تقرير فريدوم هاوس يربك السلطات الجزائرية بقلم: صابر بليدي

  • 2/9/2017
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

تقرير فريدوم هاوس يربك السلطات الجزائرية استقبل متابعون للشأن السياسي في الجزائر، ردود فعل وزارة الخارجية حول مضمون التقرير الأخير لمنظمة فريدوم هاوس الحقوقية باستغراب شديد، كونها عاتبت وسائل الإعلام الناقلة للتقرير، دون الرد على المؤسسة نفسها، بعدما صنفت الجزائر في خانة الدول غير المحترمة لحقوق الإنسان، وهو ما يزيد من متاعب السلطة القائمة، المتشبثة بنظرية المؤامرة والمساس المتعمد بسمعة البلاد في المحافل الدولية. العربصابر بليدي [نُشرفي2017/02/09، العدد: 10538، ص(4)] سلال يحث وزراءه على استعمال مواقع التواصل الاجتماعي الجزائر - اكتفت وزارة الخارجية الجزائرية، بإطلاق رسائل غير مباشرة، وصفت تقرير مؤسسة منظمة “فريدوم هاوس” الحقوقية، بالمضلل والمغرض وغير السليم، الهادف إلى إثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار الداخلي، ومعاتبة وسائل الإعلام التي تناولت المسألة، بدل تجهيز ردود عملية تدعم موقف السلطة، وتدحض ما تصفه بـ“المزاعم المغرضة لتشويه سمعة البلاد”. وصنف تقرير المؤسسة الحقوقية غير الحكومية الصادر مؤخرا، الجزائر ضمن البلدان التي لا تحترم الحريات، مقارنة بالدول المجاورة التي صنفت على أنها “الأقرب إلى تحقيق المسألة”، حيث وصف بعضها بـ“الحرة جزئيا”، والبعض بـ“المؤهل لدخول خانة الدول الأكثر حرية”. وشمل التقرير الذي قيم وضعية حقوق الإنسان خلال العام الماضي، 195 دولة عبر العالم، ووضع الجزائر في المرتبة الخامسة والثلاثين رفقة دولة فنزويلا، أي ضمن نسبة الـ25 بالمئة التي توصف بالمقيدة للحريات وحقوق الإنسان وتتشكل من 49 دولة، بينما هناك خانة الـ45 بالمئة المكونة من 87 دولة ينعم مواطنوها بحرية تعبير كاملة، أما الخانة الأخيرة فتمثل نسبة 30 بالمئة وتتكون من 59 دولة توصف فيها حرية التعبير بـ“الجزئية”، وهي الفئة التي تقع فيها بعض دول الجوار الجزائري. وتصدرت الدول الأوروبية قائمة البلدان الأكثر حرية للتعبير، وعلى رأسها كل من النرويج، السويد وفنلندا، بينما جاءت سوريا وكوريا الشمالية ضمن المراكز العشرة الأولى من حيث تقييد الحريات. وشكل التقرير صدمة لدى السلطة الجزائرية، بالنظر إلى خطابها المُروج في المحافل الإقليمية والدولية، حول حزمة الإصلاحات السياسية التي باشرتها منذ العام 2011، وتضمنت عدة ملفات كتعديل الدستور، وفتح قطاع الإعلام السمعي البصري أمام الاستثمار الخاص، وإعادة النظر في قانون الأحزاب والجمعيات، لكن الخطاب يصطدم بممارسات عملية منافية، حيث تنتظر العشرات من الأحزاب السياسية قرار الترخيص من وزارة الداخلية، ويعاني قطاع الإعلام من تغلغل سلطة الحكومة بشهادة تقرير منظمة مراسلون بلا حدود، وتئن المعارضة السياسية والنقابات المستقلة، تحت ضغط التضييق على ممارسة نشاطها الحزبي، كما تقمع التظاهرات بالعاصمة في كل مرة. التقرير أحدث صدمة لدى السلطات، بالنظر إلى خطابها المروج في المحافل الدولية، حول الإصلاحات السياسية وعلق المحامي والحقوقي مقران آيت العربي على تقرير فريدوم هاوس الحقوقية، قائلا “إن السلطة في الجزائر تفرض الكثير من القيود وتحرم المواطنين من العديد من الحريات، مع العلم أن هذه الحريات يكفلها الدستور الجزائري ويسمح بها القانون، فالأحزاب المعتمدة مثلا مقيدة في تصرفاتها ونضالها الحزبي، ولا تستطيع أن تعقد ندوات سياسية في الفضاءات العامة، إلا بتصريح من الوالي الذي بدوره يماطل في منح هكذا تصاريح، والأمر نفسه يتعلق بمنظمات حقوق الإنسان والجمعيات التي تواجه الكثير من العراقيل في أعمالها”. وأضاف “المظاهرات السلمية التي يعبر المواطنون فيها عن آرائهم، ومطالبهم وحقوقهم، ممنوعة هي أيضا في البلاد إلا بترخيص من الوالي، والعجب كل العجب أن الإعلام السمعي البصري يُسير بطريقة غامضة يسمح به للقنوات الموالية وتمنع القنوات المعارضة”، في إشارة إلى سريان قانون منع التظاهر في العاصمة منذ العام 2002، وفوضى قطاع السمعي البصري، فقرابة 50 قناة ناشطة في مختلف المجالات، مازالت موطنة في عواصم عربية وأوروبية، وتعتبر أجنبية بنظر القانون، في ظل تماطل الحكومة في تنظيم القطاع. وإذ لم يشر بيان الخارجية الجزائرية، بصفة صريحة ومباشرة إلى مؤسسة فريدوم هاوس الحقوقية، وألمح إلى جهات وعواصم، رد رئيس هيئة اللجنة الاستشارية العليا المقربة من الحكومة المحامي فاروق قسنطيني، على تقرير المؤسسة بكونه “يستند على معايير غير دقيقة، فالجزائر لم يحدث فيها شيء يتعلق بالتعدي على حقوق الإنسان أو حرية التعبير، ثم كيف لمثل هذه المؤسسة أن تقيم بلدا بحجم الجزائر من مكاتبها في أميركا دون النزول إلى الميدان، وللأسف هي أسطوانة تتكرر كل سنة الهدف منها ضرب استقرار البلد”. وفي خطوة لاحتواء الوضع المضطرب في الجبهة الاجتماعية والاقتصادية، المحرك للتقارير الحقوقية، طلب الوزير الأول عبدالمالك سلال، من وزراء حكومته توظيف شبكات التواصل الاجتماعي، في التعاطي مع الانشغالات اليومية للمواطنين، واستعمال “الفيسبوك” “وتويتر” في الرد على الرأي العام، بدل الالتزام بالإجراءات الإدارية البيروقراطية التي توسع الهوة بين الشعب والسلطة. ومازالت الحكومة الجزائرية تتوجس من توظيف شبكات التواصل الاجتماعي، في دعم احتكاكها مع انشغالات المواطنين، فرغم المحاولات المعزولة لبعض الوزراء والوزير الأول، إلا أن أغلبية المسؤولين الكبار في الدولة يتفادون ولوج هذه التكنولوجيا، وذهب بعضهم إلى وصفها بـ“الخطيرة والمدمرة”، وألمح إلى ضرورة حجبها. وكان تقرير سابق لمنظمة مراسلون بلاد حدود صدر نهاية العام الماضي، قد ذكر بتراجع حريات التعبير في الجزائر بسبب تغلغل السلطة الحكومية في تسيير القطاع لصالح رؤيتها وخطابها، عبر احتكار المادة الإعلانية ومصادر التمويل، وتوظيف الكثرة العددية للصحف والقنوات الفضائية في الترويج لتعددية إعلامية شكلية، في ظل الحجب الممنهج للرأي المخالف ومعاقبة وسائل الإعلام الخارجة عن سلطتها بما بات يعرف بـ“الموت الطبيعي”، بعد تجفيف منابع تمويلها. :: اقرأ أيضاً تركيا تعرض على ترامب خطة لضرب داعش تستبعد الأكراد القوات الإماراتية تحسم معركة المخا سفير بريطاني سابق يمهد في واشنطن الطريق لتحقيق موسع حول الإخوان حراك عربي مكثف ليس ببعيد عن أجواء الإدارة الأميركية الجديدة

مشاركة :