من صناعة الإشاعة إلى صناعة الأمل

  • 12/18/2017
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

قد يبدو العنوان جزءا مما نتمنى وسط شيوع وانتشار ظاهرة الاشاعات التي ساعد على انتشارها كالنار في الهشيم هو توفر وسائل الاتصال الاجتماعي واجهزة السوشال ميديا، والتي سخرها البعض وربما القطاع الاكبر منا لصنع الاشاعات. وهي اشاعات كما تصلنا وكما نلاحظ محبطة تزرع اليأس بين الناس، وتخلق حالة من التشاؤم الاسود القاتم ومعظمها «تحلطم» وهي الظاهرة العربية بامتياز. وقد اصبح العثور على عبارة او حتى كلمة تزرع الامل وتبث التفاؤل في الروح، اصبح مثل «بيض الصعو»، ومن المستحيلات الخرافية في عصر الحداثات الذي نعيش. لسنا هنا لنفلسف ونتفلسف فنقول كما المثقفون المتعالون «للظاهرة» اسبابها السوسيولوجية.. الخ» ولكننا نطرح ملاحظات بسيطة للبسطاء من اهلنا ومن ناسنا ومن مواطنينا لعلنا معهم نستطيع الخروج من حالة قتامة وغثاثة صنعناها بأنفسنا لانفسنا، وكأننا بحاجة لمزيد من هكذا قتامة وغثاثة. الاشكالية ان البعض اعتبر صناعته للاشاعة نوعا من الفهلوة كما يقول اخواننا المصريون، او نوعا من الشطارة والحذاقة واعتبر نفسه متفوقا على اقرانه وربعه واصدقائه بهكذا صناعة. والبعض اتخذها نوعا من الدعاية دون ان يفكر في عواقب ونتائج انتشارها بين الناس، وما سوف تثيره من قلق وتوجس وخوف وهلع. البعض امتلك شجاعة الاعتذار فاعتذر عما فعل، والبعض تهرب وبرَّر واختفى الى حين ليعود ثانية للبحث عن بطولة وجماهيرية شعبوية عن طريق اختلاق الاشاعات واطلاقها بلا تحسب وبلا ضمير اخلاقي يمنعه عن ذلك الفعل. ونتعجب كيف لم نستبدل صنع اشاعات الاحباط واليأس والتيئيس باطلاق ما يبعث الامل والتفاؤل مهما كانت الظروف صعبة وقاسية.  والاعجب اننا ابناء تراث وموروث ادبي واسع ومتعدد يبعث على الامل ويدعو للامل ويبث الامل. فلماذا لم نستحضر شيئا منه على الاقل لنرتفع بالروح المعنوية بدلا من نشر اشاعات واكاذيب وفبركات للنزول بها الى قاع اليأس والاحباط. بعض الثورجيين اعتبر اختلاف الاشاعات وفبركتها ونشرها بين المواطنين نوعا من انواع التهييج السياسي والتحريض والتعبئة الجماهيرية حتى بالاكاذيب والاشاعات والاختلافات التي لا اصل لها، وشعارهم الغاية تبرر الوسيلة حتى لو كانت وسيلة بلا اخلاق وبلا ضمير وبلا احساس. وهذا الثورجي «البطل» ستجده وهو في اسوأ حالات التوسل والاعتذار والخوف والهلع حين يواجه بحقيقة اشاعاته وفبركاته. وظاهرة «ابطال» السوشال ميديا اليوم حدث ولا حرج ولن تستطيع لهم تعدادا او حصرا في عالمنا العربي وفي منطقتنا، فما اسهلها من «بطولة» لا تحتاج الى عدة ولا عتاد من ثقافة ومن وعي ومن اسلوب، مجرد فرقعات صاخبة ضاجة بالتوليف ليغدو الواحد منهم «بطلا» يشار اليه بالبنان، فيمشي مختالا معتدا فخورا ببطولات مزيفة سلقها سلقا، والبركة في وسائل السوشال ميديا التي تصنع البطل وتحرقه. وهي ظاهرة خرجت من احشاء ظواهر راحت تنتشر وتتسلق بعضها بعضا كالطفيليات في زمن صارت فيه البطولة والشهرة مجانية والانتشار مجاني لا يحتاج جهدا ولا تعبا على النفس وبنائها ثقافيا وفكريا ومعرفيا ولا حتى اخلاقيا للاسف، وانظر حولك، بل بالادق اقرأ حولك!! لحظة فارقة ومتفارقة ما احوجنا الى التنبه والحذر واليقظة والتحوط حتى لا تصيبنا عدواها والعياذ بالله، فالجميع معرض لها ولعدواها ما دمنا مستغرقين اللحظة، وكان الله في العون.

مشاركة :