تنظيم الحمدين.. 200 يوم من الإنكار والعناد والمكابرة

  • 12/23/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة:«الخليج» أكثر من 200 يوم انقضت منذ أن أعلنت الدول الخليجية والعربية الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) مقاطعة قطر، لدعمها وتمويلها للإرهاب وجماعاته ومنظماته وقادته وإيوائهم وتوفير المنصات الإعلامية لهم لبث خطاب التحريض والكراهية، والتدخل في شؤون الدول الخليجية والعربية، ومحاولة زعزعة الاستقرار والأمن فيها. ورغم الطول النسبي للأزمة التي صنعتها قطر بيدها وبسياساتها، ورغم الآثار الحادة للمقاطعة في الداخل القطري، وفي اقتصادها، لا يبدو أن الدوحة قد استوعبت الدرس، أو أدركت أن صبر الأشقاء نفد حيال سياساتها المدمرة وسلوكاتها الخطيرة، بل إن تنظيم الحمدين في قطر أصبح مثل الجاهل عدو نفسه، والقاصر الذي لا يتحمل تبعات أفعاله، والمغتر الذي تأخذه العزة بالإثم.200 يوم من المقاطعة ظنت قطر في مبدئها أنها لا يمكن أن تستمر، وان الآخرين ممن تحتمي وتستقويى بهم سيهبون إلى نجدتها وإنقاذها مما هي فيه من العزلة والنبذ. ولكن الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب أكدت أنها تنطلق من موقف مبدئي، وأنها تأخذ الأمور بجدية، وأنها لا تتهاون مع المتلاعبين بأمنها واستقرارها، أو المحرضين عليه ومموليه. كان تنظيم الحمدين في قطر يراهن على عنصر الوقت باعتبار أن المقاطعة لن تستمر طويلاً، وأن الأمور ستعود إلى سابق عهدها كأن لم يكن من ثمة شيء.تبنى تنظيم الحمدين أولاً موقفاً معانداً ومكابراً بزعم أنه لم يقترف خطأ ولم يذنب حتى يعاقب، ثم أطلق خطاباً متناقضاً يعبر عن حالة الارتباك التي وجد التنظيم نفسه فيها. فتارة يزعم البراءة، وتارة يدعي أنه حريص على الحوار وعلى حل الأزمة، ثم يجأر بالشكوى من أن دول الرباعي الداعية لمكافحة الإرهاب تريد أن تصادر سيادته واستقلاله وأن تملي عليه الشروط، ثم يجوب رئيس الدبلوماسية القطرية محمد بن عبد الرحمن دول العالم شرقاً وغرباً، وهو يبسط ما يعتبره مظلومية، ويستنجد بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول مجموعة السبع الصناعية الكبرى والدول الأوروبية والدول الإسلامية الكبرى، من أجل أن تتدخل وأن تفرض على الرباعي العربي حل الأزمة حسب الهوى القطري.ادعى تنظيم الحمدين أن الدول الأربع تفرض حصاراً على قطر، في قلب منه للحقائق، فالموانئ والمطارات القطرية مفتوحة ولم يفرض الرباعي عليها حصاراً عسكرياً، بل عمل الرباعي في إطار القانون الدولي وقطع علاقاته الدبلوماسية مع الدوحة، ومنع هبوط أو عبور الطائرات القطرية بأجوائه، ومنع السفن القطرية من الرسو في موانئ دوله، وأغلقت السعودية حدودها البرية مع قطر وهي المنفذ البري الوحيد لقطر مع العالم.ارتعب نظام الحمدين أشد الرعب وهو يظن - كاذباً أو متوهماً - أن الرباعي العربي سيشن عملاً عسكرياً على الأراضي القطرية، وهو ظن خائب نابع عن الخوف النفسي للمذنب من العقاب لأنه يعرف أنه يستحقه، وسعت الدبلوماسية القطرية إلى تحذير الدول الكبرى من أن الدوحة قد تتعرض للغزو، وهو زعم باطل، فالرباعي العربي الداعي لمكافحة الإرهاب لم يعلن عن عمل عسكري مرتقب، كما أن شواهد الواقع لم تظهر أن الرباعي العربي يعد أو يستعد لمثل هذا العمل المتوهم فقط في خيال قادة تنظيم الحمدين.