تململ عمالي يهدد بتفجير الوضع الاجتماعي ورفض لتكرار تجربة التسعينات.العرب صابر بليدي [نُشر في 2017/12/26، العدد: 10852، ص(4)]مصير مجهول الجزائر - أعربت مصادر نقابية في المنطقة الصناعية بالرويبة، شرقي العاصمة، عن قلقها الشديد من الاتفاق المبرم بين أطراف الثلاثية، الحكومة، النقابة المركزية وأرباب العمل، مطلع هذا الأسبوع، بسبب الغموض الذي يكتنف العملية وتداعيات مشروع الخصخصة على مستقبل المؤسسات وعلى استقرار الجبهة الاجتماعية. وذكر مسؤول نقابي في فرع الاتحاد المحلي للعمال الجزائريين بالمنطقة الصناعية، رفض الكشف عن هويته لـ”العرب”، أن “العمال الناشطين في مختلف الورشات والمصانع المتواجدة في المنطقة استقبلوا الاتفاق بقلق شديد بسبب الخوف من غياب الشفافية في الخصخصة وتداعيات العملية على المؤسسات واليد العاملة”. وأضاف “الفرع النقابي بصدد التشاور لبلورة موقف محدد من قرار الخصخصة، وكل الخيارات مفتوحة، بما فيها الاحتجاجات والإضرابات لإجهاض المشروع، لأن التجارب السابقة أثبتت فشلها، وترصد الرأسمال الخاص بالممتلكات العمومية لخدمة مصالحه دون مراعاة اهتمامات الطبقة العاملة”. والمنطقة الصناعية بالرويبة، التي تشغل نحو عشرة آلاف عامل في مختلف الورشات والمصانع، الموروثة عن العقود الماضية والنموذج الاقتصادي السابق (الاشتراكية)، هي بارومتر حقيقي للجبهة الاجتماعية والعمالية. وتسببت الاحتجاجات التي خاضها العمال في نهاية ثمانينات القرن الماضي في تفجير أحداث الخامس أكتوبر 1988، والتي أسست للتحولات السياسية والاقتصادية التي انتهجتها الجزائر.اتفاق الخصخصة يشير إلى وجود نوايا مشبوهة في ظل غياب الشفافية ودفتر شروط يحدد طريقة وأهداف العملية وكان الاتفاق المبرم بين الثلاثية تضمن فتح المؤسسات المتوسطة أمام الاستثمارات الخاصة، على أمل إعطاء دفع جديد لها، بعد فشل عمليات سابقة لمسح ديونها وضخ أموال جديدة للنهوض بوتيرتها الإنتاجية، والمساهمة في نمو الاقتصاد المحلي، في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد. ودون أن يحدد الاتفاق طبيعة تلك المؤسسات، ولا دفتر الشروط الذي يحدد عملية الخصخصة ومستقبل اليد العاملة المنتسبة لها، أبدت أطراف سياسية ونقابية مخاوفها من تكرار سيناريو حقبة التسعينات، لما قررت الحكومة آنذاك عملية مماثلة، وتم بيع بعض المؤسسات بالدينار الرمزي لبعض أرباب العمل الموالين لتوجهات السلطة. واستغربت نقابات مستقلة في مختلف القطاعات، تفرد المركزية النقابية بالتفاوض مع الحكومة وأرباب العمل، مقابل إقصائهم والتضييق على حركاتهم الاحتجاجية، ووصف اجتماع الثلاثية بـ”الأحادية”، كونه جمع أطرافا تحمل تصورات مشتركة وليست انشغالات متضاربة، ولا تعير أهمية للانشغالات الحقيقية للطبقة العاملة وللاستقرار الاجتماعي في البلاد. وكان الرجل الأول في المركزية النقابية المقربة من السلطة عبدالمجيد سيدي سعيد، أبدى تضامنا علنيا مع تنظيم “منتدى رؤساء المؤسسات”، خلال الحملة التي شنها رئيس الوزراء السابق عبدالمجيد تبون، ضد من أسماها بـ”اللوبيات” المالية والسياسية التي توظف ثقلها المالي من أجل التغلغل والتحكم في مؤسسات الدولة وفي هوية القرار السياسي والاقتصادي. ويرى مراقبون أن اتفاق الخصخصة ينم “عن نوايا مشبوهة في ظل غياب الشفافية ودفتر شروط صريح، يحدد شروط وأهداف العملية، ويضع الجميع على مسافة واحدة”، في ظل مؤشرات الانتقائية وعدم تكافؤ الفرص بين أرباب العمل، وهيمنة منتدى رؤساء المؤسسات بقيادة رجل الأعمال علي حداد على القرار الاقتصادي وإقصاء الشركاء الآخرين من العملية. ولم يستبعد هؤلاء، أن تكون العملية تمهيدا لتثبيت تغلغل اللوبي المالي المذكور في مفاصل الدولة والمؤسسات الاقتصادية لخدمة أجندة سياسية، تتعلق بالارتقاء إلى مصاف القوى الفاعلة في صناعة القرار بهرم السلطة، والمساهمة في تحديد هوية الرئيس القادم للبلاد بعد نحو عام ونصف. ووصف رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري اتفاق الخصخصة، بـ”التفريط الكبير في ثروات وممتلكات البلد لأنه يقترن بشيوع مظاهر الفساد والمحسوبية والجهوية وبعيدا عن الرقابة والشفافية، وأن إجراءات القرار هذه لا تحمل رؤية اقتصادية وستتجه نحو المزيد من الغنى للأغنياء والمزيد من الفقر للفقراء في حالهم وعددهم”. وأضاف “سيتم بيع القطاع العام لأشخاص محدودين ومعروفين وبعضهم يعمل من الباطن مع جهات أجنبية كما بينه نوابنا أثناء مناقشة قانون المالية 2016 وفق المادة 66، وهو تسريع للخطى نحو رأسمالية متوحشة برعاية أجنبية، قد تكون آثار الانتخابات الرئاسية حاضرة فيها”.
مشاركة :