لندن – «القبس» – خاص | تكشف الوثائق الحكومية البريطانية التي رُفعت عنها السرية، في 29 ديسمبر الماضي، في الأرشيف الوطني البريطاني، جانباً من الاتصالات التي سبقت تحرير الكويت من الغزو العراقي في بداية عام 1991، والمرحلة التالية. وتغطي الوثائق حقبتَي حكم مارغريت تاتشر وخليفتها جون ميجور بين عامي 1990 و1991. تسلط الحلقة الثامنة من سلسلة الوثائق البريطانية المفرج عنها حديثاً في الأرشيف الوطني البريطاني، جانباً من الثورة التي قام بها الأكراد ضد نظام صدام حسين عام 1991، بعد انتهاء حرب تحرير الكويت، التي تزامنت مع ثورة مماثلة قام بها الشيعة في جنوب العراق. تروي الوثائق الجهود التي قام بها البريطانيون، في إطار التحالف الدولي، لإقامة منطقة حظر طيران فوق شمال العراق لحماية الأكراد الذين سرعان ما انهارت ثورتهم ضد صدام ووجدوا أنفسهم يفرون بمئات الآلاف نحو الجبال قرب الحدود التركية والإيرانية خشية تعرضهم لهجمات بالأسلحة الكيماوية. ترد في هذه الدفعة من الوثائق محاضر سرية لاجتماع عقده رئيس الوزراء البريطاني مع جلال طالباني زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي صار لاحقاً رئيساً للعراق. ويكشف محضر اللقاء مع طالباني سعي البريطانيين إلى طمأنة الأكراد بأنهم سيتدخلون لحمايتهم إذا هاجمهم صدام مجدداً، خصوصاً ان القوات البريطانية التي انسحبت بعد تدخلها في شمال العراق ما زالت «فوق التلال» القريبة على الحدود التركية. وأشار محضر مرتبط باللقاء أُعد لتهيئة رئيس الوزراء لاستقبال الزعيم الكردي، إلى أن طالباني هو الذي ظهر في التلفزيون يقبّل صدام في أعقاب انهيار ثورة الأكراد وبدء مفاوضات لإقامة منطقة حكم ذاتي لهم في شمال العراق. وتلفت الوثائق إلى أن صدام لم يكن مستعداً لمنح الأكراد سوى صلاحيات محدودة في إدارة مناطقهم، كما رفض أن تشمل منطقة الحكم الذاتي الكردي كركوك. ويتناول أحد المحاضر اجتماعاً عقده رئيس الوزراء مع وزير الخارجية دوغلاس هيرد لمناقشة توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية والبيولوجية والكيماوية التي احتفظ بها صدام بعد حرب تحرير الكويت، ويشير إلى أنهما اتفقا على عدم وضع القوات البريطانية المشاركة في الضربة تحت قيادة الأميركيين حتى الاتفاق معهم على قائمة الأهداف التي سيتم استهدافها. بتاريخ 10 يوليو 1991، كتب سكرتير رئيس الوزراء البريطاني محضراً لاجتماع عقده جون ميجور مع زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» جلال طالباني ورد فيه،. جاء جلال طالباني لمقابلة رئيس الوزراء اليوم. كان برفقته لطيف رشيد والدكتور برهم صالح. كانت حاضرة أيضاً النائبة آن كلويد والنائب ديل كامبل – سيفورز ودوغلاس هوغ وديفيد غور-بوث. شكرطالباني رئيس الورزاء بحرارة على مبادرته بخصوص إقامة مناطق آمنة. هذا الأمر (كما قال) أنقذ بلا شك حياة مئات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الأكراد. الدعم البريطاني في تلك الأيام الحالكة لن يُنسى. قال رئيس الوزراء إن سياسة المناطق الآمنة لقيت تأييداً واسعاً في هذا البلد (بريطانيا) من الأحزاب كافة. أعرب عن اعتقاده أنه (كان) من الصواب أن تنسحب القوات الأجنبية من أراضي العراق (بعد تدخلها لحماية النازحين الأكراد في الشمال)، لكنه أكد لطالباني أن الأكراد لم يتم نسيانهم. فالقوات ما زالت فوق التلال (على الجانب التركي من الحدود) وليست بعيدة ويمكن استدعاؤها عند الحاجة. أعاد