سعى تنظيم الحمدين حثيثا ًمن أجل أن تتدخل الدول الكبرى خاصة الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا أساساً والدول الإسلامية الكبرى في الأزمة لإقناع الدول الأربع بالتراجع عن موقفها المقاطع لقطر، بيد أن تنظيم الحمدين لم يؤت سؤله. وأكد جميع من اتصلت بهم قطر للتدخل في حل أزمتها، أن الحل يجب أن يكون داخل الأسرة الخليجية وعبر الحوار. ورغم الأنباء الزائفة التي روجت لها الدبلوماسية القطرية عن وجود مبادرة أو وساطة من هذه الدولة أو تلك لحل الأزمة، فقد كان رؤساء ووزراء خارجية هذه الدول واضحين وصريحين، فقد أعلنوا أكثر من مرة، وكشفوا عما ،بلغوا به قطر، وأكدوا دعمهم لمبادرة الوساطة الكويتية القائمة، وأنهم لا يحملون مبادرات أو حلولاً. لقد روجت الدبلوماسية القطرية لفكرة أن الدول الأربع تسعى لمصادرة سيادتها وقرارها السياسي وأن تفرض عليها إملاءات وشروطاً، وهو بالطبع زعم كاذب. فالدول الأربع لها تاريخ من الخلافات مع قطر، وقد حرصت هذه الدول مراراً وتكراراً على حل هذه الخلافات مع الدوحة بالوسائل السلمية وعبر الدبلوماسية والحوار. وفي كل مرة كانت الدوحة تعد وتتعهد ولكنها تتنصل من وعودها وتعهداتها وتنكث بها.فقد سبق أن سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة، بعد أن تراجعت الدوحة عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في 2013 بين العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز والأمير القطري الشاب حديث العهد بالإمارة بعد تنحي والده الأمير حمد بن خليفة آل ثاني. واستمرت الأزمة تسعة شهور، ولم يعد السفراء إلا بعد أن وقّع الأمير تميم على اتفاق الرياض التكميلي في 2014.إذاً، فأسباب الأزمة ليست جديدة، والاتهامات التي يسوقها الرباعي العربي ليست بجيدة على الدوحة، فقد سمعتها من قبل والتزمت بالعمل على إزالة أسباب الشكوى والاتهام. وكانت الدول الخليجية المقاطعة لقطر أكثر حرصاً على إعادة الدوحة إلى حاضنتها الخليجية وجوارها العربي، بيد أن الدوحة النافرة أصلا من الجوار البحريني - السعودي، والذي يحرك تنظيم الحمدين فيها عقد نفسية عميقة تجاه الدولتين لم تكن أصلاً حريصة على قربى أو أواصر ارتباط أو ذمة، بل ذهبت أبعد للإضرار بالدول الخليجية الثلاث بما لا يتفق مع ميثاق ومبادئ مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وروابط الدم والدين واللغة والتاريخ والجغرافية.لذلك كان قرار المقاطعة وعزل قطر تعبيراً عن نفاد الصبر وطول الأناة والحلم، فلم يكن مما لا بد منه حتى تعرف الدولة الصغيرة حجمها، وما عواقب سياساتها وسلوكاتها غير الناضجة.لقد فعل تنظيم الحمدين كل ما يستطيع ليثبت أنه غير جاد في الحوار أو الرغبة في حل الأزمة القطرية التي تتراكم تأثيراتها على البلد. فقد قبل التنظيم علناً بالمبادرة الكويتية للوساطة، وعمل سراً على نسفها قبل أن تؤتي أكلها بتسريب قائمة المطالب ال 13 التي قدمها الرباعي للدوحة لتنفيذها. ثم زعم كبير الدبلوماسية القطرية محمد بن عبد الرحمن أن هذه المطالب مرفوضة ولا يمكن التعاطي معها لأنها تمس بالسيادة القطرية، وفي نفس الوقت الترويج للرغبة في حل الأزمة عبر التفاوض والحوار.