ندوة عن رواية «كل الأشياء».. وأكثر

  • 12/13/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مهاب نصر | أين يقف الروائي من الحدث السياسي، خاصة لو كان بحجم ما شهدته المنطقة العربية بعامة من ثورات وانتفاضات وارتكاسات أيضا؟ ألا يغامر الروائي بنصه حين يربطه بما هو آني وعابر؟ لكن أليس في الحدث السياسي ما هو دائم أيضا: العدالة، وحرية الإنسان، وحقه في الحياة والتعبير؟ هذه التساؤلات وغيرها طرحت نفسها كإشكالات بحاجة إلى تأمل خلال الندوة التي أقامتها منصة الفن المعاصر، مستضيفة الروائية بثينة العيسى، لمناقشة روايتها «كل الأشياء» الصادرة عن الدار العربية للعلوم. قدم للندوة وأدار الحوار الروائي إبراهيم فرغلي. قرأت العيسى في البداية صفحات من الرواية تكشف عن طبيعة الأزمة التي تعرض لها البطل بعد اعتقاله جراء تعبيره عن رأيه، أجواء الأيام الأولى رهن محبسه وظلالها النفسية، وعلاقته بأمه وأبيه، والأخير على وجه الخصوص الذي تمثل صلته به أحد المحاور الإشكالية في الرواية. حول العنوان رغم أن السؤال عن سر تسمية الرواية «كل الأشياء» جاء متأخرا، وما إذا كان العنوان مطابقا حقا لما في الرواية، إلا أنه لامس جانبا من جوانب إشكالات السرد الآن، وهو اتساع المشهد وتناقضاته وتحولاته الحادة، وإعاة اكتشاف العلاقات الإنسانية فيه ومعاني التمرد والحب، علاقات الأجيال، صور النضال السياسي وأسباب إخفاقها، موقع الفرد ورحلة وعيه وحدود إمكاناته، معنى الصدق.. وكلها، وغيرها، جوانب لامستها الرواية. لذا فرغم أن إجابة العيسى أشارت إلى صعوبة اختيار عنوان لأي عمل أدبي، والخوف من اختزاله موضوعه، إلا أن ذلك قد لا ينفي كون العنوان دالا على محاولة السرد الروائي القبض على تفاصيل المشهد. حتى السؤال عن خاتمة الرواية، الذي أشارت بثينة إلى انه كان من الممكن أن يكون مختلفا، إنما يفضي إلى الحقيقة نفسها، كون السرد يطارد واقعا مملوءا بالاحتمالات ما يدفع الكاتب إلى عدم الركون إلى الحلول السهلة أو النهايات السعيدة فحسب. من «المشنقة» إلى العالم التحول أيضا في مشروع الرواية، من إغواء الكتابة عن فكرة «المشنقة» وعقوبة الإعدام، وفق ما قالت العيسى، إلى رصد جيل جديد حاول التعبير عنه نفسه واتخاذ موقف تجاه واقعه السياسي، واصطدامه بجيل الآباء، وأشكال النضال «الوسطي» أو حلول التغيير «غير الجذرية» يضعنا أمام قضية الصدق في سرد يجتهد ليطال تفاصيل الواقع المعقدة، حتى لو اضطر إلى تغيير مشروعه الذي انطلق منه. هل المتمرد هو ذاك البطل المثالي أو «الشعاراتي» أم هو ذلك الكائن الطبيعي الذي تعد فضيلته الحقيقية صدقه مع نفسه، ومراجعته لمواقفه؟ هكذا تقدم العيسى بطلها، الذي أشارت بعض المداخلات إلى انه بدا أحيانا شخصية مستفزة، وربما غير محبوبة. البطولة وغيرها ليست طبيعة «البطولة» وحدها، بما هي أقصى إمكان الفرد في التعبير عن ذاته، ولكن أيضا معنى الدولة، وإلى أي مدى شكلت جهازا قامعا منذ مطلع الحداثة. أيضا ثمة تساؤلات عن ماهية حقوق الإنسان والتي ربما يتشكك بها البعض في إطار تغير موازين العلاقة بين الفرد والدولة، واهتزاز معنى “»المواطنة». تلجأ العيسى إلى مقررات حقوق الإنسان الدولية، المبادئ الأخلاقية العامة المتعارف عليها، رغم ما تتعرض له هذه المبادئ من انتهاكات. علاقة البطل بأبيه كشفت أيضا عن جانب التبس فيه السياسي بالشخصي. فبينما تلقى بعض القراء علاقة الشخصيتين على أنها تمثيل لنمطين وجيلين مختلفين من المشتغلين بالنضال السياسي، عقبت العيسى بأن ثمة جانبا «فرويديا» أيضا يتمثل بالرغبة في قتل الأدب والتنافس على تمثيل القيم والمعاني. رغم هدوء نبرة الحوار حول الروائية التي شارك كثير من الحضور في نقاشها، فان ذلك لم يخف ثقل المشهد الذي تقدمه، ولا القلق إزاء إعادة تشكيل المفاهيم والقيم في منطقة ربما كانت الأشد تعرضا للاضطراب والتحول.

مشاركة :