طالباني التذكير بأنه عندما كان طالباً شارك في تظاهرات تطالب بانسحاب القوات البريطانية (من العراق). من المفارقات، انه الآن يطالب ببقائهم. صدام حسين لا يفهم سوى لغة القوة وهو سيهاجم الاكراد إذا لم يكونوا محميين. طلب رئيس الوزراء من طالباني أن يضعه في صورة المفاوضات (الجارية) مع الحكومة العراقية. قال طالباني إنه كان قراراً صعباً جداً ان يتعامل مع شخص أنزل كل هذه القسوة بالشعب الكردي، لكنه شعر بأنه لا مفر من ذلك لوقف الهجمات (التي يشنها الموالون لصدام). لقد تم تقديم وعود أولية (من جانب الحكومة العراقية)، ولكن ظهرت صعوبات عندما جاءت الأمور إلى التفاصيل. حدد أربع مناطق للخلاف: – أراد الأكراد أن يتم صوغ دستور جديد من خلال جمعية تأسيسية، ولكن حكومة بغداد أرادت أن يحصل هذا الأمر على أيدي مجلس قيادة الثورة الحالي. – أراد الأكراد (السماح) بـ أحزاب معارضة حقيقية. حكومة بغداد أرادت أحزاباً تُدار وفق مبادئ البعث. – أرادت بغداد تحديد (حدود) المنطقة الكردية بجعل كركوك خارجها. – لا تقترح بغداد سوى التنازل (للأكراد) عن سلطات إدارية محدودة. لا لاتفاق سيئ أشار رئيس الوزراء إلى أن الأكراد يسعون إلى ضمانات دولية لأي اتفاق (مع بغداد). (لكنه قال) إنه ليس واضحاً له ما هي الآليات لتحقيق ذلك. أحد الاحتمالات ان يتم جلب الاتفاق أمام مجلس الأمن في إطار متابعة تنفيذ القرار 688. قال رئيس الوزراء إن المجتمع الدولي سيكون في وضع صعب إذا طُلب منه أن يعطي مباركته لاتفاق سيئ. فمن الأفضل أن لا يكون هناك اتفاق على أن يكون هناك اتفاق لا يتيح في شكل مناسب (تحقيق) الديموقراطية وحقوق الإنسان. سجّل رئيس الوزراء كذلك ان هناك نزاعاً أيضاً بين مبدأين أساسيين: مبدأ حماية حقوق الإنسان ومنهج عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. أشار غور-بوث إلى أن القرار 687 يطالب الأمم المتحدة بأن تأخذ في اعتبارها «السياسات والممارسات» التي يقوم بها العراق في القرارات المتعلقة بالعقوبات، كما ان قرار مجلس الأمن الرقم 688 أشار إلى قمع العراق لمواطنيه ودعا إلى وقف ذلك. (أضاف أن) هذه القرارات إذن أفسحت في المجال للمجتمع الدولي كي يكون له موطئ قدم للتدخل في الشؤون الداخلية لبلد. قال طالباني إنه لا يثق بأن صدام حسين سيلتزم بأي اتفاقات يوقع عليها. من الضروري أن تبقى العقوبات ليس فقط من أجل خلق ضغط بهدف التخلص من قدرات اسلحة الدمار الشامل، ولكن أيضاً من أجل تأسيس ديموقراطية. سجّل السيد كامبل – سيفورز أن قرار مجلس الأمن 687 سمح برفع العقوبات متى التزم صدام حسين بمتطلبات التخلص من قدراته (في مجال) أسلحة الدمار الشامل – النووية، البيولوجية والكيماوية. قال إنه يتساءل عما إذا كنا سنصل الى وضع يسمح برفع العقوبات قبل تحقيق الديموقراطية وحقوق الانسان. أشار هوغ الى الفارق بين العقوبات على الصادرات والعقوبات على الواردات. صحيح ان العقوبات على الصادرات سيتم رفعها متى تم تحقيق الرضى في قضية اسلحة الدمار الشامل، لكن العقوبات على الواردات إلى العراق يمكن أن يتم ابقاؤها على اساس أن الامم المتحدة يجب ان تأخذ في الاعتبار «السياسات والممارسات» (العراقية). هذا الأمر سيسمح بإبقاء الضغط من أجل تحقيق الديموقراطية. أضاف السيد غور-بوث إننا بحاجة الى سنتين او ثلاث سنوات قبل ان تنهي المفوضية الخاصة (التابعة للأمم المتحدة) عملها في مجال تفكيك قدرات العراق النووية والبيولوجية والكمياوية. أكد