رشا حلوة: نساء يقترحنَ مواعيدًا عاطفيّة أولى على الرجال

  • 11/29/2017
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

في مقالها* لـ DWعربية تتناول الكاتبة الصحفية رشا حلوة أشكال التعارف العاطفي مع التغييرات التي تحدث اليوم في العالم وفي ظلّ المساحات الحديثة التي توفّر لقاءات النساء بالرجال، كمنصات التواصل الاجتماعيّ وتطبيقات التعارف. في إجابة عن سؤال طرحته عبر صفحتي في موقع فيسبوك، مفاده لماذا من الأسهل و/أو من المقبول في الغالب، اجتماعيًا وجندريًا، أن يقدّم الرجل للمرأة، دعوة خروج إلى موعد أوّل (first date)، وليس العكس؟ أرسلت لي (ع.) إجابة تقول فيها: "طلبت من شاب مرة، ولأوّل مرة في حياتي، للخروج إلى موعد أوّل، ولم أخف أو أخجل، ومع ذلك، رفض هو الدعوة. لا من مشكلة لدي، لو كان الشخص يستحق ذلك. هذه المبادرة، تعطيني قوة". تشكّل المواعيد الأولى، العاطفيّة منها، مساحة كبيرة في حياتنا، نساء ورجال، لأسباب عديدة، منها البحث عن حبّ و/أو شريك/ة، أو حتى ببساطة، للتعارف. أشكال التعارف العاطفيّ متنوعة، خاصّة مع التغييرات التي تحدث اليوم في العالم وفي ظلّ المساحات الحديثة التي توفّر لقاءات النساء بالرجال، منها منصات التواصل الاجتماعيّ اليوم وتطبيقات التعارف المتوفّرة على الهواتف الذكيّة. في العالم عمومًا، مع تفاوت النسب، من المقبول أكثر أن يبادر الرجل بدعوة المرأة للخروج إلى موعد عاطفيّ أوّل، بغض النظر عن مكان حدوث ذلك، بمعنى: حتى في الفضاءات الافتراضيّة وتطبيقات التعارف المتوفّرة، أو في مقهى أو بار أو حفلة أو مؤتمر عمل ما، عادة ما الرجل هو الذي يبادر إلى اقتراح لقاء أوليّ، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن المحادثات اليوم عبر الفضاءات الافتراضيّة، فيسبوك مثلًا، هي أيضًا شكل من أشكال "اللقاءات العاطفيّة الأولى". "قبول" مبادرة الرجل لدعوة اللقاء لها أسباب عديدة، منها المبنى الاجتماعيّ الجندريّ الذي نعيش فيه والممتد من الماضي والحاضر حتى يومنا هذا. في إجابة عن السؤال المطروح أعلاه، قالت صديقة: "هنالك موروث مجتمعيّ الرجل فيه هو المبادر، أعتقد أن المسألة مرتبطة بنشأة الحياة الحضريّة والمدن والأديان، واعتبار المرأة حامل النسل والشرف، وبالتالي، أصبح هنالك موروثًا مجتمعيًا حول العالم حاضر في العقل الباطنيّ، أي ذاكرة وطباع جمعيّة موروثة، متعلّقة بالطلب والعرض، وهو ليس بالضرورة متناسبًا مع حياتنا الحاليّة، لكن، ليس كل تصرفاتنا نابعة من تجاربنا الشخصيّة، مثلما قلت، هنالك ذاكرة جمعيّة موروثة، منها الذكوريّة والخوف إزاء هذه المسألة". مع وجودها، تختلف الأدوار الجندريّة بما يتعلّق بتقديم دعوات للقاء تعارف أوّلي من مكان ومجتمع إلى آخر، وبالتالي لا يمكن التعميم، لكن لا زالت هناك أسباب كثيرة تردع النساء لتوجيه دعوة لقاء عاطفيّ أوّل، أو تمنعها من ذلك أو لا تضعها كاحتمال، بالإضافة إلى الموروث المجتمعيّ، هنالك الخوف من الرفض أو من الأحكام وغيره... وبالمقابل، مبادرات النساء غير مقبولة على بعض الرجال. في هذا السياق، تقول (ش.): "لم نتعلّم في أي مكان، نساء ورجال، كيف نقترح موعدًا عاطفيًا أوّليًا، أو ما هي الأسلوب التي يجب استخدامه؟ أفكر بأننا لا نملك أدواتًا لذلك، كما بالطبع هنالك الخوف من الرفض، أو من الفهم المغلوط لهذه الخطوة". كانت قد بادرت إحدى النساء اللواتي تواصلن معي لخطوة أكبر من اقتراح موعد أوّل، فقد عرضت الزواج مرة على شاب، وقد رفض دعوتها. عن هذا تقول (ي.): "أعتقد بأن مبادرة الموعد الأوّل، هي من الأشياء الوحيدة التي لا يمكن للرجل التنازل عنها، هو صاحب القرار وهو العنصر الفاعل وليس العكس. عندما اقترحت الزواج على الشاب، شعر بالإهانة، وكيف تجرأت بممارسة الدور الوحيد الذي بقي له وكأني جرّدته منه، كان رده رافضًا وساخرًا في الوقت ذاته". مع اختلاف التجارب والقصص الشخصيّة، واستعداد بل ومبادرة عدد من النساء لتقديم دعوة للقاء الأوّل، والأهم، بأن لا من أحكام على أحد تُفرض في هذا السياق، بعيدًا عن قراءة الموروث المجتمعيّ، هنالك من تحبّ الواقع "الغالب"، وترى بأن "هذه هي الأدوار الطبيعيّة"، تقول (د.): "أنا تقليديّة في هذا الشّأن، وغير قادرة ولا أريد أن أتحرر منه. أحبّ أن يبادر الشاب بدوره لعرض دعوة أولى، حتى لو كنت معجبة به، من الصعب أن أقترح عليه ذلك. لن يجذبني إن لم يكن الرجل التقليديّ في العلاقة، والتقليديّ هو المبادر. أقوم بأدلجة الأمور دائمًا، وأقول بأني متحرّرة في الحيّز العامّ، لكني لست دومًا كذلك في الحيّز الخاص". لا تعطي الآراء والقصص المطروحة هنا صورة عامّة، إنّما هي محاولة لرصد بعض المواقف والتجارب الشخصيّة في السياق الاجتماعيّ العامّ. بعض الأصدقاء الرجال، قالوا بأنهم لا يبادرون لعرض موعد أوّل، من جهة هنالك خوف من الرفض، أحد الأصدقاء عبّر عنه قائلًا: "ممكن أن الأمر متعلّقًا بالإيغو"، وصديق آخر رأى بأنه "من السهل أكثر على النساء أن يطلبن موعدًا أوّلًا"، وتابع: "خاصّة في مجتمعاتنا، لأسباب منها مثلًا تجنب التحرّش والمعاكسات الجنسيّة، خاصّة بأن الفتاة تتعرض لهذا الواقع كثيرًا على مدار اليوم، سواء في الشارع أو الإنترنت، فأعتقد أنه من الأسهل عليها، لو أعجبت بشاب، أن تبادر هي على اللقاء". إنّ الروافد المتعلّقة بالموروث المجتمعيّ، هي عبارة عن تراكم تاريخيّ لأدوار وُظفّت ضمن مبنى اجتماعيّ في غالبيته ذكوري العقليّة، يؤثر على طبقات نفسيّة عديدة وتعامل شخصيّ إزاء قضايا مثل الدعوة للقاء أوّل، على قدر بساطته نوعًا ما، إلّا أنّه يعكس صورة عامّة لواقع نعيشه، فكرنا أو لم نفكر به، منه المتعلّق ببنيويّة العلاقات بين النساء والرجال، كما أن هنالك حقول عديدة رسّخت وتواصل ترسيخ هذا المبنى، منها الفنيّة، صديقة أرسلت لي إجابة، تقول فيها: "مثل تصوير الحبّ بالأفلام والروايات، على أن الرجل هو المبادر دومًا". على أيّة حال، بعيدًا عن المحاولة المتواضعة لقراءة هذه التركيبة، وبلا أحكام فرديّة على أحد، من المهم الإشارة إلى أنّ العديد من النساء، اللواتي قمن بالمبادرة الأولى لعرض لقاء مع رجل، مررن بمراحل وتحديات عديدة، على المستوييْن النفسيّ والاجتماعيّ، منها تحدي الخوف من الرّفض، كما وأن المبادرة لا تنتقص من أنوثتهن شيئًا، وفقًا لما ترى بعض فئات المجتمع ماهية الأنوثة، وبالتأكيد، مبادرة المرأة لعرض موعد أوّل، لا تعني بأنها يائسة أو "ما في حدا يحبّها"، بالعكس تمامًا، فيها من الشجاعة والثقة للتعبير عن رغبتها، ولربما، يثير هذا مخاوف البعض. رشا حلوة *  المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW.

مشاركة :