تلك الهنغارية التي ليس لديها مشروع فني، وجدت في الفن وسيلة لعيش مريح، لذلك يمكنني القول براحة إن العالم العربي صار يعجّ بملتقيات للفاشلين.العرب فاروق يوسف [نُشر في 2017/11/20، العدد: 10818، ص(16)] كثرت الملتقيات الفنية، ما يطلق عليها تسمية “سمبوزيوم” في عالمنا العربي، صار رسامون ونحاتون لا عمل لهم سوى التنقل بين ملتقى وآخر، البعض منهم يبقي حقائبه عند باب البيت، ولا يفتحها في انتظار أن يحملها إلى المطار ذاهبا إلى ملتقى فني جديد. صار الفنانون يحسدون بعضهم البعض الآخر على هذه النعمة التي صار الكثيرون يتلفتون بحثا عن الأبواب الخفية التي تؤدي إلى جناتها. رواد تلك الملتقيات الدائمون يملكون جداول بالمدن والأوقات وبالمنظمين، وهم على دراية بكل شيء بما في ذلك ضرورة ألا يتساءلوا عن جدوى نشاطات من ذلك النوع. ولأن أولئك الفنانين الجاهزين للمشاركة في كل ملتقى، مهما كان نوع الجهة التي تقيمه وهدفها، هم في حقيقتهم طارئون يبحثون عن التسلية، لذلك فإن فنانا حقيقيا لن يتورّط في المشاركة وإن ذهب على سبيل الخطأ، فإنه سيشعر بندم لن ينساه، فالـ”سمبوزيوم” كذبة يتعرّض الفنان الحقيقي من خلالها إلى الإهانة. يسوغ البعض مشاركته بأنها رغبة منه في اللقاء بفنانين آخرين، وهي ذريعة يدافع المرء من خلالها عن نفسه وفنه، وهو يعرف أنه يرتكب خطأ شنيعا في حق الاثنين. لقد التقيت في واحد من تلك الملتقيات بشابة هنغارية تعمل في مجال النحت، وأطلعتني على ملف منحوتاتها التي نفذّتها في ملتقيات عديدة عبر العالم. استوقفتني صورة لعمل نحتي فقلت لها “إنه العمل نفسه الذي تنفذّينه في هذا الملتقى”، قالت ضاحكة “أعرف أنه سيُزال، ولن يبقى”، لم أسألها عن سبب تردّدها على تلك الملتقيات، فهي كما عرفت تعيش حياتها بتلك الوسيلة المجانية. كانت محترفة ملتقيات فنية، أجندتها مكتظة بالمواعيد، فهي على صلة بكلّ منظمي تلك الملتقيات، لقد وظّفت موهبتها في البحث عن متع مجانية كان الفن ضحيتها. تلك الهنغارية التي ليس لديها مشروع فني، وجدت في الفن وسيلة لعيش مريح، لذلك يمكنني القول براحة إن العالم العربي صار يعجّ بملتقيات للفاشلين. كاتب عراقيفاروق يوسف
مشاركة :