رئيس الوزراء لطالباني أن بريطانيا والولايات المتحدة مصممتان تصميماً أكيداً على أن هذا الأمر لا بد أن يحصل. أعرب عن أمله في أن يحصل ذلك من خلال الامتثال لعمل فرق التفتيش، ولكن إذا لم يتم ذلك فسيتم القيام بأعمال أخرى. 600 ألف لاجئ قال طالباني إنه سيرى الأمير سراج الدين أغا خان في شأن مشكلة اللاجئين المتواصلة. ما زال هناك 600 ألف لاجئ، بينهم 400 ألف يتعذر عليهم العودة إلى بيوتهم في محافظة كركوك. يريد ان يحض الأمير سراج الدين على ان يفتتح مكتباً في كركوك. التعامل مع هذه المشكلة حاجة ملحة لأن الطقس البارد سيعود خلال شهرين تقريباً. قال طالباني إن مبلغاً كبيراً من المال تم جمعه أو تم التعهد به، ولكن لم يتم توزيعه بعد. من المهم تنسيق «طريقة» استخدام هذه الأموال، وهو يقترح أن يتم جمعها كلها في صندوق واحد لإعادة إعمار القرى وبناء التركيبة الاقتصادية لمنطقة كركوك. المنطقة دُمرت الى حد كبير على ايدي الحكومة العراقية. بهذه الطريقة، يمكن تجنب ان تكون هناك حاجة إلى تقديم دعم دولي متواصل «للسكان الأكراد». سأل رئيس الوزراء طالباني: إلى أين سيسافر (بعد لندن). قال إنه سيزور مدام كرسون، وزيرة خارجية هولندا، وفي ظل غياب (وزير الخارجية الألماني) غينشر سيزور وزير الدولة في وزارة الشؤون الخارجية، بعد ذلك سيسافر لمقابلة الملك حسين. رحب رئيس الوزراء على وجه الخصوص باللقاء الأخير، وعبّر عن أمله في مواصلة تطوير الاتصالات مع الملك حسين. في ختام الاجتماع، حض رئيس الوزراء طالباني على ان يبقى على اتصال وثيق بوزارة الخارجية. الانتشار سيكون مؤقتاً وفي الإطار ذاته، بعثت وزارة الخارجية برسالة إلى رئيس الوزراء تقدم له فيها معلومات عن ضيفه الكردي؛ استعداداً للاجتماع بينهما. وجاء في الرسالة: ربما سيود رئيس الوزراء أن يشرح طريقة التفكير وراء نشر قوات التحالف في شمال العراق. لقد تم على الدوام أيضاح أن الانتشار سيكون مؤقتاً. أهداف الانتشار تم تحقيقها (بعد وقف هجوم جيش صدام حسين) والقوات انسحبت من العراق (في يوليو 1991). أخذت الأمم المتحدة دور مهمة توزيع المساعدات الإغاثية، وقوات الحراسة التابعة للأمم المتحدة، والمؤلفة من نحو 300 شخص، تراقب الوضع العسكري. حراس الأمم المتحدة أمكنهم أن يعطوا إنذاراً مبكراً بأن الأكراد سيطروا سيطرة مؤقتة على اربيل والسليمانية قرابة يوم 18 يوليو. بقايا القوات البرية (البريطانية) ستبقى في سيلوبي، وطائرة ستبقى في انجرليك، كلتاهما في تركيا، من أجل ردع العراقيين عن تجديد قمعهم. لقد تم توجيه تحذير محدد للعراقيين كي لا يقوموا بذلك. كتيبة قوات المارينز البريطانية في سيلوبي تضم 300 فرد. إننا مستعدون للعودة إلى العراق إذا كانت هناك حاجة. ربما يريد رئيس الوزراء أيضاً أن يشير الى أهمية ان يقوم الأكراد أنفسهم بما يمكنهم من أجل ضمان الاستقرار في الشمال. الوضع في الشمال يبدو حالياً هادئاً. الحكومة العراقية تسيطر تقريباً على الشمال لكنها لم ترجع الجيش او الشرطة السرية (إلى مواقعها السابقة). من المرجح ان تعمل على ذلك في شكل تدريجي. نلاحظ أنه يبدو الآن ان هناك اتفاق أمر واقع بين البشمركة والقوات العراقية في مدينة السليمانية. سيكون من المثير للاهتمام ان تعرف ما هو تعليق طالباني على ذلك. يبقى من المهم أن الأكراد أنفسهم لا يجب ان يقوموا باستفزاز من أجل التسبب بأحداث إضافية. ربما سيود رئيس الوزراء ان يسأل طالباني عن آخر المستجدات في خصوص محادثات