متى يجدر بك الرحيل؟ - مها محمد الشريف

  • 10/11/2014
  • 00:00
  • 23
  • 0
  • 0
news-picture

في ضوء هذا العنوان يتعين علينا أن نفهم ضرورة السؤال الملحة ومتى تبدأ الإجابة عليه. إذا كان السعي من أجل التغيير فينبغي التريث، لأن التوتر مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمشكلة السؤال ومن أهم ما جاء به المشروع الفلسفي سعى إلى تمييز الأسئلة الوجيهة ومتى يتوجب طرحها عوضاً عن الأسئلة الزائفة والتخلي عن الإقرارات الخالية من المعنى. أما البحث عن المفترضات الضمنية هنا التي تحرض على الرحيل، فمن الأجدى تقديمها على غيرها بدلاً من التلميحات المستترة، واعتبارها تأثيراً ناجماً عن حياة أخرى تستدعي التغيير في غمرة التفكير بها ولا ندعها قائمة قيد الانتظار والقرار، فإذا فسدت حياة يجب ألا تستمر كما هي، بل يتعين ربط المراكب على شواطئها، والاتصال بالمرافئ الطبيعية يهيئ الفرص فأصغر المسائل استغرقت مراناً طويلاً وفعلاً مستقلاً. فمهما بلغت الأرقام قيمتها العليا وكان أداء مؤشر السوق مرتفعاً فالربح والخسارة واردان في الحياة كالتجارة تماماً، ومتى ما أردت أن تفعل شيئاً فستحصل على أكثر الأسباب قوة لانهيار المصاعب أمامك، فسياسة الغرض المسبق قد تكون مثيرة للاهتمام. كما أن المهارة التي تنهمر إذا خرجت من حيز مصدرها توجب على الذاكرة الاحتفاظ بها فاليوم تذهب الآمال بلا عودة، وتمكث طويلاً بحضرة الاغتراب، وذلك أدى إلى كثرة أوجه التشابه بين الظرف المعاصر الذي يحدد نقطة خلاف هامة شردت العقول المبتكرة. إننا بواسطة الإرادة والإصرار نقرر المصير، فهناك بعض المؤشرات التي يمكن أن توضح دواعي الرحيل فمنها الانحراف الجذري عن المسائل الجوهرية، وتأثير التدفق الاجتماعي المادي وهو واقع يربط مجمل الحياة الأسرية بالاقتصاد والتدابير التي تُؤخذ بشأنه، والأهداف التي باتت مفروضة على الناس من خلفيتهم التاريخية، فتكون الحياة إما وفقاً للأهداف أو وفقاً لتغير التاريخ، والفعل السياسي العالمي الذي يسعى لتدمير ذلك التاريخ، ومن المقلق جداً أن المؤسسات لا تخطط جيداً ولا تخدم هذه الأهداف الشخصية. لقد فقد الناس هذه الخاصية التي تشاركها همومها والعزلة التي يعيشها الفرد وحيداً وسط مجتمعه ومؤسساته، فلم يعد يولي اهتماماً بالمؤسسات أو بالنوايا الأصلية لها لأن العطاء مقترن بالفائدة وزيادة أرباحها من جهده وكده وتعمل من أجل تمكنها من زيادة كفاءتها في خدمة أهدافها فقط. وعندما نبادر إلى تمحيص هذه الغايات فإننا نأمل أن يكون ثمة اتساق يعيد للحياة موقعها الأساسي في خضم هذا التدفق المستمر، وكيف نكتشف وسائل إنقاذه وحل مشكلاته وخصوصاً قبل الشروع في الانتقال والابتعاد عن الاتجاه الاستبدادي للحاجة، وتمكين المرء من إيجاد توليفة رائعة من ثباته فمهما كان التغيير صغيراً ينبغي أن يكون أكثر كمالاً وقابلية، لأنه كلما ابتعد عن صورته الحقيقية صغر التغيير في خصائصه. ومن منظور المنفعة الاجتماعية علينا أن نكبح الاستغلال الأقصى للطبقات المتوسطة والعاملة، للحصول على حياة أكثر ملاءمة واستقراراً ولن نحتاج بعدها إلى مقدمات مطولة لنخوض في طرح مشاكلنا ونناضل بذكاء لنيل المطالب.

مشاركة :