لم يكن من أهداف الثورة الإيرانية عند قيامها منذ (35) سنة التوقف عند الحدود الجغرافية لإيران، بل كانت النظرة أوسع من ذلك؛ فهي ترمي للوصول للمرحلة التي تُطبِق فيها (كُلِّيًّا) على الدول العربية والإسلامية، لأجل ذلك بذلت إيران وسعها للوصول إلى غايات الثورة وتحقيق أهدافها بالوسائل الممكنة وغير الممكنة، المشروعة منها وغير المشروعة، وانطلاقًا من قول الشاعر العربي أبي فراس الحمداني: تهـون عليـنا في المـعالي نفـوســنا ومن يخطبِ الحسناءَ لم يَغْلُهُ المهرُ فقد وضعت إيران نصب عينيها بذل الأسباب مهما كانت ضخامتها في سبيل الوصول للحسناء التي تخطب الثورة ودّها منذ قيامها، والحسناءُ المنتظَرَة للثورة الإيرانية هي (السيطرة العقدية) على الدول العربية والإسلامية، ومن ثَمَّ التحكُّم في مقدراتها والتنعم بخيراتها، من أجل ذلك لم تتوانَ إيران يومًا ما عن مقاصدها، وهي إن سكنت أحيانًا نتيجةً لبعض الظروف كسكونها إبَّان الحرب العراقية الإيرانية حينما كانت بمفردها في مواجهة العراق ومن خلفه الداعم الأمريكي والخليجي بالمال والسلاح إلا أنها لم تتخلَّ إطلاقًا عن مبادئها وغايتها، كما ذكرتُ آنفًا فقد سلكت إيران مسالك شتى في سبيل تمدد ثورتها واتساع رقعتها وشمولها شريحة عريضة من الشعوب العربية والإسلامية التي يقبع بعضها تحت خط الفقر، وبعضها يعيش فوضى أمنية، وبعضها يفتقد لأدنى مستويات الحرية، وبعضها تغشاه ظلمات الجهل ومظالم الحكومات، هذه الأزمات والإشكاليات كانت بمثابة أوتار حساسة ضربت عليها الثورة الإيرانية، وعملت جيدًا على استغلالها، وكانت بمثابة ثغرات استطاعت التسلل من خلالها إلى عمق بعض الدول العربية والإسلامية، ولأنَّ تقوقع إيران على نفسها، واكتفاءها بنشر تعاليم ثورتها داخل جغرافيتها يُعد جريمة بحق الثورة التي لم تقم لهذه الغاية وحدها، كان لزامًا عليها أن تُوجِد لها بؤرًا في بعض الدول العربية والإسلامية تتلقى تعليمات الثورة ومن ثم تعمل على نشرها، هذه البؤر المتناثرة في بعض الدول العربية والإسلامية لا تعمل آليًّا؛ وإنما تعمل وفق أجندات يقوم عليها من يمكن تسميتهم بـ(الوكلاء) الذين يسدُّون مسدَّ القائمين على الثورة الإيرانية، فيتلقون التعليمات والأوامر ويهيئون لها المناخ المناسب في بلدانهم ومن ثم يبدؤون ببث أفكار الثورة مصحوبة بالدعم الإيراني (العلني) بشتى صوره، لا تثريب على إيران في سعيها الحثيث لنشر الثورة؛ وجعل تعاليمها مهيمنة في البلدان العربية والإسلامية، فهي كغيرها من الدول تسعى لترسيخ ونشر ما قامت لأجله وآمنت به، إنما التثريب على (وكلائها) الذين أصبحوا بمثابة (تروس) في آلة الثورة الإيرانية يمتثلون تعليماتها ويأتمرون بأمرها، غير أننا لو دققنا النظر في سببية انحياز الوكلاء للثورة الإيرانية ضد بلدانهم لوجدنا أن لهم قناعاتهم التي قد تكون وجيهة -من وجهة نظرهم- والتي بسببها لم يجدوا بدًّا من الانحياز للثورة الإيرانية والإيمان بها والدفاع عنها وعن مراميها وغاياتها، من هذه القناعات التي تُحسب للحكومة الإيرانية: أولاً- إيمانها (المطلق) بثورتها وصوابية أهدافها مهما كانت القوادح. ثانيًا- تمثُّلها مبادئ الثورة قوًلاً وعملاً. ثالثًا: دعمها اللا محدود واللا منقطع -ماديًّا ومعنويًّا- للثورة ووكلائها وحمايتهم. رابعًا- دفاعها عن ثورتها ضد تُهم كالإرهاب والطائفية وإلصاقها بخصومها. خامسًا- سعيها (الجاد) لنشر مبادئ الثورة على أوسع نطاق. سادسًا- فتحها حوزاتها ومدارسها وجامعاتها لاستقبال الطلاب من الدول كافة دون منٍّ أو تضييق. سابعًا- مؤازرتها وعدم مضايقتها للمستمسكين بمبادئ الثورة. ثامنًا- ظهورها بمظهر القويِّ والندِّ بوجه الهيمنة الغربية -حتى وإن تقاطعت المصالح بينهما- وإصرارها على المضي في برنامجها النووي. وبعد.. فلا غرابة أن تنحاز بعض الشعوب العربية والإسلامية للثورة الإيرانية وتؤمن بمبادئها وتدافع عنها بل وتحقق العديد من أهدافها؛ بعد أن وجدت حكوماتها منقلبةً على مبادئها، مشككةً فيها، حربًا عليها، مصادقةً على ما يَصِمُها به أعداؤها. Mashr-26@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (52) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :