بعد أسبوع واحد فقط من وقوع كارثة جديدة في جدة، ذرفت فيها العروس أدمعًا حرى، على من قُتلوا ومن خربت بيوتهم أو دُمرت سياراتهم، أو على طرق تعطلت وجسور أغلقت، والقائمة تطول، بعد أسبوع فقط، زفت لنا أمانة محافظة جدة بشرى افتتاح مشروع تطوير الكورنيش الشمالي بجدة بواجهتيه الرابعة والخامسة على يد مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ودعينا لحفل بهيج مختصر ورشيق ودقيق التنظيم، أقيم في ساحة المشروع العملاق على ضفاف البحر الأحمر في جو ربيعي بديع.واقتصرت الفقرات على افتتاح سمو الأمير للمشروع رسميًا، وفيلم وثائقي متقن للغاية غطّى كل أجزاء المشروع وملامحه بمستوى فني عالمي بكل المعايير، وكلمة ضافية فصيحة معبِّرة لمعالي أمين محافظة جدة الأستاذ الدكتور هاني أبوراس، وشرف الحفل محافظ جدة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد ونائب أمير المنطقة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر، وقد أغنت لغة الأرقام معالي الأمين عن الاستطراد في الحديث، فذكر أن طول الواجهة يزيد عن 4 كيلو مترات، وطاقتها الاستيعابية 120 ألف شخص في وقت واحد، وبها سبع ساحات رئيسة للتنزه بمساحات خضراء وعلى مساحة 275 ألف م2، و3 شواطئ للسباحة تستوعب عشرة آلاف شخص ومنطقة للرياضات الشاطئية بمساحة 14 ألف م2، و5 أبراج للمراقبة وجزيرة وشاطئ رملي ورصيف للصيد بطول 125م، و15 مظلة و6 جلسات عائلية، ومرفآن لمراكب التنزه البحري، وأطول جسر مشاة معلق في المملكة، إضافة إلى 3000 موقف للسيارات، و120 دورة مياه وجدار بحري بطول 4850م و14 نافورة، ومرافق أخرى يصعب حصرها.وما أبلغ ما صرح به سمو الأمير خالد الفيصل حين قال: «نبارك للوطن هذا المشروع»، وشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وهنأ سمو محافظ جدة ومعالي الأمين على الجهد والإبداع المتمثلين في المشروع، وسمو وزير الشؤون البلدية والقروية، كما توجه إلى أهالي جدة بسؤال مهم ومفصلي قائلًا: «سؤالي لأهالي جدة، ماذا أنتم فاعلون في هذا المشروع»، وهل ستحافظون عليه أم سنسمع غدًا بعد تخريبه من المسؤول؟». وكأن سموه يرى بعين الخبير المجرب ما سيحدث في اليوم التالي مباشرة، إذ انتشرت مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، بسرقة معظم «الشطافات»، في الحمامات المنتشرة في المشروع البالغة 120 دورة، كما ذكرت، أي كأن 100 لص دنيئين متجردين من كل معاني الإنسانية قبل القيم الحضارية كانوا يترقبون افتتاح المشروع أو ربما بيتوا في تلك الليلة قرب المشروع لا لشيء إلا لسرقة شطافات قد لا تزيد قيمة إحداها عن عشرين ريالًا، ليشوهوا منظر مشروع كلف 800 مليون ريال في حقارة لا توصف ودناءة لا مثيل لها، وليتنا نسمع ولو مرة واحدة عن ضبط بعض من هؤلاء ليُجلدوا على رؤوس الأشهاد ويبعدوا إن كانوا أجانب أو يسجنوا إن كانوا سعوديين ولمدد طويلة، لضعف انتمائهم وقلة إيمانهم وضياع أخلاقهم وحدِّث ولا حرج.وبعد، نتمنى ألا يكدر مثل هؤلاء فرحة العروس وأهلها بهذا العرس البهيج الذي أقامته الأمانة، وجاء بردًا وسلامًا على قلوب الجميع، وتكتمل فرحتنا بضبط هؤلاء بخطط محكمة، كأن تعاد الشطافات ويراقب بدقة المرتادون، وتراقب المرافق الأخرى التي يمكن أن تسرق أو تخرب، وإذا ما ضُبطوا يوقع عليهم أشد العقاب، كما تكتمل فرحتنا بوضع إستراتيجيات على أعلى المستويات لمعالجة تصريف السيول والأمطار كإنشاء هيئة عليا مختصة كما اقترحت في مقالة سابقة كي نحافظ على هذه المكتسبات الحضارية الكبيرة.
مشاركة :