تفاؤل «حذر» في مفاوضات ميركل مع الاشتراكيين

  • 1/12/2018
  • 00:00
  • 147
  • 0
  • 0
news-picture

قبل بدء الجولة الأخيرة من مفاوضات تشكيل الحكومة الألمانية، بين التحالف المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي، عبر كل من المستشارة أنجيلا ميركل، والزعيم الاشتراكي مارتن شولتز، عن تفاؤل حذر في التوصل إلى اتفاق نهائي.توقعت المستشارة المحافظة «يوما صعبا» (...) و«عقبات كبيرة في الطريق ينبغي تذليلها». وتحدثت عن تحضيرات كبيرة سبقت اجتماع الجمعة النهائي، أجراها فريقان للمفاوضات من الطرفين، وقالت: «لكننا نعرف أن علينا التوصل إلى حلول». ووعدت المستشارة، بعد وصولها إلى مقر الحزب الاشتراكي ببرلين، حيث تجرى المفاوضات، بمفاوضات بناءة.وتوقع شولتز «مفاوضات معقدة» قد تستمر إلى وقت متأخر من المساء. وشدد على ضرورة تشكيل حكومة تحدث خرقا في السياسة الأوروبية بالعلاقة مع مقترحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال شولتز إنه يذهب إلى المفاوضات «متفائلاً»، لأنه تم أثناء المفاوضات العثور على العديد من النقاط المشتركة رغم نقاط الخلاف الكثيرة أيضاً.وتكمن هنا ملاحظة أن الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي جرت أمس الخميس، ربما لن تكون الأخيرة فعلاً. إذ اتفق الطرفان المتفاوضان على تمديد فترة المفاوضات، بحسب الاتفاق، إذا تولد الشعور لدى الطرفين بأن التمديد يمكن أن يؤدي إلى اتفاق وشيك.وطبيعي، من الصعب التكهن بما تم التوصل إليه حتى الآن، ولا بشدة الخلاف حول النقاط العالقة بين المحافظين والاشتراكيين. إذ اتفق الطرفان قبل أكثر من أسبوع على إبقاء النتائج طي الكتمان، وعدم تسريب هذه النتائج إلى الصحافة.ويعرف الجميع أن «الضحية» الأولى للاتفاق بين الطرفين كانت سياسة الحكومة في مجال البيئة. وهذا رغم أن ميركل صرحت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنها تعتبر الالتزام بالمقررات الدولية حول البيئة خطا أحمر لا يمكن تخطيه. ويعود الفضل في الكشف عن الاتفاق حول السياسة البيئية إلى رئيس وزراء ولاية الراين الشمالي فيستفاليا أرمين لاشيت، الذي صارح الصحافة حول بعض نقاط الاتفاق. وحصد لاشيت بعدها نقدا لاذعا من الحزبين المتفاوضين، وأثار عاصفة من انتقادات حزب الخضر وحزب اليسار والحزب الليبرالي (الديمقراطي الحر).وتقول مصادر الحزبين إن «سرية» المباحثات كانت النتيجة المنطقية لفوضى التسريبات والتعليقات التي أدت إلى إخفاق المفاوضات بين الاتحاد المسيحي والليبراليين والخضر في تشكيل حكومة أغلبية ثلاثية. ويبدو أن المتفاوضين اتفقوا، بحسب تصريحات لاشيت، على التخلي عن برنامج خفض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 40 في المائة حتى سنة 2020، وكذلك تأجيل النظر في الموقف من حظر الطاقة المستمدة من الفحم، والتخلي عن شعار منع سيارات الديزل والتحول إلى السيارات الكهربائية.وربما يعود هذا الموقف إلى تقرير للمعهد الاقتصادي، نشر في نهاية 2016، بمناسبة مرور 5 سنوات على كارثة فوكوشيما في اليابان، درس العلماء الألمان فيه ما أنجزته ألمانيا في مجال التحول إلى الطاقة البديلة، وتوصلوا إلى أن ألمانيا أخفقت في برامجها حتى الآن، وأنها ستخفق بالالتزامات التي وضعتها على نفسها حتى سنة 2020.وحذر المعهد في الوقت ذاته من قدم بعض المفاعلات النووية الألمانية، ومن استمرار الاعتماد على الطاقة النووية وطاقة الفحم في الحصول على الطاقة الكافية. وجاء في التقرير المعنون «خمس سنوات على فوكوشيما»، أن ألمانيا ستنجح في توسيع وتنمية مصادر الطاقة البديلة، إلا أنها ستخفق في برامجها البعيدة المدى للتحول إلى الطاقة النظيفة.ويشمل الإخفاق في برامج الحكومة الألمانية للمستقبل البيئي للبلد، قضايا خفض سعر الطاقة البديلة، وخفض معدلات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، ومجال السيارات الكهربائية، وفي التخلي التدريجي عن مصادر الطاقة التي تلوث البيئة. وتتركز نقاط الخلاف المعروفة بين الطرفين المتفاوضين على قضايا الموقف من الضرائب والميزانية والهجرة واللاجئين وسوق العمل والتأمين الصحي والتقاعد والسياسة الأوروبية وغيرها.في السياسة تجاه الهجرة واللاجئين يطالب المحافظون بتحديد عدد اللاجئين بنحو مائتي ألف سنوياً، ويريدون التشدد في ترحيل اللاجئين الذين رفضت طلبات لجوئهم، ويدعون إلى التشدد في لم شمل عائلات اللاجئين. ويختلف الاشتراكيون معهم في تحديد عدد معين من اللاجئين سنوياً، كما ينتصرون إلى لم شمل العائلات (تحدث شولتز عن تسهيل لم شمل 70 ألفا هذا العام).ويعتبر اختلاف وجهات النظر في قضايا الهجرة واللجوء من أهم العقبات التي تعترض تشكيل حكومة التحالف العريض بين الاتحاد المسيحي والاشتراكيين.ويتفق الطرفان في الموقف من تعزيز سياسة الاتحاد الأوروبي، وعلى التعاون مع الرئيس الفرنسي ماكرون في هذا المجال، لكنهما يختلفان في الموقف حول استحداث ميزانية أوروبية مشتركة لمنطقة اليورو.ويرى الاشتراكيون زيادة الضرائب على الأثرياء، واستخدام الفائض في الميزانية العامة، من أجل دعم المشاريع الاجتماعية والصحية. ويعتقد المسيحيون بضرورة خفض الضرائب عموما ومضاعفة الميزانية العسكرية التي يرفضها الاشتراكيون.ويرفض المسيحيون، خصوصا الاتحاد الاجتماعي المسيحي، مقترح الاشتراكيين الداعي إلى المساواة بين الفقراء والأغنياء في التأمين الصحي عن طريق توحيد شركات التأمين الصحي الخاصة والعامة. ويعتبر الاشتراكيون هذا المقترح حجر الأساس في سياستهم الاجتماعية الصحية. وأكد فولفغانغ شتايغر، من المجلس الاقتصادي في الحزب الديمقراطي المسيحي، ضرورة خفض الضرائب عموما وعدم رفعها على الأثرياء. وتوقع الخبير الاقتصادي أن تحقق الميزانية بين 2016 و2021 فائضا قدره 140 مليار يورو.

مشاركة :