قال إمام وخطيب المسجد الحرام، إن «السعودية تعيش في أمن واطمئنان رغم ما يحدث في هذا العصر من احتراب وتطاحن واضطراب وعنف وإرهاب ووحشية وإبادة عرقية في بعض الدول»، داعياً إلى أن يكون موسم الحج «منطلقاً لتحقيق التوحيد الخالص لله وحده، لا مجال فيه للشعارات الحزبية أو التجمعات الطائفية أو الاستقطابات السياسية». وأكد إمام الحرم عبدالرحمن السديس في خطبة الجمعة أمس، أن النفوس تشتاق إلى الطمأنينة والسكينة في ظل ما يحدق بالأمة من فتن وتحديات. وأضاف: «إن المولى عز وجل أختص بلاد الحرمين بفضائل جليلة وخصائص كريمة، وفيها أول بيت وضع في الأرض لعبادته، وهي رمز التوحيد والوحدة والشعائر والمشاعر والأمن والأمان، وجعل الصلاة في البيت الحرام مضاعفة على غيره من المساجد، وجعل الكعبة قبلة للمسلمين جميعاً أحياء وأمواتاً، كما أنه سبحانه وتعالى استجاب لدعوة خليله إبراهيم أن يجعل مكة بلد الاستقرار والاطمئنان والتوحيد الخالص والإيمان». وأكد أن «الحج عبادة من أعظم العبادات، له من الشروط والأركان والواجبات ما يجب على كل من أمَّ هذا البيت أن يعلمها ليعمل بها فيقبل حجه»، موضحاً أن «للحج مقاصد ومنافع وحكم وآداب ينبغي لكل حاج أن يستشعره ليحصل له برُّ الحج ويعود بشيء من منافعه وآثاره». وذكر أن «من أهم المقاصد والغايات وأعظم الحكم والواجبات أن يكون الحج منطلقاً لتحقيق التوحيد الخالص لله وحده، لا مجال فيه للشعارات الحزبية أو التجمعات الطائفية أو الاستقطابات السياسية، بل فيه براءة من كل مبدأ يخالف نهج الكتاب والسنة، ومن كل عقيدة لم يكن عليها سلف هذه الأمة»، وقال: «إنه آن لنا معاشر المسلمين أن نأخذ من هذا التجمع الإسلامي الدروس والعبر في الوحدة والتضامن، والبعد عن الفرقة والتعصب والتشاحن والتحزب، وتجاهل الإشاعات، والتصدي للمقولات الكاذبات، لتكن الانطلاقة لحل مشكلات الأمة المتأزمة ضعفاً وانقساماً فرقة واختلافاً من هذا المكان المبارك مهبط الوحي ومنبع الرسالة، الذي انطلقت منه عقيدة التوحيد ودعوة الإسلام ورسالة الخير والسلام، لتعم الأصقاع، وبذلك تتحقق أكبر منافع الحج، حيث الاعتصام بالكتاب والسنة، فهما أكبر منَّة، والتحلي بالوسطية والاعتدال، وتعزيز الأمن بكل صوره وأشكاله، ونشر المحبة والتسامح والمودة والرحمة والأخوة بعيداً عن الغلو والتشدد والإيذاء والمزاحمة والحقد والكراهية». وأشار السديس إلى إنه من هنا، «تعظم مسؤولية القادة والعلماء في تحقيق هذه المنافع العظيمة، ولاسيما في تحقيق كلمة التوحيد، وتوحيد كلمة أبناء الأمة، للانتصار لقضايا أمتنا الإسلامية، لاسيما قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وكذا بلاد الشام والرافدين، وانتشالها من أوحال الظلم والفساد والإرهاب». ولفت إلى أن الحج «عبادة شرعية وقيم حضارية ليس مكاناً للمظاهرات أو المسيرات والتجمعات أو المناظرات أو المساجلات أو الجدال والملاسنات، بل ترتيل ودعاء وذكر ونداء وخشوع ورجاء وابتهال».
مشاركة :