الحكم الذاتي مع بغداد. نفهم أن الجانبين توصلا الى اتفاق على معظم جوانب حزمة الحكم الذاتي، لكن تبقى خلافات في مسألة نظام التعددية الحزبية في العراق والحدود الدقيقة لمنطقة الحكم الذاتي الكردية. مسعود بارزاني يقود الوفد الكردي إلى بغداد. طالباني مال الى ابعاد نفسه عن المحادثات ويبدو أكثر تشكيكاً بفرص نجاحها. ليس لدينا أوهام باحترام بغداد لأي اتفاق يتم التوصل اليه لكننا سنسعى الى استخدامه لزيادة التأييد الدولي لدرجة من الحكم الذاتي للأكراد، كوسيلة لجعل صدام حسين ينزاح عن ظهورهم. مساعدة غير مميتة يرجح أن يضغط طالباني على رئيس الوزراء من أجل ضمانات دولية لاي اتفاق يتم التوصل اليه في نهاية المطاف مع بغداد. لقد قلنا بوضوح اننا سندعم نظاما ديموقراطيا وتعدديا يضمن الحقوق الانسانية والسياسية لجميع شعوب العراق. ولكن الأمر لا يعود لنا كي نتدخل في شؤون العراق الداخلية. في الوقت ذاته، نحن على ثقة أن المجتمع الدولي سيود أن يدرس ما يمكن القيام به من أجل ضمان أي اتفاق يتم الوصول اليه في شأن الحكم الذاتي. الاتفاق، مثلاً، يمكن أن يتم لفت نظر مجلس الامن اليه على اساس انه متابعة للقرار 688. ممثل طالباني في لندن سعى لدى ديفيد غور-بوث الاسبوع الماضي من أجل الحصول على مساعدة عسكرية بريطانية ومن المحتمل أن يكرر الطالباني هذا الطلب أمام رئيس الوزراء. هذا الأمر يجب ألا يكون محور نقاش أمام كلويد وكامبل – سيفورز: نحن نقدم مساعدة غير مميتة لجماعة طالباني وسنكون مترددين في تمديد انخراطنا، لا سيما ما دامت هناك طرق أخرى مفتوحة لممارسة الضغوط على صدام حسين. ربما سيود رئيس الوزراء أن يسجل ما يريد ان يقوله طالباني ويعبّر عن تعاطفه قائلاً إنه يمكننا ان نقوم بمتابعة هذا الأمر لاحقاً. ربما سيسأل طالباني أيضاً عن مساهمتنا في جهود الاغاثة الإنسانية في الشمال (العراق). لقد قدمنا مساهمة بـ 62 مليون جنيه من أجل الاغاثة في العراق منذ 4 ابريل. الأمم المتحدة تزيد نطاق جهودها في الشمال، والسوق الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا، تنظر في ما يمكن القيام به لتقديم مزيد من الدعم، خصوصاً في منطقة الشمال الشرقي التي لا تغطيها المناطق الآمنة. نحن على وجه الخصوص تواقون لرؤية ما إذا كان يمكن تكرار التجربة الناجحة لـ «المعتنين» من قبلنا (إشارة إلى الجنود البريطانيين الذين ذهبوا الى شمال العراق لمساعدة الأكراد بين مايو ويوليو 1991). نحن على دراية بالحاجة الى ان تكون هناك إجراءات ملائمة (للنازحين) قبل حلول الشتاء. أخيراً، نعرف أن طالباني يخطط لزيارة عمّان في طريق عودته الى المنطقة، بعد سلسلة برامج في باريس وبون. سمعنا من مصادر أخرى (بما في ذلك مصادر كردية قريبة من بارزاني) أن الملك حسين ربما يقوم بتعزيز اتصالاته بالأكراد في محاولة لإبعاد نفسه عن صدام حسين، بعدما أيقن أن صدام لن يبقى على الارجح في السلطة فترة غير محدودة. لا يجب أن يتم كشف أي من هذا الى كلويد أو كامبل – سيفورز، ولكن رئيس الوزراء يمكنه أن يسأل طالباني عن خطط سفره في محاولة لجره إلى كشف «خطط اجتماعه بملك الاردن». طالباني يركز على التكتيك وتضمنت الوثائق أيضاً ورقة تقدم معلومات شخصية عن طالباني لعناية رئيس الوزراء قبل حصول اللقاء بينهما. وجاء في الورقة التي لا تحمل تاريخاً لكنها مرتبطة بالملف الخاص باللقاء بين ميجور وطالباني: «جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، إحدى أكبر