ما زالت الاحتجاجات في إيران مستمرة لأكثر من أسبوعين حتى كتابة هذا المقال، والتي انطلقت شرارتها يوم الخميس (28 ديسمبر 2017) في مدينة مشهد شمال شرقي البلاد في البداية، ثم امتدت الى عدة مدن بما فيها العاصمة طهران. بدأت اقتصادية، احتجاجاً على ارتفاع الاسعار وعلى السياسات الاقتصادية لحكومة حسن روحاني، وسريعاً ما تحولت إلى مظاهرات سياسية راديكالية تطالب بإسقاط النظام وترفع شعارات مثل «الموت لروحاني»، و«الموت للديكتاتور»، و«لا غزة ولا لبنان»، و«فداك إيران». وأعتقد أن السياسي والاقتصادي في الازمة الايرانية مرتبطان ارتباطا وثيقا. فسياسة حافة الهاوية التي اتبعها النظام الايراني سواء السياسة النووية التي أنفقت عليها الحكومة مليارات الدولارات، وصلت الى اكثر من 200 مليار دولار على مدى العقد الماضي، أو التدخلات الثورية في الدول الاخرى التي أنفقت عليها الحكومة كذلك مليارات الدولارات في محاولة منها لترسيخ شرعيتها الداخلية وتعزيز الاستقرار (التماسك) الداخلي وزيادة نفوذها، أكاذيب انكشفت وتآكلت ولم تعد تنطلي على المواطن الذي بدأ يعلو صوته ويطالب النظام بكل جرأة بوقف التدخلات واستنزاف مليارات الدولارات في حروب لا فائدة يجنيها منها سوى عداوات العالم وحصار وعقوبات اقتصادية. في مقابل هذا الاستنزاف الكبير من المليارات على التسلح النووي والتدخلات في المنطقة، يعيش اكثر من 40 مليون إيراني تحت خط الفقر، أي نصف عدد السكان البالغ عددهم 80 مليوناً، بحسب رئيس لجنة «الخميني» الإغاثية الحكومية في ايران، برويز فتاح. كما ان نسبة البطالة في ايران وصلت الى 12%، بينما وصلت النسبة في بعض المدن مثل محافظتي كرمانشاه (الكردية) والأهواز (العربية) وبلوشستان إلى 60% كما صرح بذلك وزير الداخلية الإيراني، عبدالرضا رحماني فضلي. اضف الى ذلك فسادا حكوميا مستشريا في كل مفاصل الدولة بسبب هيمنة اقلية حاكمة على مقدرات الدولة. فبحسب مؤسسة «بورغن» غير الحكومية والتي تعنى بمكافحة الفقر حول العالم، كشفت في إحصائية في سبتمبر 2017 ان نسبة 5% فقط من إجمالي سكان البلاد تستحوذ على معظم مقدرات الدولة والمتركزة بيد المرشد وحاشيته وكبار المسؤولين وعوائلهم، في حين 95% من الشعب يعيشون في الفقر، حيث تقدر ثروة المرشد بحوالي 95 مليار دولار أمريكي. وأخيرا، هل يصح لبلد يصدر أكثر من 4 ملايين و500 ألف برميل من النفط يوميا ان يعيش شعبه في هذا البؤس وهذا الفقر وهذا التهميش بسبب نظام ثيوقراطي فاسد أدخل البلد في حروب بلا نهاية وأشعل المنطقة وأدخلها في فوضى، لا تجد اي بلد يعاني من ويلات او ازمات الا وتجد يدا لإيران به في العراق في لبنان في سوريا في اليمن، أقاصي الشرق والغرب. أصبحت ايران، بشهادة العالم كله، اكبر داعم وممول للإرهاب في العالم. الا يحق لهذا الشعب ان يعيش حياة كريمة متطلعا الى علاقات طبيعية مع العالم ويكسب احترام المجتمع الدولي ويتمتع بتنمية حقيقية على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية. والامر بسيط جدا لا يحتاج سوى ان تقوم ايران بتغيير سياستها في المنطقة وذلك بالتوقف عن التدخلات في الشؤون الداخلية للدول، الالتزام بمبادئ حسن الجوار والقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، وعدم احتضان وإيواء الجماعات الإرهابية على أراضيها وعدم إشعال الفتن الطائفية ودعم الميليشيات الإرهابية في المنطقة بما يكفل الحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها.
مشاركة :