ثم يشرق تنظيم الحمدين ويغرب، ويدعي حيناً أن دول الرباعي العربي تريد فرض الوصاية على قطر، أو الادعاء بأن المطالب الثلاثة عشر تعني إغلاق شبه الجزيرة الصغيرة وتسليم المفاتيح إلى السعودية(!).كما سعت الدبلوماسية القطرية إلى تدويل الأزمة وجر الدول الكبرى لتكون طرفاً فيها، ورفعتها إلى المنظمات الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد باءت جهود التدويل بالفشل الذريع، فقد نصحت الدول الكبرى في العالم قطر الصغيرة بالعودة إلى الحوار والتفاوض والبحث عن حل في إطار البيت الخليجي، وكررت دعمها للوساطة الكويتية، وأعلنت عدم رغبتها في تقديم مبادرة وساطة جديدة تتفق مع الرغبة القطرية في الاستقواء.في وقت تؤكد الدبلوماسية القطرية أهمية منظمة التعاون الخليجي، ترفض العمل بمبادئ وأسس هذا التعاون، أو الحوار داخله حول أزمة لها صلة بدول أخرى في المجلس، فقد طلب وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن حواراً على أسس دولية بمعنى أن يكون الحوار بإشراف الأمم المتحدة والدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن.وترافق الفشل في التدويل السياسي، بفشل آخر على مستوى الوكالات الدولية، ولم تتدخل منظمة الطيران المدني الدولية، ومكتب البحرية الدولي، ومنظمة التجارة العالمية في الأزمة التي حاولت قطر جرها إليها، باعتبار أن المقاطعة - حسب الاعتقاد القطري- تنتهك القوانين الدولية للطيران والملاحة والتجارة. ولم يستنكف تنظيم الحمدين أن يزايد ويتبنى الدعوة الإيرانية الشاذة لتدويل مواقع الحج، وزعم أن السعودية تضيّق على الحجاج القطريين وتمنعهم من أداء النسك. وقد أسقط في يد تنظيم الحمدين، عندما أثبتت السعودية عملياً أن الحج أكبر من «التسييس» وحرمت الأبواق القطرية من فرصة المتاجرة بقضية الحجاج. ورفضت السعودية المحاولة القطرية الخبيثة لربط المقاطعة بشعيرة دينية، فأكدت أنها ترحب بالحجاج القطريين كافة وتستضيفهم على حسابها وتوفر لهم كل سبل التنقل والإيواء وتيسر عليهم في أداء المناسك، وشددت على أن المقاطعة أمر سياسي لا دخل لها في أداء الحجاج القطريين للموسم.وقد حاول تنظيم الحمدين أن يلعب لعبة خبيثة أخرى قد تهدد منظومة انعقاد مجلس التعاون الخليجي، ففيما تشدق النظام أولا أنه قد ينظر في الخروج من المنظومة الخليجية، عاد ليشدد على أنه لن يترك هذا التجمع الإقليمي، مراهناً على أن ذلك سيدفع الدول الخليجية الثلاث إلى مقاطعة قمة قادة المجلس المنعقدة في الكويت (5-6 ديسمبر/ كانون الأول الحالي) إذا حضرتها قطر. وقد حرمت الدول الثلاث الدوحة من هذه الفرصة وأعلنت حضورها القمة حرصاً على المجلس وآلياته ودورية انعقاد القمة في مواعيدها وتقديراً إلى أمير الكويت مستضيف القمة. والمقاطعة تدخل شهرها السابع وجد نظام الحمدين نفسه أمام حقائق حاول المكابرة عليها ونكرانها، ولكن ضوء الشمس يملأ الدنيا وإن لم يستطع الأعمى أن يراه. فقد وجدت قطر نفسها مجبرة على العمل لإثبات براءتها مما اتهمتها به الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، والتي ثبتت على موقفها لإقناع الدوحة على تغيير سلوكها السياسي غير المسؤول والتخلي عن نهج التناقض في الإعلان عن تبني مبادئ والعمل بنقيضها، والادعاء الكاذب باتباع سياسة والعمل في الخفاء بضدها، والعمل سراً على دعم جماعات ومنظمات إرهابية وتخريبية تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.