3bdulsalamm@
مشاركة :