رشا حلوة: أمنيات نساء عربيّات لعام 2018

  • 12/27/2017
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

في مقالها* لـDW عربية تستعرض الكاتبة الصحفية رشا حلوة أمنيات نساء عربيات للعام القادم. أمنيات، مهما صغرت أو كبرت، فإنها تنبع من القلب من أجل تغيير واقع المرأة في الدول العربية. "أتمنى أن لا تخاف النساء"، أجابتني صديقة عندما سألتها عن أمنيتها للعام الجديد، بما يتعلّق بواقع المرأة في بلادنا والعالم. بعد أيام قليلة، سينتهي عام 2017، محمّلًا بذكريات قاسيّة ووحشيّة لأحداث مرّت بها النساء خلال هذا العام؛ أحداث عنف ضد النساء، على المستويات النفسيّة والجسديّة؛ تحرّش واغتصاب وقتل، تلك التي مارسها أفراد أو مارستها مجتمعات أو قوانين بعض الدول ضد النساء. نسمع يوميًا عن قصص عنف ضد النساء، وهنالك قصص لا نسمع عنها أبدًا، تحصل في أماكن لا من يغطي أخبارها. هذا الوجع الذي تعيشه النساء يوميًا، بتنوعه واختلافه يدوّن ربما عندما تحصل كوارث كبرى، والكثير من الآلام اليوميّة تعيشها المرأة وحدها مع روحها وجسدها، وكلاهما، محمّل بندبات صغيرة أو كبيرة، غالبًا، على المرأة أن تخفيها من أعيُن المسؤولين عنها؛ أفراد ومجتمعات وقوانين، كي لا تتألم أكثر. تواصلت في هذا المقال مع نساء عربيّات من بلاد مختلفة، لرصد أمنياتهن المتعلّقة بواقعهن، سواء الذاتيّ أو الجماعيّ المرتبط ببلادهن ومجتمعاتهن والواقع السياسيّ، بما في ذلك القوانين القامعة للنساء. تنوّعت الإجابات، هنالك من تمنين أمنيات متعلّقة بحيواتهن وأوجاعهن الفرديّة، وأخريات تحدثن أكثر عن النساء عامّة، وأولئك من تحدثن عن واقع النساء في بلادهن. تحدثت إلى مجموعة من النساء من فلسطين، حيث قالت (م.): "أمنيتي أن أمشي في الشارع بأمان وسلام، وأن ينقرض المتحرشون في الشوارع والعمل. أتمنى أن يقبلني أهلي كما أنا، وألا أشعر بأنه لمجرد كوني امرأة متحررة، أصبحت عاهرة بنظر المجتمع". أما (ي.) فقالت: "أتمنى أن يأتي اليوم الذي تتغيّر فيه نظرة المجتمع للنساء، ونظرة النساء لأنفسهن، لأن شعور الاستقلاليّة الذاتيّ على صعيد النسائيّ، فيه لذة لا يمكن أن يعوّضها شيئًا. لا أتمنى أن يكون إنصافًا، لأني أتمنى أن يكون في الأصل حريّة ذاتيّة وعدالة عامّة وأمان، والذي على مستوى شخصيّ، لم أشعر بهم يومًا ما". في حديث مع (ع.) من لبنان، قالت: "سوف تتحقق العدالة والمساواة عندما تتحقق التفاصيل الأصغر، أي أن نبدأ بأنفسنا أوّلًا. نحتاج إلى شجاعة لكسر قيودنا نحن قبل أن يكسر المجتمع القيود التي وضعها علينا. أن نكون صريحات تمامًا مع أهلنا ومجتمعنا المحيط، أن لا نضطر لإخفاء حقائق من حيواتنا خوفًا من خسارة شيء ما، وذلك بسبب العادات الاجتماعيّة. أتمنى في السنة الجديدة الكثير من الشجاعة لنفسي ولكل النساء من حولي لكي نفعل ما نشاء". أمّا (ي.) من سوريا، فقالت: "أمنيتي الاعتماد على نفسي وأن أكون مستقلة، والتخلص من كل ما هو سيء ومتعلّق بتبعيّة المرأة، وخاصّة حكمي المسبق على النساء بلا أن أقصد ذلك، نتاج تراكمات المجتمع، الذي رقم انتقادي له، إلّا أني أحيانًا أكون ظالمة مثله لنفسي وللمرأة التي أمامي في بعض المواقف. كما وأتمنى أن يكون هنالك عقاب عادل للمتحرشين والمغتصبين، وليس للضحية". من الأردن، تحدّثت مع (ع.)