أزمة الكتاب في الوقت الحاضر (2-2)

  • 11/28/2017
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

الحقيقة التي ينبغي أن نواجهها بصدق وصراحة وشجاعة من دون لف أو دوران، هي أن القفزة الإعلامية التكنولوجية الهائلة، التي اجتاحت العالم، هي التي تتسيد اليوم، بوسائلها المختلفة؛ بسرعة نقلها للأحداث المتلاحقة. لذا، ينبغي أن نقف وقفة حذرة، فالوافد الجديد، وهو «الكتاب الالكتروني» الذي يمكن بثه على شبكات الانترنت، الذي بدأ غزو أوروبا، خصوصاً كتب الأطفال المزودة بالصور الجذابة، حيث يستمع الطفل إلى القصة ويتابع صورها على الشاشة، هذه الأجهزة الالكترونية قد تنمي في الطفل حاستي السمع والنظر، ولكنها تعطل الأيدي عن الكتابة، ونحن الذين عشقنا الكتاب، ورائحة الورق، نحن الذين قرأنا روايات نجيب محفوظ، وأدب طه حسين والعقاد، وفاكهة القصص روايات احسان عبدالقدوس، وعشنا رومانسيات يوسف السباعي، لا بد أن نقرر اليوم أن هذه الثورة الإعلامية الجديدة لم تلغ جانب الثقافة على اطلاقها. جيل هذا العصر (عصر الإلكترونيات) تغير عنده مفهوم الثقافة بكل ما تحتمه من سرعة وإيقاع الفهم والاستيعاب والنضوج والإدراك والمواكبة، معرفة بمفاهيم هذا العصر ونتاجه وأسلوب تفكيره، جيل اصبح يعبر عن «ذاته» وهذا ليس بالأمر الهين، يعبر عن آرائه، عن ذاته بمستوى من الجرأة، معرفة ما يريد وما لا يريد من دون لف أو دوران. جيل ليس بحاجة إلى أن يقرأ «البؤساء» ليعرف البؤس. ولا «الطاعون» ليعرف المرض ويتألم، ولا الجوع ليتخيل ويعتصر الماء، ولا الشر والخير، وصراع الحق والباطل، ولا الحب والكره، ولا العدوان والظلم.. جيل يرى ويفهم كل ذلك من خلال الصوت والضوء والصورة، يعرف عدد السكان، كيف يعيشون ويموتون، كيف يجوعون ويتساقطون، أين الجهل والتطور؟ كيف يكون العدوان والمسألة؟ القهر والألم، العدالة والظلم… جيل يرى ويسمع، ثم يتخذ من «لغة عصره» المقاييس ليدين على أساسها ويطلق الأحكام على الآخرين، وحين تختلف المقاييس تكون الاحكام ربما متضاربة! لذا يبرز «الإعلام» الخطير اليوم كوسيلة ثقافية جديدة، قوية، معاصرة تتطلب وعيا وادراكا وسرعة في ملاحقة الاحداث، رسالة يتعاظم دورها ليس على صعيد الاحداث السياسية والاخبار فقط، وإنما امتداد هذا الدور إلى ان أصبح شريكا في التعليم والثقافة، والتنمية والتربية والتخطيط، ليخلق نوعا من الانسجام والتفاعل والتعارف بين ثقافات متعددة من خلال ما يطلع عليه من ثمرات ايجابية لتلك الثقافات بشكل مستمر، ومن مضامين فكرية تتعدى الصور الهامشية الملونة المبهرة الفارغة! فاطمة عثمان البكر

مشاركة :