العرموطي تكتب: مزايا أبناء الأردنيات .. لننتهز الفرصة

  • 11/27/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ينبغي أن لا نترك الزوبعة التي ثارت حول حقوق النساء الأردنيات مؤخراً تختفي دون انتهاز الفرصة لتسليط الضوء على أمرٍ بغاية الخطورة مثل فشل مزايا أبناء الأردنيات في تحقيق الغاية المرجوة منها بالصورة المطلوبة، وهنا لدى أيضاً الكثير من التفاصيل والقصص.فخلال اسبوعين فقط، التقيتُ شخصيّاً عدّة سيدات متزوجاتٍ من أجانب وبعض ابنائهنّ، لأعاينَ مباشرةً أن حال ابناء الاردنيات اليوم لم يتحسن بعد إصدار بطاقات أبناء الأردنيات، هذا إن لم نتحدث عن عرقلةٍ وعودة للخلف في بعض المفاصل.فجأةً نكتشف أن المعاملات المالية مثلا فيها عرقلة لحملة بطاقة أبناء الاردنيات أكثر من الاجانب الذين لا يحملونها، كما يظهر أن أمّاً أردنية تضطر للتنقل من شباك إلى آخر في الطوارئ لأكثر من ساعتين لإدخال ابنها بسبب البطاقة ذاتها والتي لا يعتمدها معظم الموظفين، وشابٌّ قدم لقرض ليمتلك سيارة فما ان ابرز البطاقة ذاتها حتى تم تحويله الى دوائر أمنية خلافا لما كان يحصل معه سابقا قبل البطاقة، وهذا غيض من فيض.يحصل كل هذا بينما يوجه جلالة الملك عبد الله الثاني خطاباته في كل المناسبات، وآخرها في خطاب العرش السامي للأردنيين والاردنيات، ويعزوا كل الخير لتماسك الإثنين وتكاتفهما، أي أن جلالته يرى الأردنيات في الصف الأول إلى جانب الأردنيين، ولا يقبل- ولن يقبل- بأن تشعر المرأة الأردنية بالضيم أو أن تكون حرفاً ناقصاً في كتاب المواطنة.التخوفات من تجنيس ابناء الاردنيات- على ضعف حججها- سمحت بتبرير الاستعاضة عن الحق الطبيعي للمرأة كمواطنة كاملة بنقل جنسيتها لأبنائها، بالمزايا التي أقرتها حكومة الدكتور عبد الله النسور كحلٍّ وسط، يهدئ المخاوف ويحلّ إشكالات هذه الفئة من أبناء الاردنية على الاقل في الجوانب الحياتية. بأمانة تفاءلنا في حينه جميعاً بالحل العبقري، لنتفاجأ اليوم أن هذه الفئة منذ نحو عامين تعاني بصمت وتضع الملح على الجرح، حتى انفجر بعضها على الشاشات الأجنبية.ولكن ماذا يعني فشل تحقيق المزايا غاياتها؟: الجانب الانساني كبير جدا في جواب هذا التساؤل، فنحن ببساطة نعرقل حياة كل فرد من ابناء الاردنيات بدلا من ان نسهّلها ونمهّد أمامه الطريق ليغدو أكثر انتاجية في المجتمع الذي يعيش فيه، الامر الذي لا يؤثر عليه فقط بل وعلى والدته الاردنية ومحيطه بكل أشكاله وألوانه، الذين لا بد أن تحقق لهم مؤسسات الدولة الأمن الاجتماعي، وهذا واجب وليس تفضلا من احد.ولو قررنا غض النظر عن الجانب الانساني، فبالنسبة إليّ، أرى أن ما تخسره المؤسسات الأردنية بسبب هذه القضية وحدها وتداعياتها، كبير جدا، ففي الحديث عن بناء الثقة بين الدولة وبناتها فالأردن فيه نحو 100 ألف أردنية متزوجة من أجنبي، لو تحدثنا عن كون ابناء نصفهن فقط من تقدموا لبطاقة ابناء الاردنيات فنحن نتحدث عن 50 الف اردنية بدأت ثقتها بمؤسسات الدولة تضعف، وتشعر انه تم التلاعب بها.في المقابل، نرى أبناء هؤلاء يفقدون المزيد من شعورهم بالانتماء، والمزيد من حماسهم للإنتاج والبناء، الامر الذي يؤثر بطبيعة الحال على عجلة الانتاج وسوق العمل والصناعات والأفكار وغيرها.بالمقابل، تخسر المؤسسات في الدولة ايضا جزءاً من هيبتها امام التزامات يكتشف الاردنيون والمقيمون اليوم انها ملتبسة ومرتبكة وغير منظمة، ما يؤدي بدوره الى الشعور بقصور لدى مؤسسات الدولة ومفاصلها، وهو ما ليس بصالح الاردن في شيء.يحصل ذلك في الوقت الذي فيه الاردنيات عليهن المسؤولية المضاعفة في المجتمع لحماية وتحصين الجيل الجديد، والتأكد من حمله لأفكار سويّة صحيحة وهوية وطنية واضحة، ما يربك المرأة الاردنية- التي من حقوقها البسيطة اختيار شريك حياتها بحرية ودون تقييدها بجنسية دون أخرى- ويؤثر على مشاعرها التي ستُنقل بكل الاحوال للأجيال القادمة.إذن فبقاء هذا الارباك وعدم التنظيم في ملف كأبناء الأردنيات ، يعني فقداً أكثر من الربح، خصوصا وهو سيبقى منغّصاً لتقدم الاردن على سلم حقوق الانسان، بالإضافة لكونه سيزيد الفئات الشاعرة بالظلم ما يخلخل اسس المواطنة لديهم، وهذا وحده كفيل بخلق مشاعر سلبية تتنافى مع اسس الدولة المدنية التي تحدث عنها جلالة الملك في اوراقه النقاشية.لذا، فأظن الوقت ملائما جداً بالتزامن مع الجدل العاصف الذي نشهده لنتنبه إلى ضرورة وفاء حكومتنا بالتزاماتها الكاملة تجاه المرأة الاردنية وابنائها، لا بل وتقديم المزيد من التسهيلات لهذه الفئة حتى تستطيع تقديم المزيد للأردن، حبّاً وعملاً وبناءً، وتسهم في دوران عجلة الاعتماد على الذات التي نطمح لها جميعاً في أردننا الغالي.

مشاركة :