لماذا تفشل المعارضة الجزائرية في الانتخابات بقلم: أزراج عمر

  • 11/30/2017
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الأحزاب الإسلامية الجزائرية ظلت تعيد إنتاج نماذج المرجعيات المتناقضة حينا، والتوفيقية حينا آخر والتي تتحكم في مفاصل هذا الخطاب الغارق في التقليدية النمطية.العرب أزراج عمر [نُشر في 2017/11/30، العدد: 10828، ص(8)] تتمثل المشكلة الأساسية التي تعاني منها المعارضة الجزائرية بمختلف أنماطها في اعتبار الأعراض الخارجية الجوهر الذي يتسبّب في خلق الأزمات لها وفي تكرار إخفاقاتها، وجراء هذا نجدها تختزل نقدها للنظام الحاكم في مظاهر عدة منها على سبيل المثال التزييف النسبي للعملية الانتخابية، أو في محاربته لهذا الحزب المعارض أو ذاك، أوفي احتكاره لعمليات وضع وتنفيذ القوانين وهلم جرا. لا شك أن أحزاب المعارضة الجزائرية تنسى أن هذه الممارسات هي تجليات وأعراض للنواة الصلبة المضمرة للجوهر الدكتاتوري ومكوناته الثقافية والفكرية والقيمية والنفسية التي شكلت هوية هذا النظام منذ الاستقلال إلى يومنا هذا. لا شك أن نتائج الانتخابات البلدية والولائية، التي جرت في الأسبوع الماضي في الجزائر، قد أكدت مجددا ضعف المعارضة الجزائرية البنيوي المهدد لوجودها المادي والمعنوي، سواء كانت هذه المعارضة أحزابا تدَّعي العلمانية أو كانت إسلامية تتعكّز على عكاز المرجعيات الأيديولوجية الدينية. في هذا السياق يمكن للمحلل السياسي أن يلاحظ أن الفشل المتكرر لأحزاب المعارضة الجزائرية في صنع التحول السياسي في المجتمع الجزائري لم يدفعها حتى اليوم إلى القيام بعدة مهمات ضرورية منها المراجعة النقدية الذاتية الصريحة والصادقة لنفسها، والعمل على معالجة الأخطاء وتدارك النقائص في مجالات التنظيم العلمي لهياكلها، ورسم لعلاقة تكامل مع المواطنين، وتجديد العقيدة الفكرية والسياسية والروحية. فالمؤسف حقا هو أن هذه الأحزاب تلجأ عوضا عن ذلك إلى تبرير إخفاقاتها، وذلك منذ فتح باب التعددية الحزبية في تسعينات القرن الماضي، بتوجيه التهم إلى أجهزة النظام الحاكم وإلى أحزاب الموالاة على أساس أنها تمارس جميعا مختلف أنماط التزييف النسبي أو شبه الكلي للعملية الانتخابية، سواء باستخدام المال العام لشراء أصوات الناخبين والناخبات في الأرياف وفي المدن، أو بواسطة التلاعب في الخفاء وبحيل مختلفة بقوائم المواطنين المسجلين في المحاضر الرسمية، أو بممارسة الدعاية قصد تشويه المعارضة في كل المناسبات وتصويرها أمام الرأي العام الوطني على أنها لا تقدر أن تحكم الجزائر أصلا، فضلا عن كونها لا تملك أي برنامج تنموي بمختلف أركانه يمكن أن تحقق من خلاله ما يطمح إليه الشعب الجزائري، كما يتهمها بالعجز في مجال ابتكار الحلول للمشكلات الكبرى والخطيرة التي تهدد أمن واستقرار البلاد بما في ذلك البطالة وأزمة السكن وتدهور مستوى المعيشة وانتشار ظاهرة الفقر وبقايا ظواهر العنف الموروثة عن العشرية الدموية والتي ما فتئ يعاني منها المشهد الأمني الوطني حتى يومنا هذا. الثابت أن النظام الجزائري قد مارس مختلف الاستراتيجيات والآليات لفرض السيطرة التامة على الحكم والانفراد به، ومن أجل تحطيم الأحزاب التي تعارضه وفي مقدمة ذلك آلية الانتخابات التشريعية والولائية والبلدية والرئاسية، غير أن القراءة الواقعية للواقع السياسي الجزائري الراهن توضح لنا أن قوة النظام الجزائري تكمن أساسا في ضعف المعارضة بمختلف ألوانها العقائدية وبنياتها التنظيمية. بناء على هذا فإن الذي يزيد الوضع تدهورا داخل صفوف المعارضة الجزائرية مثلا، هو أن شبه التكتل الذي أفرزته الندوة التي جرت منذ عدة شهور بمنطقة مازفران بضواحي العاصمة أصابه التشظي ولم يعد له أي وجود ولا تأثير يذكر على مستوى تغيير مكونات معادلة الصراع مع السلطة. إلى جانب هذا فإن التحالفات التي لوّحت بها بعض الأحزاب الإسلامية في الشهور الأخيرة لم تتحقق بشكل حاسم وفي إطار توحيد أو تجديد مضمون الفكر السياسي للتيار الإسلامي الجزائري، وقد أدى هذا إلى عدم صنع أي تحول يمكن أن يسفر عن نقلة جديدة تتمثل في تطوير وعصرنة الخطاب الإسلامي الجزائري، وبالعكس فإن الأحزاب الإسلامية الجزائرية بقيت تعيد إنتاج نماذج المرجعيات المتناقضة حينا، والتوفيقية حينا آخر والتي تتحكم في مفاصل هذا الخطاب الغارق في التقليدية النمطية. وفي الحقيقة فإن أحزاب المعارضة الجزائرية لم تحاول أن تلتفت إلى ظاهرة خطيرة تنخر في السنوات الأخيرة نسيج المجتمع الجزائري وبشكل خاص في مرحلة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وهي ظاهرة استقالة المواطنين من الشأن السياسي. إلى جانب هذا فإن هذه المعارضة لم تدرس الكيفية التي تمكنها من تجاوز الجدار الفولاذي الذي خلقته في النفسية الجزائرية تأثيرات زلزال الضربة التي وجهها النظام الجزائري إلى أول عملية انتخابية في ظل التعددية الحزبية في تسعينات القرن الماضي، وأدت عمليا إلى عودة الجيش إلى سدة الحكم. السؤال المركّب الذي لم تجب عنه فصائل المعارضة الجزائرية في هذه الأيام وقبلها أيضا هو: لماذا فشلت البلديات الجزائرية التي يقدر تعدادها بـ1541 بلدية عبر القطر الجزائري في تحقيق التنمية بجميع أشكالها المادية والثقافية والعلمية والتربوية والفكرية منذ الاستقلال؟ وهل يملك رؤساء البلديات والمجالس الولائية السلطة والنفوذ وحرية التصرف والميزانية القادرة على الاستجابة لمطالب المواطنين في الجزائر العميقة على مستوى مشهد الحياة السياسية الجزائرية، أم أن هذه البلديات والمجالس الولائية ليست سوى ملحقات للولاة ولرؤساء الدوائر الذين يتحكمون في كل شيء. علما أن هؤلاء لا ينتخبون من طرف الشعب بل هم يعيّنون من طرف الرئاسة وأجهزة السلطة التابعة لها. كاتب جزائريأزراج عمر

مشاركة :