الدوحة - الراية : أكد الدكتور حمد الإبراهيم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع البحوث والتطوير بمؤسسة قطر أن قطر صمدت في وجه التحديات التي فرضها الحصار الجائر المفروض عليها منذ الخامس من يونيو الماضي، نتيجة لالتزامها الراسخ بقيم الابتكار، الذي لطالما تجلّى من خلال دعمها الحثيث للبحوث والتطوير .. مشيراً إلى أنه من شأن الابتكار أن يكون حجر الرحى في ضمان مستقبل مستقر لدولة قطر والمنطقة بأسرها. وقال الإبراهيم، خلال مقابلة نشرتها فورين بوليسي أسوسييشن الأمريكية: بالرغم من أن الحصار الجائر قلّص معدلات النمو في منطقة الخليج العربي على المدى القصير، فإن استقرار دولة قطر وتطورها يرتكزان على مؤسساتنا الصلبة التي تبتكر في قطاعات رئيسية على غرار التعليم، والطاقة، والعلوم والبحوث، وتنمية المجتمع.. مشيراً إلى أن قطر تمكّنت من متابعة العمل كالمعتاد في كافة هذه المجالات، كما أنها تابعت السير قدماً على درب إستراتيجية قطر الوطنية للبحوث. ونوه بأهمية دور الابتكار في دعم الاستقرار في الشرق الأوسط، قائلاً: عندما فرضت السعودية، بالتعاون مع الإمارات والبحرين ومصر، حصاراً على دولة قطر، انتاب القلق نفوس الكثيرين، لخوفهم من أن يؤثر ذلك على المجتمع القطري من خلال قطع سلاسل التوريد، ما يحدّ من الموارد الغذائية والاستهلاكية المتاحة، ويعرقل حركة السفر في منطقة الخليج العربي، لكن قطر صمدت في وجه هذه التحديات. وأضاف أن مؤسسة قطر لبّت نداء الواجب وتصدّت بتفان وإصرار للتحديات التي تواجه قطر والمنطقة في مجالات الأمن الغذائي والمائي والإلكتروني والصحي وأمن الطاقة، من خلال برامج البحوث والتطوير المحلية.. مشيراً إلى استقطابها الباحثين في قطر ومنطقة الخليج والعالم، من أجل التصدي للتحديات الملحة وإيجاد حلول عملية ناجحة لها. وأكد أن الاستثمار في قطاع البحوث والتطوير القطري والرأسمال البشري الذي طورته مؤسسة قطر، فضلاً عما تم استقطابه من الخارج، من بين الأسباب التي ساهمت في الصمود في وجه الصعوبات الراهنة. وبالنسبة للأمن الغذائي، قال: إن قطاع البحوث والتطوير بمؤسسة قطر دعم مبادرة تحمل اسم SAFE-Q، تسعى للتحقق من كيفية الحفاظ على الموارد الغذائية والبيئة في قطر، وأثبتت البحوث التي أُجريت حتى الآن إمكانية تأمين سلاسل التوريد الغذائي البديلة، وتشجيع الإنتاج المحلي المستدام في قطر، وهي قضية حيوية تهم كافة الدول في منطقتنا. وفيما يتعلق بالطاقة، أوضح أن باحثي مؤسسة قطر يقومون بتجربة أساليب بديلة لتقليص اعتماد الدولة على معامل تحلية مياه البحر التي تستخدم مشتقات النفط، واستخدام الطاقة الشمسية في هذا الإطار، من خلال تطوير أداء خلايا التقاط وتجميع الطاقة الشمسية في الصحراء. وبالنسبة للبيئة، تعمل مؤسسة قطر على تحديد سُبل ابتكارية لإعادة استخدام الردم والمواد التي أًعيد تدويرها، وذلك لإيجاد وسيلة مستدامة بيئياً، وقليلة التكلفة، وجعل دولة قطر أقل اعتماداً على مواد الردم التي يتم توريدها من الخارج بهدف استخدامها في المشاريع الكبرى، وقد أظهر الباحثون كيفية زيادة استخدام المواد التي أُعيد تدويرها في قطاع البناء، حيث تعاونوا في هذا الصدد مع وزارة البلدية والبيئة لاستخدام الردم بنجاح في المشاريع الكبرى في دولة قطر. وأضاف: بالنسبة لجهة أمن الموارد، يدعم قطاع البحوث والتطوير بمؤسسة قطر الأبحاث المكثفة التي تجري على جينوم أحد أهم الموارد الطبيعية في قطر، ألا وهي شجرة النخيل.. ولعل أحد أهم الاكتشافات في هذا المجال كان في تقييم الجدوى الاقتصادية لشجرة النخيل في مرحلة البذور، عوضاً عن الانتظار حتى يبلغ عمرها 5 سنوات.. وسيفتح هذا الاكتشاف الطريق أمام بحوث جديدة لجهة استخدام منتجات هذه الشجرة في صناعات أخرى، على غرار البناء أو المفروشات. وفي قطاع الرعاية الصحيّة، يُعد برنامج «قطر جينوم» أحد أهم المبادرات في مجال رسم الخريطة الوراثية للشعب القطري، فضلاً عن أنه من شأنه دعم سعي الدولة الدؤوب نحو تطوير الطب الشخصي والرعاية الصحيّة المفصّلة على قياس كل مواطن. ورأى أن الابتكار في غاية الأهمية بالنسبة للاقتصادات المحلية، كونه يزيد من الاستثمار الوافد، ويحفّز النشاط الاقتصادي، ويوفر المزيد من فرص العمل، ويسمح بنقل التكنولوجيا. وأشار إلى أن البحوث هي عنصر أساسي في مسار تطور أي دولة، كما أنها ركيزة إنشاء اقتصاد تنافسي ومتنوع، وبالفعل، تتمتع البحوث بقدرة فريدة على تحفيز تطور الرأسمال البشري، ودعم نمو المؤسسات الوطنية في كافة أرجاء المنطقة، ما يساعد أيضاً في إرساء شبكة أمان تخفف من وطأة النزاعات الإقليمية. وتثبت تجربة مؤسسة قطر أنه من الممكن استقطاب خبراء من كافة أنحاء العالم، للعمل معاً، وتكريس معارفهم وخبراتهم في سبيل تحقيق اكتشافات وتغييرات إيجابية في الشرق الأوسط .. وعلى المنطقة أن تسعى باستمرار من أجل اغتنام فرص من هذا القبيل، كونها ستواجه في المستقبل العديد من التحديات الصعبة نتيجة التحولات الاقتصادية والتكنولوجية، فضلاً عن تأثيرات التغيّر المناخي.. ومن هنا، فإن المرونة والقدرة على التأقلم التي ميّزت دولة قطر حاضراً ستكون حاجة ملحة للجميع غداً. وقد لعب مجتمع البحوث والتطوير في قطر دوره، وهو سيستمر على هذا المنوال في المستقبل.
مشاركة :