رفع الأسعار خطوة صعبة ومفاجئة من الحكومة التونسية بقلم: آمنة جبران

  • 1/4/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

رفع الأسعار خطوة صعبة ومفاجئة من الحكومة التونسيةيتوقع مراقبون للشأن السياسي التونسي اندلاع احتجاجات شعبية خلال الأيام المقبلة رفضا للإجراءات الحكومية لإنقاذ الاقتصاد، وتتزايد حدة هذه التوقعات خاصة مع إعلان الاتحاد العام التونسي للشغل رفضه القاطع للزيادة في الأسعار بالإضافة إلى دعوة أحزاب في المعارضة الشعب للنزول إلى الشارع.العرب آمنة جبران [نُشر في 2018/01/04، العدد: 10859، ص(4)]مخاوف من اندلاع الاحتجاجات تونس - استهل التونسيون العام الجديد بزيادات جديدة في الأسعار، مع بدء سريان إجراءات تضمنها قانون المالية الجديد ضمن حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي وصفتها الحكومة بـ”الفورية” و”الموجعة” لإنقاذ اقتصاد البلاد المنهار، وهو ما بات يهدد بانفجار اجتماعي. وطالت الزيادات عدة مواد كالمحروقات وبطاقات شحن الهواتف والإنترنت والعطور، ويتوقع متابعون أن تشمل الزيادات أيضا مواد غذائية أساسية بصفة تدريجية مثل الخبز والبن والمياه والشاي، وهي إجراءات تقول الحكومة إنها مهمة للحد من عجز الموازنة الذي بلغ 6 بالمئة في عام 2017. لكن وزارة التجارة نفت الأربعاء أي زيادة في أسعار المواد المدعومة، ولفتت إلى الإبقاء على حجم ميزانية الدعم التي تقدر بـ3.5 مليار دينار أي حوالي 1.40 مليار دولار. وتطمح الحكومة التونسية من خلال الزيادات في الأسعار والترفيع في الأداء على القيمة المضافة إلى سد عجز الموازنة والترفيع في مؤشر النمو، وترى أن هذه الإجراءات خطوة ضرورية لإنقاذ الاقتصاد. وقال رئيس الحكومة يوسف الشاهد في حوار للتلفزيون الرسمي، إن حكومته اتخذت إجراءات لا تتمنى أي حكومة اتخاذها وذلك لصالح البلاد، متابعا أن “كل الشعوب التي تجاوزت الأزمات الاقتصادية ضحت والشعب التونسي مستعد للتضحية إذا عرف إلى أين سيصل”. وأثارت الزيادات مخاوف التونسيين وخبراء الاقتصاد من مزيد تدهور القدرة الشرائية للمواطن، ورغم أن زيادات لم تطرح في الكثير من المواد الغذائية، إلا أن التونسيين تفاجأوا من ارتفاع أسعار بعض الخضر والغلال بسبب الاحتكار والمضاربة، وهي معضلة تواجه أجهزة الرقابة في التحكم بالأسعار. وانتقد اتحاد الشغل الزيادات الأخيرة الأربعاء، محذرا من اندلاع قلاقل اجتماعية جديدة في البلاد.نورالدين الطبوبي: أي إخلال بالتعهدات المبرمة سيقود إلى توتر اجتماعي لا يمكن أن يخدم الاستقرار وقال بوعلي المباركي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، لـ“العرب”، إن “الاتحاد عبر عن رفضه للزيادات وشجبه لهذا الإجراء”. وأضاف “تفاجأنا من إقدام الحكومة على الزيادات ونعتبره خرقا للاتفاق المبرم معها”. ووقع الاتحاد نهاية العام الماضي اتفاقا مع الحكومة يقضي بتجميد الزيادة المقررة للأسعار. وأكد المباركي أن “الاتحاد يدعو الحكومة إلى التراجع عن الزيادات”. وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي إنه “من المهم احترام مصداقية التفاوض مع الحكومة بشأن عدم المساس بأسعار المواد الأساسية العام الجاري”. وبين الطبوبي أن “أي إخلال بالتعهدات المبرمة سيقود إلى توتر اجتماعي لا يمكن أن يخدم الاستقرار المنشود”. وتشهد المناطق الداخلية في تونس احتجاجات اجتماعية من حين لآخر بسبب الأزمة الاقتصادية، وتأخر برامج التنمية الموعودة من السلطة المركزية منذ بداية الانتقال السياسي عام 2011 عقب انتفاضة شعبية أطاحت بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. ويعتقد خبراء الاقتصاد أن الزيادات في الأسعار قد لا تحقق آمال الحكومة في إنعاش الاقتصاد وقد تكون سببا للمزيد من الاحتقان في المحافظات، ما يستوجب مراجعة السياسة الاقتصادية المعتمدة، خاصة أمام توظيف الأحزاب المعارضة لهذه السياسات لتحريض الشعب على النزول إلى الشارع. ودعا الجيلاني الهمامي القيادي في الجبهة الشعبية التونسيين إلى التظاهر والاحتجاج للضغط على الحكومة “التي تتبع سياسة الدمار والإفلاس”، مضيفا أن “المواطن أصبح عاجزا عن مواجهة غلاء الأسعار المتواصل الذي حول تونس إلى جحيم”. وقال عزالدين سعيدان الخبير الاقتصادي لـ“العرب” إن “الزيادات الأخيرة ستؤثر على القدرة الشرائية لعموم الشعب وعلى أصحاب الدخل القار من الموظفين”. وأوضح سعيدان أن “الزيادات ستضر بقدرة الموظف التونسي على الادخار، ما ستكون له تبعات وخيمة على الاقتصاد الوطني”. وأضاف لن “تسمح الزيادات في الأسعار للموظف بالدفاع عن نفسه أمام التضخم المالي، وفي المقابل أصحاب المهن أخرى يستطيعون النأي بأنفسهم عن هذه الزيادات وتحصين أنفسهم من خلال تحكمهم في أسعار منتوجاتهم”. وقال البنك المركزي التونسي إن معدل التضخم السنوي في تونس وصل إلى 6.3 بالمئة في نهاية نوفمبر الماضي، مقابل 5.3 بالمئة في أكتوبر. وأرجع البنك زيادة التضخم إلى ارتفاع مؤشر أسعار المواد الغذائية. واعتبر سعيدان أن الزيادة في الأسعار ليست الحل لسد عجز الموازنة بل الحل في التحكم في نفقات الدولة، مشددا على أن “محاولة تعبئة الموارد من خلال الضرائب لن تحل الأزمة الاقتصادية”. ولفت رضا الشكندالي الخبير الاقتصادي إلى أن “الزيادة في الأسعار نتيجة طبيعية لارتفاع الأسعار عالميا وتأتي في إطار آلية تعديلية جديدة تنتهجها الحكومة”. وتوقع الشكندالي في تصريح لـ”العرب” أن تنعكس الزيادات سلبا على النمو الاقتصادي باعتبار أن المحرك الأساسي لمعدل النمو هو الاستهلاك الخاص.

مشاركة :