تدرس سلطة دبي للخدمات المالية، استخدام العملات أو الرموز الرقمية، وما إذا كانت هناك حاجة لوضع إطار عمل تنظيمي للأنشطة التي تتم في هذا المجال، لاسيما وأن الرموز الرقمية تمكن المؤسسات والشركات من جمع رؤوس الأموال وتمويل المشروعات وتحقيق الكفاءة في عمليات الدفع وتقليل تكاليف معاملات الدفع وتحويل الأموال. ووجهت السلطة مؤخراً تحذيراً للمستثمرين أوضحت من خلاله مدى تعقيد هذه العملات الرقمية ومخاطر التعامل بها، و أبرز هذه المخاطر صعوبة تتبعها والحصول على المعلومات الكافية عن حركة تداولها. نشر مصرف الإمارات المركزي في وقت مبكر من هذا العام الإطار الرقابي للقيم المخزنة ونظم الدفع الإلكتروني، ونصت هذه اللائحة على حظر جميع العملات الافتراضية وأي معاملات خاصة بها، ما جعل الكثيرون يستنتجون حظر عملة البيتكوين وغيرها من الرموز الرقمية في الدولة. الأمر الذي دفع المصرف إلى إصدار بيان للمتابعة ذكر فيه أن هذه اللائحة لا تشمل [الرموز الرقمية]، وبالتالي لا تنطبق على «بتكوين» أو الرموز الأخرى، أو ما يتصل بها من عمليات مقايضة، أو التكنولوجيا الأساسية مثل سلسلة الكتل (البلوك تشين). وأن المصرف المركزي للدولة يعكف الآن على دراسة الرموز الرقمية والقواعد الجديدة ستصدر حسب الاقتضاء. وفي شهر سبتمبر، تداولت الأخبار أن المصرف يساوره القلق من إمكانية استخدام الرموز الرقمية بسهولة في غسل الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية.وقال بيتر سميث مدير تنفيذي، قسم السياسات والاستراتيجية لدى سلطة دبي للخدمات المالية، في تصريحات خاصة ل«الخليج» إنه يُمكن للعملات الرقمية أن تدعم الشمول المالي الذي يساعد في خدمة شرائح المجتمع التي لا يمكنها الحصول على الخدمات البنكية، غير أنه أكد أن لهذه العملات مخاطرها إذ يمكن استبدالها بالعملات الورقية أو أنواع الرموز الرقمية الأخرى، ما يجعلها عرضة للاستخدام في أغراض غسل الأموال والاحتيال ويعرضها أيضاً للتقلبات الشديدة في القيمة.وأرجع الشهرة التي نالتها هذه العملات خلال الأشهر الأخيرة، إلى المضاربة في قيمتها كنوع من أنواع الاستثمار. ولكن الرموز الرقمية قد تُمكن المؤسسات والشركات أيضاً من جمع رؤوس الأموال وتمويل المشروعات وتحقيق الكفاءة في عمليات الدفع وتقليل تكاليف معاملات الدفع وتحويل الأموال. كما يُمكن لهذه الرموز أن تدعم الشمول المالي الذي يساعد في خدمة شرائح المجتمع التي لا يمكنها الحصول على الخدمات البنكية التقليدية أو التي لا يمكنها الاستفادة الكاملة من هذه الخدمات.غير أن هذه المنافع تأتي مصحوبة بالمخاطر، فالرموز الرقمية يمكن استبدالها بالعملات الورقية (أي العملات القانونية) أو أنواع الرموز الرقمية الأخرى، وهو ما يجعلها عرضة للاستخدام في أغراض غسل الأموال والاحتيال ويعرضها أيضاً للتقلبات الشديدة في القيمة. وقد كان هذا موضوع الإنذار الذي أصدرناه مؤخراً للمستثمرين الذي أوضحنا فيه تعقيد هذه الأدوات المالية ومخاطر التعامل بها.