، التي قالت: "شخصيًا، أتمنى الخلاص من أعباء علاقات اجتماعيّة وعائليّة مقيدة ومعيقة للهدوء والسعادة. وبالعموم، أتمنى أن تتغير آلية تعاملنا مع قضايا الجندر وحقوق الإنسان، من مستوى معالجة القصص والحالات بشكل فرديّ وجزئيّ، إلى مستوى محاولة تغيير العقليّات والسلوك، بحيث تصبح ثقافة مجتمعيّة وإيمان حقيقيّ بحرية المرأة، وليست فكرة وليدة لحظة آنيّة أو شعار يُقال بلحظة حماسيّة، ويختفي". أمّا (ص.) من مصر، فتمحوّرت أمنيتها على واقع النساء في بلدها، فقالت: "أتمنى أن يتغيّر الخطاب الدينيّ الخاص بالمرأة ليصبح أكثر إنصافًا، ويعكس حقيقة إنصاف الإسلام للمرأة على عكس ما يشيعه البعض. كما وأتمنى أن يتغيّر الواقع الاجتماعيّ والموروث الثقافيّ، لتصبح المرأة أكثر حرية وقادرة على ممارسة الحياة دون ضغوطات، كما أن يتوقف معاملة المرأة كسلعة للمتعة، أو كوسيلة لإشباع احتياجات الرجل، وأن يأتي اليوم الذي تشعر فيه المرأة بكامل إنسانيتها". من السعوديّة، تحدّثت مع (أ.)، التي قالت: "أتمنى أن تسقط الولاية عن المرأة السعوديّة، وتكون قادرة على قيادة نفسها بوقت أقرب من وقت تمكنها من قيادة السيارة. أتمنى أن تتمكن كل امرأة سعوديّة من اختيار أدق تفاصيل حياتها، وأن لا تشعر نساء بلادي بالأسى لأنهن لم يخلقن رجالًا. وأن يشعرن بقدرتهن على التحليق إلى أيّ مكان". في حديث مع (س.) من المغرب، التي نبعت أمنيتها من واقعها الذاتيّ، حيث قالت: "في واقعي، الذي جئت منه وثابرت لأصبح ما أنا عليه، أعرف نساء مهمتهن الوحيدة هي خدمة أفراد العائلة وتحمل كل الأشغال الشاقة في انتظار شريك العمر الذي قد يأتي أو لا يأتي، حيث أن هذا العريس هو أقصى طموحهن للهرب من واقعن المرير"، وتابعت: "أتمنى أن استيقظ في العام الجديد وأجد هذا الواقع مختلفًا أو على الأقل العقليّات التي ستنجب نساء المستقبل قد تغيّرت، فنحصل ربما قريبًا على نساء قويّات يتحكمن في حياتهن واختياراتهن ويحددن مصيرهن بأنفسهن. أتمنى أن تفهم قوانين بلادي أن المرأة إنسانًا كاملًا كالرجل، وأن لا يبقى القانون طريقًا لقمعها وأن ترحمها الأعراف والتقاليد". ختامًا، وفي حديث مع (ه.) من تونس، قالت بداية: "إنّ عام 2017 كان معاديًا للنسويّة في تونس والعالم العربيّ. الكثير من التونسيّات تعرضن للاغتصاب والعنف والتمييز وسط تهليل وتحريض كبير من المجتمع"، وعن أمنياتها قالت: "أتمنى لي ولكل نساء تونس والعالم الكثير من الشجاعة والأمل. أتمنى أن نكون شجاعات بشكل كافٍ للبوح بكل الغضب الذي يعترينا في الشارع والعمل والبيت وعلى مواقع التواصل الاجتماعيّ وفي كل مكان، أتمنى أن لا نخاف أبدًا من الفضيحة ومن اللوم، وأن نصمد في وجه كل هذا حتى نجبر كلّ شيء على التغيير". أتمنى أن يكون بمقدورنا رصد أمنياتنا الصغيرة والكبيرة كلّها، تلك التي تتعلّق بالقلب ومشاعره وتلك التي تتعلّق بعدالة في فرص العمل، على سبيل المثال. أمنيات كثيرة نابعة من سيرورة واقع عنيف تجاهنا، من عنف نفسيّ وجسديّ نعيشه أو نسمع عنه، من قريب وبعيد يُكرّس في ظلّ منظومات اجتماعيّة وثقافيّة وسياسيّة متنوعة، بوصلة جميعها هي عقليّات ذكوريّة غريزتها السلطة المتجسّدة بقمع النساء. هذا الواقع المؤلم يوازيه النضال المستمر للنساء في بلادنا والعالم، وإنجازات نشعر بها اليوم، هذه الإنجازات التي كانت أمنيات يومًا ما، وأصبحت حقيقة، وهذا كافٍ لنؤمن بأمنيات النساء للعام الجديد، وبقوتهن وقدرتهن على تحقيقها يومًا ما. رشا حلوة *  المقاليعبرعنوجهةنظركاتبتهوليسبالضرورةرأيمؤسسةDW.

مشاركة :