بيد أن الدوحة التي أدمنت النفاق وإظهار غير ما تبطن والتي لم تتحرر من مخاوف غير واقعية، ولم تتطهر من هواجس ووساوس تنتاب تنظيم الحمدين الحاكم حيال دول الجوار الخليجي والمنطقة العربية، ترفض الدعوات الأخوية المنطلقة من إحساس بأواصر القربي والانتماء، ولكنها لا تمانع أن ترتمي في أحضان الغريب المخالف والاستقواء به، والاستجابة إلى كل طلباته ومحاولة استمالته بالمال والنفوذ وتنفيذ رغائبه. فإن كانت الدوحة مطالبة بالالتزام بما سبق أن تعهدت به وجددته الدول الأربع، تعاند الدوحة في الوفاء بهذه التعهدات والمطالب، لكنها سارعت إلى توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب. وأعلنت الدوحة أيضاً عن فتح السجلات القطرية أمام المخابرات الألمانية لتتبع تمويل الأنشطة الإرهابية المتهمة بها هيئات وشخصيات قطرية.ووجه التناقض والنفاق في سلوك تنظيم الحمدين جلي وواضح، فقد كشفت بنود اتفاقية الرياض 2013 والتكميلية 2014، التي وقّع عليها أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، التزام الدوحة بالحد من الأنشطة الضارة والمثيرة للشبهات، فيما يتعلق بالتمويلات القطرية للجماعات الإرهابية.وتحت الضغط الأمريكي أصدر تنظيم الحمدين تعديلات على القوانين الجزائية، الأمر الذي يوفر آلية قانونية لتتبع التمويلات الإرهابية وملاحقة الإرهابيين. وفوق كل ذلك عمل نظام الحمدين ليل نهار عبر دبلوماسيته وعبر أبواقه الإعلامية يردد إدانته صراحة وبوضوح للعنف والإرهاب.اتسم سلوك تنظيم الحمدين طوال الفترة الماضية بالتناقض، فالدوحة تريد حل الأزمة، ولكنها لا تريد أن تدفع الثمن، وتؤكد حرصها على منظومة مجلس التعاون ولكنها لا تريد الالتزام بمبادئها، وتفضل أن تكون لها سياسة منفردة شاذة مضرة بالمنظومة ودولها، وهي تصدع الرؤوس بقبولها بالحوار والتفاوض ولكنها لا تعمل بمقتضى هذه المبادئ، ويزعم نظام الحمدين أنه حريص على وحدة الشعب القطري وانتماء البلد الخليجي والعربي، وفي نفس الوقت فإن سياساته ومسلكياته تضر بالوحدة الوطنية وتشق الصف الوطني بل الأسرة الحاكمة نفسها، كما يتخلى التنظيم عن انتماء قطر الخليجي والعربي يستبدله بعلاقات أكثر حميمية وتواشجاً مع إيران (الشريفة) الطائفية المتربصة وتركيا(العفيفة) العثمانية المتطلعة لاسترداد مجد غابر و«إسرائيل» العنصرية.على الجبهة الداخلية يحس القطريون أنهم باتوا مقطوعين عن محيطهم الخليجي العربي، واستبدل نظام الحمدين انتماءهم بالارتباط العضوي مع الفارسية والطورانية. هذا الانشقاق في الجبهة الداخلية، يتصاعد مع القضية المحورية التي تجعل المواطن القطري العادي يتساءل: لماذا يستبدل نظام الحمدين انتماء قطر الجغرافي وروابطها الأسرية والقبلية والوطنية والقومية بروابط غريبة عليها لا تحقق له الامتداد الجغرافي والأمان السياسي.والأمر لا يقتصر على القطري العادي، فقد انشقت شخصيات بارزة في أسرة آل ثاني الحاكمة في قطر، وأعلنوا رفضهم سياسة تنظيم الحمدين التي تقطع قطر عن محيطها الجغرافي، والتي تبعد بها عن انتمائها التاريخي والحقيقي والطبيعي.