صنعاء: «الخليج» بملابسات اغتيال لاتزال مبهمة، وروايات متعددة ومتضاربة، رحل الرئيس اليمني السابق «علي عبدالله صالح»، الاسم الذي اقترن وعلى مدى ما يقدر بأربعة عقود بالشخصية الأكثر تأثيراً في تاريخ اليمن المعاصر. توارى «صالح» الذي مثّل وعلى امتداد «33» عاماً مشكلة أمام تطلعات اليمنيين، لبناء الدولة اليمنية الحديثة، في غمرة ظروف استثنائية قاتمة، أسهم في فرضها على واجهة المشهد السياسي والاجتماعي في اليمن، بدعمه المؤثر لاجتياح الحوثيين العاصمة صنعاء، والانقلاب على الشرعية، ليمثل ذات الرجل في آخر أيامه الحل الأقل كلفة لأزمة مزمنة ونقطة ضوء في آخر النفق. يرى رئيس مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية «عبدالسلام محمد» أن هناك ثلاثة سيناريوهات متوقعة لصنعاء بعد تفكك تحالف الانقلاب، ومقتل الرئيس السابق صالح، يتمثل الأول في أن تندفع قوات الشرعية إلى صنعاء من أكثر من اتجاه بإسناد قوي من التحالف العربي، عملاً بمقولة «ضرب الحديد وهو ساخن»، والاستفادة من حالة السخط الشعبي، فيما يتمثل السيناريو الثاني في أن تندفع قوات يقودها العميد أحمد نجل صالح، لمواجهة الحوثيين باتجاه صنعاء، مع تحقيق انتصار جزئي في الساحل باتجاه الحديدة. أما السيناريو الثالث فيتمثل في أن يتم تأجيل أي تحرك عسكري مع حالة ضغط يقوم بها المجتمع الدولي في انتظار ما يدور في كواليس الأمم المتحدة ومشاورات ممثل الأمين العام إسماعيل ولد الشيخ أحمد. حسب رئيس مركز أبعاد في تصريح ل«الخليج» فإن أفضل السيناريوهات هو المزج بين الأول والثاني، حيث يتم التوافق بين الشرعية والتحالف العربي على إعطاء دور قيادي محدود للعميد أحمد نجل صالح، لضمان استيعاب جمهور حزب المؤتمر الشعبي، مع إشراف كامل للرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه الفريق علي محسن صالح على العمليات العسكرية، مقابل أن تلعب قوات التحالف دوراً جدياً في تحرير الساحل الغربي والوصول إلى الحديدة. أما السيناريو الثالث فهو كارثي؛ لأن الانتظار يتيح للحوثيين إعادة ترتيب أوراقهم وضم أنصار المؤتمر (بالإغراء والترهيب) وابتلاع قوات صالح وملاحقة والتنكيل بقيادات المؤتمر. الناشط السياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام «عبدالرحمن علي الكميم» في تصريح ل«الخليج» قال، إن الاختفاء المباغت للرئيس السابق من المشهد اليمني عقب اغتياله من قبل الحوثيين، مثّل نهاية صادمة طوحت بآمال وتطلعات معظم اليمنيين في إمكانية التخلص من كابوس الحوثيين، وهو ما عززه انقلابه المفاجئ عليهم وإعلانه فك الارتباط وإنهاء التحالف المشؤوم معهم. وأشار إلى أن الرئيس السابق رحل فجأة، مخلفاً وراءه عاصمة محتلة بميلشيات موالية لإيران، وحزب سياسي يمتلك لوائح وأنظمة، لكنه يفتقد للمؤسسية في ممارساته التنظيمية، وهو ما سيمثل تحدياً كبيراً أمام المؤتمر الشعبي لضمان استمراره ككيان مؤثر في الحياة السياسية اليمنية. من جهته، اعتبر الأكاديمي اليمني المتخصص في مجال إدارة الأزمات «سليمان عبدالقدوس العزي» في تصريح ل«الخليج»، أن تواري صالح بالاغتيال عن مشهد الأحداث في اليمن في غمرة الظروف الكارثية التي تمر بها البلاد، قد يكون سبباً إضافياً وحاسماً لتصعيد الرفض الشعبي لسلطة الحوثيين القسرية، مشيراً إلى أن الرئيس الراحل ختم حياته بتسجيل موقف مناهض لجماعة الحوثي، باعتبارها أداة إيرانية لتنفيذ مخطط توسعي في اليمن وعبرها في منطقة شبه الجزيرة العربية. ولفت إلى أن تجاوز نكسة مقتل الرئيس السابق يمكن من خلال تصعيد الانتفاضة الشعبية ضد الحوثيين والتحام القوات الموالية له بقوات الشرعية في مختلف الجبهات، بالتزامن مع اضطلاع حزب المؤتمر بدور فاعل في حشد أنصار الحزب وقواعده، لمواصلة ما دشنه صالح من مقاومة للمشروع الإيراني في اليمن.
مشاركة :