بين الخيال العلمي ونظرة البعض الساخرة تسلل ترامب بكل نرجسية إلى العقول الرافضة له وأقام مملكته الترامبية العجيبة وتربع على عرش سخافاته التي كشفت هشاشة مواقف الدول العربية ووضعت يدا على نواقص كثيرة.العرب شيماء رحومة [نُشر في 2018/01/06، العدد: 10861، ص(24)] على ما يبدو لن ننتظر طويلا حتى تتحقق نبوءة أن 2018 سنة الذكاء الاصطناعي بامتياز، إذ ظهر على الساحة العالمية روبوت يحاكي طريقة مصافحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليكمل المشهد الفكاهي من سلسلة شطحاته “الغريبة”. قيل إن مهمة الروبوت تتمثل في إعطاء رؤساء العالم لمحة مفصلة عن كيفية أخذ الحذر والحيطة عند مصافحة ترامب. اتخذ هذا الرئيس الوقور عبر مصافحته للآخرين مسارا مختلفا عن المتعارف عليه في أغلب ثقافات ومتجمعات العالم، وعلى الرغم من أن ذلك أوقعه في مواقف محرجة إلا أنه متعصب لرأيه شعاره منذ بدأت حملته الانتخابية “خالفْ تُعرَفْ”. لكن هل سيكتفي الروبوت بتعليم الرؤساء إتكيت مصافحة ترامب فحسب أم أنه سيتجاوز مهامه إلى تعليمهم فن مراقصة أفكاره؟ من السابق لأوانه معرفة ما يمكن لقطعة الخردة هذه أن تقرأه من فلتات ترامب لتكون مرآة العالم الأمينة، وتعطي دورة تدريبية لتعليم الراغبين في وقاية أنفسهم عند مصافحة ترامب يدا ليد. العجيب أن مصممي الذكاء الاصطناعي انتبهوا لضرورة حماية الساسة من يد مصافحهم غريب الأطوار ولم ينكبوا على اختراع وسيلة تكبح جماحه وتغير تسريحة شعره الأشقر وابتسامته اللطيفة وربطة عنقه الطويلة قدر صبر من حوله. وعلى العكس من هؤلاء المصممين تفنن الكثير من النشطاء العرب على مواقع التواصل الاجتماعي في رسم صور وهيئات عجيبة غريبة تخرج من قمقم أفكاره غلبت عليها صور مستوحاة من ملامح الخنزير. كما أنه ظهر عملاقا بكل وقاره في شكل دمية كلب وفق رؤية صينية شعار عامها الجديد سنة الكلب. وبين الخيال العلمي ونظرة البعض الساخرة تسلل ترامب بكل نرجسية إلى العقول الرافضة له وأقام مملكته الترامبية العجيبة وتربع على عرش سخافاته التي كشفت هشاشة مواقف الدول العربية ووضعت يدا على نواقص كثيرة في الخطوط العريضة التي تزين خارطة العالم. أثارت آراؤه العديد من الانقسامات بين مؤيد لها ومعارض واكتفى هو برفع يده تحية تحمل دلالات الانتصار والسخرية فهل للروبوت أن يغوص في رمزيتها وأن يقف على أبعادها؟ فللرجل فلسفته الخفية الخاصة به والتي يراها العالم أجمع بعيون مثل تونسي يقول “ضحكوا عليه ضحك معهم”، ويغمز لها هو بالمثل ذاته معكوسا “ضحك عليهم ضحكوا معه”. والكل “يشطح على طار بوفلس” على رأي راوي القصص الشعبية التونسية عبدالعزيز العروي والعالم ينحدر إلى الهاوية. شيماء رحومة
مشاركة :