مجموعتين لأكراد العراق. من مواليد السليمانية، بشمال شرقي العراق، عام 1934. محام بالمهنة، ومحرر سابق لصحيفة «خابات» التابعة للحزب الديموقراطي الكردستاني. التحق بالحزب الديموقراطي في بداية الستينات وصار بسرعة عضواً بارزاً في المكتب السياسي للحزب الديموقراطي. بعد سلسلة خلافات مع الملا مصطفى بارزاني، ترك الحزب في أواخر الستينات مع عدد من الاتباع الآخرين وأسس الاتحاد الوطني الكردستاني. كل من الحركتين لديها قاعدة عشائرية، والاتحاد الوطني يميل إلى أن يكون الأقوى في المناطق الشرقية من الشمال الكردي، قرب الحدود الايرانية. على مدى سنوات انخرط طالباني في نقاشات مع الحكومة المركزية في بغداد، كما انخرط في عمليات فعلية ضد النظام. الاتصال والتعاون مع الحزب الديموقراطي كان يتم في شكل متقطع، لكنه تحسن خلال النزاع بين ايران والعراق. منذ نزاع الخليج، صار الحزب الديموقراطي والاتحاد الوطني يتعاونان في شكل وثيق أكثر، ووقع بارزاني، زعيم الحزب الديموقراطي، وطالباني اتفاقاً على الظروف الأساسية التي يودان رؤيتها تتحقق في أي اتفاق على حكم ذاتي مع العراقيين. مسعود بارزاني يميل الى سماع ما يقوله رفيقه الأكبر والاكثر خبرة منه. يميل (طالباني) إلى أن يكون منفتح القلب ويركز على التكتيك بدل الاستراتيجية. كان هو من شوهد وهو يقبّل صدام حسين على التلفزيون في ابريل، بعد قليل من فرار الأكراد الى الجبال. يتحدث الانكليزية جيداً، لكنه يفضل الكردية أو العربية». ضربات عسكرية تكشف رسالة سرية أخرى مرتبطة بتلك الحقبة أن بريطانيا كانت تستعد لشن ضربات لمواقع تابعة لنظام صدام، لكنها كانت متحفظة على وضع جنودها تحت قيادة أميركية في انتظار الاتفاق على قائمة أهداف. فقد جاء في رسالة من سكرتير رئيس الوزراء إلى ريتشارد غوزني سكرتير وزير الخارجية بتاريخ 30 يوليو 1991، ما يلي: ناقش رئيس الوزراء مع وزير الخارجية بعد ظهر هذا اليوم احتمال شن عملية عسكرية ضد قدرات العراق النووية والبيولوجية والكيماوية. اتفقا مع رأي وزير الدفاع بأننا يجب ألا – أكرر «يجب ألا» – نضع قواتنا تحت قيادة الولايات المتحدة إلى أن نحل قضية الأهداف (التي سيتم ضربها). اتفق رئيس الوزراء ووزير الخارجية ايضاً على انه على رغم اعتراضات الرئيس (حسني) مبارك، فإذا قررت الولايات المتحدة أن تسير في عمل (عسكري) ضد التجهيزات النووية العراقية، فإننا يجب الا نسمح لتلك الاعتراضات بأن تقف في طريق العملية او في طريق مشاركتنا فيها. ولكن رغم ذلك إذا ما وصلنا الى مرحلة ان العملية صارت مرجحة فإن هناك حاجة للقيام بجهد جاد جدا من أجل اقناع الرئيس مبارك بتأييد الهجمات (أو على الاقل الحصول على رضا ضمني منه). يجب ان يتم تقديم شرح له وللملك فهد (العاهل السعودي) في شكل مفصّل بعض الشيء في خصوص الاهداف (التي ستضرب). قال وزير الخارجية انه يعتقد أن الوقت قد حان من أجل الاتفاق مع الأميركيين على تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن يعطي فرق مفتشي الأمم المتحدة كل المجال الذي يحتاجون اليه (للقيام بمهمتهم). هذا لا يعني طلب قرار يعطي سلطة استخدام القوة. وافق رئيس الوزراء على ذلك. قال وزير الخارجية إننا نسعى ايضاً إلى الحصول على موافقة من الولايات المتحدة على قرار من مجلس الأمن يسمح للعراق بأن يبيع نفطاً تذهب عائداته إلى حساب «اسكرو» ويستخدم أساساً من أجل شراء الغذاء والأدوية. اتفق رئيس الوزراء على هذا المسار أيضاً.
مشاركة :