وقد طرحت هذه الشخصيات مثل الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني وسلطان بن سحيم آل ثاني، مبادرات من أجل ألا يتضرر المواطن القطري العادي من ممارسات التنظيم الحاكم، الذي فضل الأباعد وشذاذ الآفاق وكناسة الأيديولوجيات الساقطة، على مواطنيه الأقحاح.كان رد النظام نزقاً وغير متوازن ومخالفاً للأسس التي يجب أن تكون عليها الدولة والنظام والحكومة. فعامل تنظيم الحمدين مواطنيه على أنهم أعداء، بل وجردهم من حقوقهم الطبيعية والمكتسبة، مثل التجريد من الجنسية ومصادرة الأموال والمنقولات والأصول والعقارات، فضلاً عن الملاحقة الأمنية.لقد أتت المقاطعة أكلها، فقد وضعت قطر مكشوفة أمام العالم ولم يعد في مقدور تنظيم الحمدين اللعب على المتناقضات والإعلان عن الالتزام بالمبادئ وهدمها سراً. فقد تجلى ضغط المقاطعة في حرمان الجماعات الإرهابية من الدعم والتمويل الذي كانت تقدمه لهم الدوحة. وقد وجدت هذه الأحزاب والمنظمات والجماعات الإرهابية نفسها في موقف حرج، فقد خف أو جف الضرع الذي كانوا يرضعون منه. وذلك واضح للعيان في سوريا وفي ليبيا وفي مصر واليمن وفي فلسطين المحتلة. الأمر الذي ترتب عليه انحسار المنظمات والجماعات الإرهابية في أكثر من بلد في المنطقة، مع نضوب وشح التمويل سواء في ليبيا أو مصر أو العراق.يحاول تنظيم الحمدين المكابرة والادعاء أن كل شيء على ما يرام، ولكن شواهد الواقع تؤكد حقيقة المعاناة الناتجة عن المقاطعة، فقد وجد النظام نفسه وحيداً وهو مطالب بتوفير ضروريات الحياة المستوردة بعد انقطاع المدد بسبب المقاطعة البرية والجوية والبحرية. وازدادت تكلفة الاستيراد للغذاء والدواء والضروريات، وازدادت صعوبة توفير مواد الإنتاج والإنشاء، ولم تعد السياحة إلى قطر أو استخدام خطوطها الجوية مرغوبة إذ يواجه القادمون إلى قطر والمسافرون على طيرانها طول المسافة ويتكبدون المزيد من الوقت، لعدم السماح باستخدام أجواء دول الجوار.صحيح أن قطر تملك أكبر مخزون من الغاز الطبيعي في العالم، ولديها أموال طائلة تصل إلى 300 مليار دولار على سبيل استثمارات في الخارج، إلا أن الدولة الصغيرة التي بددت ثروة الشعب بالإنفاق على الإرهاب وجماعاته، باتت مضطرة للأكل من سنامها للصرف على مرحلة ما بعد المقاطعة، وبدأت تعلن السحب من الأرصدة، وفك الودائع وتسييل الأصول، مع ما ترتب على ذلك من ضغوط تمثلت في ارتفاع معدل التضخم وانخفاض معدلات النمو، وانخفاض قيمة العملة الوطنية، وارتفاع تكلفة التشغيل والأعمال. وفي فترة الستة أشهر نزف الاقتصاد القطري كثيراً وفقد العشرات من المليارات والاستثمارات والودائع التي كانت مضمونة يأتي عائدها رغداً. تركت المقاطعة آثارها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في قطر، والكل يحس بهذه التأثيرات إلا نظام الحمدين الذي يصر على الإنكار والمكابرة ويسدر في غيه، ويجترح إجراءات لتجاوز المقاطعة لكن آثارها محدودة وهي دعائية أكثر منها ناجعة وعملية ذات مردود، وموجهة إلى الداخل لإقناعه بأن النظام مظلوم فهو محاصر، ومحاصروه ينتهكون القانون الدولي وكأن خداع الشعب القطري يمكن أن يغير من طبيعة الأزمة التي أوصله إليها حكامه. المطالب الـ 13 1 - خفض التمثيل الدبلوماسي مع إيران وإغلاق