وأضاف سميث أن الحكومات والجهات التنظيمية حول العالم تتابع عن كثب الأنشطة المرتبطة بالرموز الرقمية، وتدرس كيفية تنظيمها من أجل حماية المستهلكين، والمستثمرين والمستخدمين الآخرين. وهذا تحد كبير في ضوء العالم سريع الحركة الذي توجد فيه الرموز الرقمية والظهور الدائم للرموز الرقمية الجديدة والطرق الجديدة للدخول إلى هذا السوق. وثمة تحديات أخرى تحيط بالوصول إلى المعلومات والإشراف، حسب كل ولاية قضائية وأخرى، على ما يمكن اعتباره سوقاً عالمياً غير مركزي. وأكد أنه قد طبق عدد قليل من الجهات التنظيمية إطار عمل مخصصاً في هذا المجال. ولكن هناك قضية عامة من المنظور التنظيمي وهي أن عمليات الطرح الأولي للعملات، والإصدارات الأخرى من الرموز الرقمية، قد تكون بالفعل من الأنشطة الخاضعة للرقابة والتنظيم في أي منطقة اختصاص بموجب اللوائح المحلية القائمة لتلك المنطقة. وهذا يعتمد على الحقائق في كل حالة. أرباح قياسية على سبيل المثال، إذا كان لعملية الطرح الأولي لعملة من العملات نفس الخصائص وثيقة الصلة بالأوراق المالية، سيكون من اللازم حينئذ أن تخضع عملية الطرح هذه للرقابة والتنظيم بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع الإصدار التقليدي للأوراق المالية، مثل الاكتتاب العام للأسهم.وحول ما إذا كان التداول في هذه العملات آمنا، أوضح أنه يمكن لهذه العملات أن ترتبط بأصول أساسية مثل العقارات أو العملات أو بنشاط تجاري أو بشيء آخر أو لا ترتبط بأي شيء على الإطلاق.وأياً كان الأصل الأساسي (إن وجد)، تظل الأسئلة هي نفسها. ما الغرض من الرمز الرقمي؟ وما الطريقة التي سيحقق بها النشاط أو الاستخدام المقترح أو الارتباط المقترح بأصل من الأصول الأساسية قيمة للمستثمر؟ وما مدى معقولية تحقيق هذه القيمة؟ وما المخاطر المرتبطة بهذا الرمز الرقمي؟وقد سمعنا عن ارتباط رموز رقمية بأصل عقاري. وقد يوفر هذا، تبعاً لشكل وبنية هذا الارتباط، مزيداً من الأمان للمستثمر. ولكنه ليس ضماناً بأن الرمز الرقمي ستكون له قيمة أو أنه سيحافظ على تلك القيمة، ولابد من مساعدة المستثمرين في فهم الموازنة بين المخاطر والعائد. ونحن كجهات تنظيمية لدينا مسؤولية في محاولة القيام بذلك ونشر هذه الرسالة بين المستهلكين. وينطبق هذا أيضاً على الجهات الأخرى، مثل الإعلام، كما يتعين على المستهلكين فهم ما إذا كانت هذه المنتجات خاضعة للرقابة والتنظيم أم لا، وفي حالة خضوعها، فما الاستفادة المحققة من الحماية التي توفرها القوانين واللوائح المطبقة. وفي بعض الحالات قد لا تكون المنتجات خاضعة للرقابة، ويجب أن يكون المستثمرون على دراية بهذا.وتابع سميث: «نحن نرى أن السبب الرئيسي للزيادة في التداول هي المضاربة. فالناس يرون الآخرين يجنون أموالاً بسرعة، ويريدون أن يقوموا بالأمر ذاته بأنفسهم. ولذا، فمن ناحية يطلق الأفراد الرموز الرقمية الخاصة بهم، للاستفادة من هذا الطلب، ومن ناحية أخرى يُقبل المزيد من الأفراد على السوق للبحث عن الرمز الرقمي الجديد «الذي يتوقع أن تزدهر قيمته بسرعة كبيرة»، وهذا يرفع الأسعار.ويتوقع معظم المراقبين أن تخلق المضاربة الحالية في البيتكوين فقاعة ستنتهي بانهيار حاد في أسعار البيتكوين».وشدد على أن هناك طرقاً عديدة للتعامل مع المخاطر الناجمة عن استخدام الرموز الرقمية. وكما ذكرنا فإن تنظيم هذه الأنواع من عمليات طرح العملة ينطوي على تحديات تحاول الجهات التنظيمية التعامل معها وتخطيها.ولا شك أن تنظيم جميع عمليات طرح الرموز الرقمية (بما في ذلك الطرح الأولي للعملات)، سوف يبطئ من عرض المنتجات الجديدة للناس للمضاربة فيها.
مشاركة :