لو نظرنا الى واقعنا الحالي بكل تجرد وبلا عاطفة وحكمنا العقل لوجدنا أن المملكة مرت بظروف لا يمكن ان تتحملها دول متقدمة سبقتنا في كل شيء اقتصادياً وتقنياً وفنياً وفي مجال الاستثمار والبنى التحتية والصحة والتعليم. فكثير من الدول واجهت أزمات سياسية واقتصادية وانهار معظمها وبقي البعض الآخر رهن الديون والبحث عن مصادر للتمويل والإقراض بفوائد جائرة عن طريق صندوق النقد الدولي او عن طريق دول عظمى لازالت متماسكة. منذ الأزمة العالمية والتي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008م والدول تتساقط بما فيها دول أوروبية ميزانية بعضها يعادل ميزانية الدول العربية مجتمعة مثل أسبانيا وإيطاليا واليونان وإيرلندا والبرتغال وتحتاج الى سنوات وربما لعقود لتنهض من جديد، وحتى أمريكا عانت ولجأت الى التقشف. نحن أمام حالة استثنائية جديرة بالدراسة والاستفادة من تجربتها واقصد فيها المملكة العربية السعودية التي تجاوزت كل الأزمات السياسية المحيطة بالمنطقة والأزمات المالية العالمية. ميزانيتنا والحمد لله في تصاعد منذ الأزمة المالية وحتى يومنا حيث تجاوزت تريليون ريال وأصبح هناك فائض رغم زيادة مخصصات التعليم والصحة والإسكان ومشاريع البنى التحتية بدءاً من المدينتين المقدستين وانتهاء بمحافظات وقرى المملكة. هذا من فضل الله علينا وكرمه، ومهما قال من قائل ان النفط هو السبب ولا شيء آخر لدينا فهو كلام غير واقعي فهناك دول لديها بترول يتناسب مع حجمها وعدد سكانها ولا زالت تستدين من الدول الكبرى والتنمية لديها بطيئة، والحقيقة ان لدينا أشياء كثيرة وهي في طور النمو والازدهار ومنها تنويع مصادر الدخل وإصلاح التعليم والصحة ودعم برامج الإسكان بالإضافة الى العنصر البشري وغالبيته من الشباب وهي مسألة وقت وسنرى نتائجها في المستقبل المنظور بإذن الله. الاستمرار في تطوير مشاريع توسعة الحرمين ومشاريع الطرق خارج وداخل المدن ومشاريع السكك الحديد والإسكان والقروض العقارية ومضاعفة ميزانيات الصحة والتعليم والتوسع في بناء وافتتاح المدارس والجامعات والكليات والمستشفيات الجديدة كلها ستؤتي ثمارها وستخدم الأجيال القادمة لعقود طويلة. آخر الأمثلة خدمة حجاج بيت الله الحرام وزوار المدينة المنورة حيث تسخر المملكة كل إمكاناتها لتمكينهم من أداء مناسكهم بيسر وسهولة حيث استثمرت مئات المليارات لتطوير مكة المكرمة والمدينة المنورة وتوفير البنى التحتية المناسبة التي تحقق هذه الغاية حتى أصبحت مثالا يحتذى في إدارة الحشود وتوفير المناخ الملائم صحيا وتوفير وسائل الراحة في مساحة ضيقة ومدة زمنية وجيزة. بقي تقدير هذه الجهود التي تقوم بها الدولة من أبناء الوطن أولا قبل الحاج والمعتمر والزائر والمقيم حتى ولو كان هناك قصور في مجال واحد او عدة مجالات. وجب أن نكون عوناً لتحقيق أهدافنا والبقاء متماسكين في السراء والضراء.. وهذا ما يجعلنا خارج نطاق الأزمات بإذن الله.
مشاركة :