تركيا تتخبط في خيباتها في سوريا بقلم: سلام السعدي

  • 1/13/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ضرب حليفا أنقرة، روسيا وإيران، عرض الحائط باتفاقيات خفض التصعيد متجاهلين التحذيرات التركية. ولكن، لا جديد في هذا الأمر فمنذ سبع سنوات وتركيا تنتقل من خيبة إلى أخرى في سوريا.العرب سلام السعدي [نُشر في 2018/01/13، العدد: 10868، ص(8)] عادت تركيا لدعم فصائل المعارضة السورية المسلحة في شمال سوريا ضد الهجوم العسكري الواسع الذي ينفذه النظام السوري وحلفاؤه لاستعادة محافظة إدلب. ضرب حليفا أنقرة، روسيا وإيران، عرض الحائط باتفاقيات خفض التصعيد متجاهلين التحذيرات التركية. ولكن، لا جديد في هذا الأمر، فمنذ سبع سنوات وتركيا تنتقل من خيبة إلى أخرى في سوريا. بعد نحو عام على بداية الثورة السورية في العام 2011، قطعت تركيا جميع علاقاتها مع النظام السوري وبدأت بدعم المعارضة العسكرية التي تهدف إلى إسقاطه. مثل ذلك تحولاً كبيراً في السياسة التركية في المنطقة، إذ سبق ذلك نحو ست سنوات من التعاون الوثيق بين دمشق وأنقرة. فتح الرئيس السوري بشار الأسد أسواق بلاده للبضائع التركية وسمح للاستثمارات بالدخول لتأسيس مشاريع جديدة ضمن سياسة الانفتاح الاقتصادي رغم الأضرار الاقتصادية الكبيرة على شرائح واسعة من الشعب السوري. وبالمقابل التزم رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت، بدعم أطراف ما كان يسمى بـ”محور الممانعة”، ويشمل سوريا وإيران وحزب الله. ساندت تركيا مطالب إيران بامتلاك التكنولوجيا النووية ورفضت سياسات الحصار الاقتصادي ضدها وتطورت العلاقة الاقتصادية بين الجانبين بصورة غير مسبوقة. كما ساند أردوغان حزب الله اللبناني، وخصوصا أثناء العدوان الإسرائيلي في صيف العام 2006. بعد اندلاع الثورة السورية، حاولت تركيا إنقاذ هذا التحالف الاستراتيجي. انطلقت أنقرة من أن ما يحدث هو ثورة شعبية لن يتمكن النظام السوري من إخمادها لأنها تأتي في سياق الربيع العربي. وبالتالي، فإن الإصلاح السياسي هو ضرورة لإنقاذ مصالحها في سوريا. رفض النظام السوري المقترحات التركية بإصلاح سياسي هامشي وهو ما دفع أنقرة في نهاية العام 2011 إلى التحول نحو مسار جديد وإنشاء تحالفات جديدة. بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، دعمت تـركيا عددا كبيرا من فصائل المعـارضة العسكرية في شمال سوريا من خلال غرفة عمليات عسكرية أشرف عليها الجانبان. وارتفع العداء التركي ضد إيران وروسيا، حيث دعم كـل منهما طرفاً من أطراف الصراع. وصلت العلاقات التركية الروسية حد الصدام المباشر حين أسقطت تركيا الطائرة الحربية الروسية في نهاية العام 2015. بعد ذلك، قررت الولايات المتحدة تركيز دعمها العسكري والسياسي على المقاتلين الأكراد في شمال البلاد، وهو ما اعتبرته تركيا خيانة. ودفعها ذلك إلى تغيير مسار تحالفها من جديد والتقارب مع كـل من روسيا وإيران، العدوّيْن السابقين، وابتكار مسار جديد للحل السياسي هو مسار أستانة. تضمن مسار أستانة اتفاقا ضمنيا بين روسيا وإيران وتركيا يتعلق بتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ مؤقتة ووقف القتال بين النظام والمعارضة. وتخلت تركيا بموجب ذلك عن مدينة حلب حيث سمحت بسقوطها في قبضة النظام وحلفائه عندما امتنعت عن دعم المعارضة العسكرية التي كانت تتصدى للهجوم. وبالمقابل وافق الروس والإيرانيون على دخول محافظة إدلب تحت الهيمنة التركية. استفاد النظام السوري من مناطق خفض التصعيد، حيث مكنه ذلك من تركيز جهوده القتالية ضد تنظيم داعش وخصوصاً في ظل محاولات قوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من واشنطن، استعادة مناطق ذلك التنظيم. وما إن فرغ النظام وحلفاؤه من قتال داعش حتى عاودوا الهجوم على المعارضة السورية في الشهر الماضي متجاهلين اتفاقيات خفض التصعيد مع تركيا. تقدمت قوات النظام السوري مدعومة بالميليشيات الإيرانية والطيران الروسي خلال الأسابيع الماضية بصورة واسعة وسريعة في ريفيْ حماه وإدلب. وأصبحت مدينة إدلب، التي كانت كل من إيران وروسيا قد وافقتا على إدخالها في نظام وقف التصعيد، على وشك السقوط بيد القوات المهاجمة، وهو ما سيتسبب بتهجير ملايين السوريين إلى تركيا. من جديد، شعرت تركيا بالخيبة والهزيمة ودفعها ذلك، بعد تردد شديد، إلى دعم هجوم عسكري واسع للمعارضة السورية ضد حليفيْها السابقين، روسيا وإيران. وتتحدث التقارير اليوم عن أن تركيا زودت قوات المعارضة، بعد استثناء جبهة النصرة، بعربات عسكرية مدرعة وقاذفات صواريخ وأسلحة وذخائر بكميات كبيرة. ويعتبر ذلك بمثابة عودة لسياسة المواجهة من جديد مع حلفاء النظام والتي اختفت تماما منذ اتفاقيات أستانة. نجح هجوم المعـارضة المدعـوم تركيا حتى الآن في استعادة عدد كبير من القرى التي كانت قد سقطت بيد النظام السوري خلال الأيـام الماضيـة. ويعتمد استمرار نجـاح المعارضة على طبيعة التدخل الروسي في المعـركة. فإذا قررت موسكو الـدفع بقواتها الجـوية وتصعيد حملة القصـف ضـد المعارضة بتنسيق مع إيران والنظام، فمن المتوقع أن يواصل هذا التحالف تقدمه في مناطق المعارضة حتى في ظل الدعم التركي. ولكن تركيا قد تقرر الالتزام باتفاقها مع روسيا بما يعطي إشارة لإيران والأسد حول أهمية دورها العسكري في سوريا. وفي جميع الأحوال، تبدو تركيا خاسرة، وتتابع التخبط في خيباتها. كاتب فلسطيني سوريسلام السعدي

مشاركة :