الملحقيات والاقتصار على التعاون التجاري بين البلدين بما لا يخالف العقوبات الدولية المفروضة على إيران.2- الإغلاق الفوري للقاعدة العسكرية التركية ووقف أي تعاون عسكري معها في الأراضي القطرية.3- إعلان قطع العلاقات مع كل التنظيمات الإرهابية والطائفية والإيديولوجية وعلى رأسها «جماعة الإخوان المسلمين - داعش - القاعدة - فتح الشام - حزب الله».4- إيقاف جميع أشكال التمويل القطري لأي كيانات أو منظمات إرهابية مدرجة في قائمة الدول الأربع.5- تسليم كافة العناصر الإرهابية المدرجة والعناصر المطلوبة لدى الدول الأربع.6 - إغلاق شبكة الجزيرة الإعلامية.7- وقف التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول ومصالحها الخارجية.8- التعويض عن الضحايا والخسائر كافة للدول الأربع بسبب السياسة القطرية خلال السنوات السابقة.9- التزام قطر بالانسجام مع محيطها الخليجي والعربي عسكرياً، وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأمنياً، وتفعيل اتفاق الرياض لعام 2013 واتفاق الرياض التكميلي 2014.10 - تسليم المعلومات عن المعارضين الذين دعمتهم قطر وأنواع هذا الدعم.11 - إغلاق وسائل الإعلام التي تدعمها قطر بشكل مباشر وغير مباشر.12 - الموافقة على هذه الطلبات خلال 10 أيام وإلا تعتبر لاغية.13 - أي اتفاق سوف يتضمن أهدافاً وآلية واضحة وأن يتم إعداد تقارير متابعة دورية. المبادئ الستة تشدد الدول الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) على أن تكون أية عملية وساطة لحل الأزمة القطرية، على أساس المبادئ الستة التي تم الاتفاق عليها في اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع في القاهرة في الخامس من يوليو/ تموز 2017.والمبادئ الستة هي:1 - الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة.2- إيقاف أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف.3 - الالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013 والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية لعام 2014 في إطار مجلس التعاون الخليجي.4 - الالتزام بمخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض في مايو/ أيار 2017.5 - الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون.6 - الإقرار بمسؤولية دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين.اتفاق الرياض 2013 في عام 2013 تم التوصل إلى الاتفاق المعروف باسم «اتفاق الرياض». وتشير بنود الاتفاق إلى أن قطر تعهدت بتنفيذ بنوده وأهمها:1 - التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول الخليج.2- عدم تجنيس أي مواطن من دول مجلس التعاون.3- إبعاد كل العناصر المعادية لدول المجلس والمطلوبة قضائياً عن أراضيها خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين.4- وقف التحريض في الإعلام القطري.5- عدم السماح لرموز دينية في قطر باستخدام المساجد ووسائل الإعلام القطرية للتحريض ضد دول مجلس التعاون.6- وقف دعم جماعة الإخوان المسلمين.7- وقف التحريض ضد مصر.بيد أن قطر التي التزمت ببعض هذه البنود لفترة وجيزة، عادت و«تنصلت» من أغلبيتها لاحقاً عقب وفاة خادم الحرمين ملك السعودية الراحل عبد الله بن عبد العزيز.

مشاركة :